زاد الاردن الاخباري -
“رمضان وهذه الأيام كانت الأجمل بالنسبة لي في الأعوام السابقة، وكل ما قبل انتشار جائحة كورونا”، بهذه العبارة بدأت رانيا حديثها عن شعورها هذا العام، وهي تعيش في إحدى الدول العربية، وتنتظر كما كل عام بفارغ الصبر قدوم فصل الصيف، والاستعداد للسفر، وقضاء الإجازة بين أهلها وأقاربها والأصدقاء.
تقول رانيا “منذ خمس سنوات، وفي هذه الفترة تحديدا، أبدأ تجهيزاتي أنا وعائلتي، وتحضير حقائب السفر، والتسوق بشراء الهدايا، وكل ما ينقص الأبناء من مستلزمات الصيف، فتنتشر أجواء السعادة والفرح في المنزل طوال الوقت بانتظار قدوم ساعة السفر والتوجه إلى بلادنا الحبيبة”.
وتضيف “أما الآن، فما يحدث هو العكس تماما”، مبينة أن الأزمة التي حدثت في العالم بسبب فيروس كورونا ومنع السفر والإجراءات المشددة حماية للأفراد من انتشار المرض؛ بددت كل أحلام المغتربين، وجعلتهم لا يعرفون ما هو مصير “صيفهم” هذا العام، وما اذا كانوا سيلتقون بعائلاتهم وأصدقائهم أو لا.
وتتابع، هذا الأمر صعب جدا على العائلات، فلا أحد يعرف شعور المغترب ورغبته وانتظاره الطويل لقضاء الإجازة وسط الأحباب، واللقاءات العائلية التي لا تعوض وجلسات الصيف، وحتى المناسبات والأفراح التي كان يتم تنظيم وقتها تزامنا مع عودة المغتربين.
إبراهيم عبدالله هو شخص آخر يعمل في إحدى دول الخليج، ويعيش بمفرده هناك، وعند سؤاله عن شعوره لهذا العام، قال إنه طوال الأعوام السابقة، وعقب عودته من الإجازة الى عمله يقوم بتعليق “الروزنامة” على باب خزانته، ويبدأ بشطب الأيام.. يوما تلو الآخر، من أجل تخفيف المدة وتقريب مدة السفر، مبينا أن هذا الأمر يبعث بنفسه الأمل، ويشحنه بالطاقة التي تمكنه من التغلب على مشاعر الحنين لبلده وعائلته.
غير أنه هذا العام لا يعرف الى متى سيستمر في شطب الأيام، فهو لا يعرف متى ستنتهي هذه الأزمة وتعود الحياة لطبيعتها، مبينا أن كل الأخبار غير مبشرة بإمكانية السفر والعودة الى الى الأهل بوقت قريب، وهو الأمر الذي ينعكس على حالته النفسية كثيرا.
ويضيف إبراهيم أن ما يصبره على الغربة والعمل هو أنه في كل مرة يحبط بها، يتذكر أنه سيسافر وسيجتمع بعائلته وأصدقائه، وهو الأمر الوحيد الذي يشنحه بالطاقة الإيجابية، ويجعله يتحمل الغربة، لكن الآن لا يعرف فعلا متى سينتهي هذا الكابوس.
هند إسحاق مغتربة أخرى، تقول “إن هذا العام ليس كأي عام على الإطلاق، فهذه الفترة في السنة، كل العائلة لا يشغلها سوى أمر واحد، وهو الحديث عن موعد السفر والبحث في شركات الطيران عن مواعيد الرحلات، ومعرفة بدء الدوام الدراسي القادم، من أجل البقاء في الإجازة أطول مدة ممكنة”.
وتضيف “كان اليوم الذي يتم فيه تأكيد حجز الطيران، وعودة زوجي، وهو يحمل بطاقات السفر يعد من أسعد الأيام في حياتنا، للكبير والصغير”، مبينة أن هذا العام مختلف كثيرا بكل ملامحه، وكذلك الطقوس التي اعتادوا عليها في هذه الفترة، وما عليهم سوى الانتظار والدعاء أن يأتي يوم وينتهي هذا الوباء وتعود الحياة لما كانت عليه.
وتتابع، المغترب يعيش مشاعر كثيرة طوال فترة غيابه، إلا أن الأمر الوحيد الذي يهون عليه هذه المشاعر ويبددها هو انتظاره للإجازة والسفر والعودة الى ربوع وطنه واحتضان عائلته ولقاء أصدقائه، ووضع برامج للترفيه والتنزه خلال فترة الإجازة، الا أن كل ذلك غير موجود لهذا العام، بانتظار لحظة الفرج.
لعل هذا هو حال كثير من المغتربين في مختلف دول العالم الذين يعيشون طوال العام على أمل واحد، وهو العودة لقضاء الإجازة في بلدانهم، بين أهلهم ووسط أصدقائهم، بل ويعتبرون هذه الأوقات أجمل لحظات حياتهم وأكثرها صدقا، وما يسعون من أجله طوال العام، إلا أن الحال هذا العام مختلف، والسبب أزمة فيروس كورونا الذي اجتاح العالم، وغير حال الكثيرين، وأصبح التخطيط للمستقبل أمرا مجهولا وغير معروف مصيره.
وفي ذلك، يذهب الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي إلى أن المغتربين حاليا يواجهون مشكلتين الأولى، هي الحنين والشوق للأهل والأقارب والأصحاب ولوطنهم الأم، وكذلك الحالة النفسية الآن، خصوصا بوجود فترة العيد ورمضان، والتي تأتي جائحة كورونا لتمنعهم من قضاء تلك الفترات كما خططوا لها، أو كما اعتادوا كل عام وسط أهلهم وأصدقائهم وفي أوطانهم.
ويضيف، الضرورة الآن تتطلب من الناس البقاء في أماكنهم، والحفاظ على صحتهم، والالتزام بكل قواعد الصحة والسلامة العامة، مبينا أن كل دولة الآن تتبع إجراءات معينة وإن كانت مشددة، خصوصا فيما يخص السفر والتنقل، لكنها جاءت أولا وأخيرا من أجل سلامة مواطنيها.
ويشير الخزاعي الى أنه ليس باليد حيلة سوى ملازمة كل عائلة البلد الذي تقيم به، ومحاولة التغلب على الحنين والشوق، والذي هو ليس بالأمر السهل، لافتا الى أن لهفة السفر لا يعوضها شيء، لكن يجب التغلب عليها من خلال الإبقاء على التواصل مع العائلة والأصحاب، وتقبل هذا الظرف سواء من قبل المغتربين أو من قبل أهاليهم الذين ينتظرون قدومهم كل عام، والإيمان بأنه ظرف استثنائي، وسيمر، وستعود الحياة الى طبيعتها، وينعم الجميع بأيام جميلة وسط عائلاتهم، ويعوضون كل ما فاتهم.
مجد جابر - الغد