زاد الاردن الاخباري -
رغم اتفاق حزبي “الليكود” و”أزرق- أبيض” على تشكيل حكومة جديدة، ترجح أوساط سياسية وإعلامية في إسرائيل أنها تتجه لانتخابات عامة رابعة في ظل عقبات متوقعة وغير متوقعة وأزمة ثقة كبيرة بين الطرفين، خاصة أن المهلة الممنوحة للانتهاء من تشكيل الحكومة تشارف على الانتهاء.
ونقلت صحيفة “إسرائيل اليوم” المقربة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن مصادر في “الليكود” قولها إن الاتفاق مع “أزرق- أبيض” من شأنه الانهيار.
ومن جملة الأسباب التي ساقتها المصادر، أن المعارضة بقيادة تحالف “هناك مستقبل- تيلم” طرحت آلاف الاستجوابات على طاولة البرلمان بغية إعاقة عمله، وإشغاله كي لا ينجح بتشريع القوانين الخاصة بالإئتلاف الحكومي قبل الموعد القانوني النهائي للإعلان عن تشكيل حكومة يوم الأربعاء القادم.
ونقلت الصحيفة التي تشكل بوقا لنتنياهو عن مصدر في “الليكود” قوله إن هناك مصاعب كبيرة في التغلب على العقبات الإجرائية القائمة مما يجعل خيار الذهاب لانتخابات جديدة خيارا واقعيا ومطروحا. يشار إلى أن هناك لجنة داخل الكنيست تعرف بـ”لجنة التحويلات” برئاسة نائب عن “أزرق- أبيض” هي التي تتولى مهمة إدخال تعديلات معقدة على قوانين أساس خاصةٍ بعمل الحكومة ورئيسها في دولة الاحتلال.
ونظرا لكثرة المشاكل وكون المهمة معقدة ولقلة المهلة الزمنية المتبقية حتى الثاني من مايو/ أيار الوشيك، هناك قلق لدى قادة “الليكود” بأن اللجنة ستفشل في مهامها وفق مزاعم الصحيفة المقربة من نتنياهو، وهذا ما يعتبره مراقبون محاولة من قبل نتنياهو لإبعاد الشبهة عنه بأنه غير راغب فعلا بانتخابات وحدة ولتحضير الرأي العام بأن إسرائيل تتجه لانتخابات جديدة، محملا المسؤولية للمعارضة ولفشل “أزرق- أبيض”.
وحسب “إسرائيل اليوم” ترجح قيادة “الليكود” أن المحكمة العليا لن تمتنع عن التدخل في القوانين الأساسية التي تخضع لعملية تعديل كي تتيح تشكيل الحكومة مما يزيد مصاعب تشكيلها.
ومن ضمن التغييرات المطروحة في الكنيست اليوم، قانون يعرف بـ”القانون النرويجي الموسع” الهادف للسماح باستبدال نائب يستقيل من الكنيست بنائب آخر من حزبه حتى لو لم يكن يليه في القائمة بخلاف ما هو موجود اليوم، مما يهدد بانهيار الاتفاق بين الحزبين.
كذلك هناك مخاوف لدى “الليكود” بأن تتدخل المحكمة العليا في قضية نتنياهو ورئاسته للحكومة أو قائم بأعمالها لاحقا، وهو متهم اليوم بالفساد، مما يعني إعاقة إضافية لعملية تشكيل الحكومة قبيل انتهاء المهلة المعطاة.
ومن أجل منع انتخابات رابعة هناك حاجة لأن يوقع 61 من 120 نائبا على الأقل توصيةً بتكليف نتنياهو لتشكيل حكومة بعدما يكون قد فشل بيني غانتس بذلك رسميا.
وفي مثل هذه الحالة، سيواجه “أزرق- أبيض” خيارين أحلاهما مرّ، الأول هو المشاركة في تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة قبل استكمال تشريع القوانين الخاصة بالائتلاف الحاكم، وتأمين تنحي نتنياهو وعدم نكثه لوعده بالاستقالة بعد عام ونصف، وهذا يعني الدخول في مغامرة تتيح لنتنياهو أن يفعل ما يشاء وسط توقعات بأنه لن يلتزم عندئذ باتفاق التناوب، ولن يستقيل لصالح غانتس حسب الاتفاق السياسي بينهما.
أما الخيار الثاني فهو عدم التوقيع وعدم التوصية على نتنياهو، مما يعني الانزلاق لانتخابات رابعة يخوضها بيني غانتس وهو ضعيف وبطة عرجاء بعد انشطار تحالفه الأصلي “أزرق- أبيض” بعدما شهد انقساما حادا حول إقدام غانتس على مفاوضات مع نتنياهو لتشكيل حكومة وحدة بعكس رغبة نصف شركائه.
كذلك يشير مراقبون لاحتمال أن يمنح نتنياهو هذه التوصيات من قبل أغلبية بما في ذلك “أزرق- أبيض” ولكن عندئذ من المحتمل أن تتدخل المحكمة العليا وتلغي الاتفاق بين “الليكود” و”أزرق- أبيض” وفي حال ألمحت هذه بأنها لن تتدخل، فمن المنتظر أن يعلن عن تشكيل حكومة نتنياهو الخامسة في 13 مايو/ أيار القادم.
** مصاعب دستورية
وعلى خلفية كل ذلك، يرى محللون أن موعد إقامة حكومة بنيامين نتنياهو الخامسة، بشراكة بيني غانتس وحزبه “أزرق- أبيض” ما زال مجهولا، نظرا إلى حاجة الائتلاف المتبلور إلى تعديل قوانين أساس، تتطلب أغلبية 61 نائبا على الأقل، قبل أن تقدّم الحكومة أوراقها للكنيست بهدف المصادقة عليها، ومن ثم التصويت على تركيبتها.
ويعلل هؤلاء دخول إسرائيل للمجهول بالإشارة إلى أن الهيئة العامة في الكنيست شرعت بمعالجة بعض هذه القوانين، قبل أن يتم طرح كامل الاتفاقية على جدول أعمال الكنيست، في الوقت الذي تنظر فيه المحكمة العليا في التماسات ضد اتفاقية تشكيل الحكومة، نظرا لما فيها من مشاريع قوانين تنقض قوانين أساس، وتقوّض نشاط كتل المعارضة في الكنيست.
وقالت مصادر في أروقة الكنيست، إنه على ضوء تعقيدات تشكيل الحكومة من حيث سن القوانين اللازمة، فإن الشركاء المفترضين في الحكومة، وخاصة كتلتي الليكود وأزرق أبيض، ووحدهما تضمان 69 نائبا، سيعرضون على رئيس الدولة رؤوفين ريفلين طلب تكليف بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة من أجل كسب أسبوعين آخرين.
يشار إلى أن ريفلين كان قد استخدم صلاحياته، ونقل مهمة تكليف نائب لتشكيل الحكومة إلى الكنيست بعد أن فشل غانتس نفسه، وهي مهلة تمتد لـ21 يوما، وتنتهي مساء 6 مايو/ أيار المقبل. ولهذا إذا لم تنته مهمة تشكيل الحكومة حتى يوم الأربعاء القادم، سيتم تقديم طلب تكليف نتنياهو في ذلك اليوم، ليحصل وفق القانون على مهلة 14 يوما إضافيا، للانتهاء من تشكيل الحكومة.
** مشاكل في الليكود واليمين
ويواجه تشكيل الحكومة من حيث التركيبة الحزبية، ومن حيث التركيبة الاسمية في حزب الليكود، عدة تعقيدات. وينص اتفاق الائتلاف على أن عدد الحقائب الوزارية لليكود وحلفائه من جهة، و”أزرق أبيض” وحلفائه من جهة أخرى، 16 حقيبة لكل طرف، بما فيها منصبا نتنياهو غانتس.
وفي حين أن “أزرق- أبيض” ومعه حزب العمل وكتلة “ديرخ إيرتس” ( النائبان المنشقان عن “أزرق- أبيض” هندل وهاوزر)، لديهم فائض من مناصب وزارية وبرلمانية، فإن الأزمة شديدة في الليكود ذاته ومع حلفائه.
ويضم تحالف “الليكود” 59 نائبا لخمس كتل برلمانية، أصغرها كتلة النائبة الوحيدة أورلي ليفي- أبكسيس، وحتى الآن باتت مضمونة مشاركة كتلتي المتدينين المتزمتين شاس ويهدوت هتوراة، فيما سيتم إسناد منصب برلماني للنائبة أبكسيس.
والمشكلة العالقة ستكون مع تحالف “يمينا” برئاسة وزير الأمن نفتالي بينيت (6 نواب) وهو مكون من ثلاثة أحزاب من اليمين الاستيطاني المتطرف، ويهدد بينيت بعدم المشاركة في الحكومة.
وقال في تصريحات صحافية إنه كما يبدو أن نتنياهو ليس معنيا بمشاركة تحالفه في الحكومة. ويطالب تحالف “يمينا” بثلاث حقائب وزارية، ولكن هذا سيكون شبه مستحيل لدى نتنياهو، لأنه لن يتبقى شيء لحزب الليكود الذي فيه أيضا تسود حالة قلق بين شخصياته البارزة.
ولهذا من الوارد جدا أن يعرض نتنياهو على “يمينا” تمثيلا في الحكومة أقل من توقعاتها، بغية دفعها خارج الحكومة، إذ إنه يضمن تأييدها لكل المشاريع اليمينية المتطرفة، مثل مشروع ضم المستوطنات ومناطق شاسعة في الضفة من خارج الحكومة.
** عدد المرشحين أكثر من الحقائب
أما في الليكود، وكما ذكر، فإن القلق يسود كتلته، إذ إن عدد الحقائب الوزارية المتبقية لا يكفي عدد الذين يتولون حاليا مناصب وزارية، فيما ستجد شخصيات بارزة في الليكود نفسها إما مع فتات حقائب وزارية، أو حتى خارج تركيبة الحكومة كليا.
وكما جرت العادة، فإن توزيع الحقائب على نواب الليكود سيكون في الساعات الأخيرة للإعلان عن تشكيل الحكومة.
يشار في هذا السياق، إلى أن حزب العمل، أعلن أن 64% من أعضاء المجلس المركزي أيدوا الانضمام إلى حكومة نتنياهو وغانتس، في عملية تصويت إلكترونية، شارك فيها 90% من أعضاء المجلس البالغ عددهم 3840 عضوا، وسط شبهات بأن عملية التصويت الإلكتروني فيها ثغرات تسمح بالتزوير، وجاءت النتيجة وفق توقعات رئيس حزب العمل عمير بيرتس.
** قطاع غزة
يشار إلى أن كتلة العمل التي تضم 3 نواب منقسمة، إذ إن من يوافق على الاتفاقية هما عمير بيرتس، الذي سيتولى حقيبة الاقتصاد، وزميله إيتسيك شمولي، الذي سيتولى حقيبة الرفاه، فيما تعارض الاتفاقية ميراف ميخائيلي، التي قالت إنها بذلت جهدا لإقناع أعضاء الحزب بالتصويت ضد الاتفاقية.
وتبين من تفاصيل الاتفاقية المبرمة بين بيرتس وغانتس، أن كتلة العمل ستكون ضمن تحالف “أزرق- أبيض”، وليس لها الحق في الاعتراض على أي قرار حكومي، أو الانخراط في مسعى لإسقاط الحكومة.
ولن يكون لحزب العمل حق الاعتراض، وحق حرية التصويت على قانون ضم المستوطنات ومناطق شاسعة في الضفة المحتلة. كما أنه محظور على الحزب أن يصوت ضد الحكومة، أو أن يشارك في مسعى لإسقاط الحكومة وحل الكنيست قبل الموعد المقرر لها بالاتفاقية.
كما ظهر في الاتفاقية الثنائية بين بيرتس وغانتس، أن الحزبين يدعوان إلى تغيير طريقة التعامل مع قطاع غزة وحركة حماس، وهذا النص يندرج مع تصريحات كل قادة “أزرق- أبيض” في جولات الانتخابات الأخيرة، والتي طالبوا فيها حكومة نتنياهو بوقف الترتيب القاضي بإدخال أموال من قطر إلى قطاع غزة. كما يعمل الحزبان على تعيين وزير عربي من أتباع حزب “العمل”.