زاد الاردن الاخباري -
فرّقت الشرطة في سويسرا وبولندا السبت تظاهرتين خرجتا للاحتجاج على تدابير مكافحة فيروس كورونا المستجد، ومن ضمنها حزم المساعدة الاقتصادية، فيما تثير موجة احتجاجات متنامية في ألمانيا قلق كثيرين ومن ضمنهم المستشارة أنغيلا ميركل.
واستعملت الشرطة البولندية الغاز المسيل للدموع ضد بضع مئات من المتظاهرين قبل أن توقف عددا منهم.
وقال المتحدث باسم الشرطة سلفيستر مارجاك إن ما جرى "تجمّع غير قانوني" في زمن انتشار الوباء.
وقال منظمو التظاهرة على صفحتهم على فيسبوك إنهم مستقلون عن أي حزب سياسي، واعتبروا أن مبادرتهم تمثل "سخطا جماعيا سببته ضخامة الانتهاكات للحقوق والحريات المدنية".
وانضم الى التظاهرة مستثمرون غاضبون من حجم المساعدة الحكومية للاقتصاد التي اعتبروها غير كافية.
وتبنت السلطة القومية المحافظة في بولندا عند بداية الوباء في آذار/مارس سلسلة تدابير وقائية تحدّ خصوصا من حرية تنظيم التجمعات العامة.
الشرطة السويسرية تفرّق تظاهرة ضدّ تدابير الحجر في برن
كما فرّقت الشرطة السويسرية السبت متظاهرين تجمعوا قرب مقر الحكومة في برن للاحتجاج على تدابير مكافحة فيروس كورونا المستجد في البلاد.
وأودى وباء كوفيد-19 بأكثر من 1600 شخص من إجمالي 8,5 ملايين نسمة، ويمنع في سويسرا أيّ تجمع يضم أكثر من خمسة أشخاص، وإن كان عفويا.
لكن منذ مطلع أيار/مايو، تزايدت الدعوات الى التظاهر على غرار ما يحصل في دول أخرى. وجرت تظاهرتان سابقتان في برن.
والسبت، جرت احتجاجات في عدة مدن سويسرية. وفي برن، أغلقت الشرطة مدخل القصر الفدرالي الذي يضم مقر الحكومة والبرلمان، وفق ما أفاد مصور لوكالة فرانس برس.
واعتبر متظاهرون أن تدابير الاغلاق تنتهك حقوقهم الأساسية. واوقفت الشرطة عشرات منهم ووضعتهم في عربات خاصة، وفق المصور.
وحاول عشرات المتظاهرين الآخرين التجمع في ضواحي برن، وطوّقت الشرطة نحو عشرين منهم رفضوا الامتثال لها ودققت في هوياتهم.
وفي زوريخ، حاول نحو مئة شخص التظاهر قبل أن تفرقهم الشرطة. وتجمع في بازل أيضا نحو مئة شخص أمام مقر البلدية، ثم تفرقوا بعدما دققت الشرطة في هويات بعضهم، وفق وكالة آي تي إس السويسرية.
وبدأت سويسرا في 27 نيسان/أبريل تخفيف تدابير الحجر التي لم تكن صارمة على غرار قيود فرضتها دول أوروبية أخرى.
وأعادت المدارس والمتاجر والمتاحف فتح أبوابها، مع استمرار تدابير التباعد الاجتماعي.
قلق في المانيا
تثير موجة احتجاجات متنامية في ألمانيا يقودها أصحاب نظرية المؤامرة ومتشددون ومناهضون للّقاحات للتعبير عن غضبهم حيال الإغلاق وتوجّسهم من خطة تلقيح مفترضة من قبل بيل غيتس قلق كثيرين ومن ضمنهم المستشارة أنغيلا ميركل.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تفاقمت الاحتجاجات التي بدأت بحفنة من المتظاهرين الرافضين للقيود المشددة التي فرضت على الحياة العامة لوقف انتقال العدوى بفيروس كورونا المستجد لتجذب الآلاف في كبرى المدن الألمانية.
ويُتوقع أن يحتشد الآلاف مجددا في شتوتغارت وميونيخ وبرلين السبت، وسط تواجد كثيف للشرطة بعدما اتّخذت بعض التظاهرات منحى عنيفا.
وأعادت التظاهرات إلى الذاكرة مسيرات حركة "بغيدا" المناهضة للمسلمين والتي خرجت في أوج أزمة اللجوء في أوروبا عام 2015، ما أثار تساؤلات بشأن احتمال تبخّر الدعم القوي الذي تحظى به ميركل حاليا جرّاء طريقة تعاطيها مع أزمة تفشي كوفيد-19.
وكما حظي بالشعبية عبر إثارته المشاعر المعادية للمهاجرين قبل خمس سنوات، يشجّع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتشدد اليوم علنا المتظاهرين ويقدّم نفسه على أنه الحزب المناهض للإغلاق.
وأظهر استطلاع بتكليف من مجلة "دير شبيغل" أن نحو ألماني من كل أربعة تم استطلاع آرائهم أعربوا عن تفهّمهم للتظاهرات.
وأثارت التطورات صدمة المؤسسة السياسية إذ ذكرت تقارير أن ميركل تحدثت مع كبار المسؤولين في حزبها المسيحي الديموقراطي (يمين وسط) عن الاتّجاه "المقلق" الذي قد يحمل طابع حملات التضليل الروسية.
- "تشويه" -
واتّخذت ألمانيا في آذار/مارس إجراءات غير مسبوقة لتجميد الحياة العامة.
وبينما تدعم غالبية كبيرة الخطوة، وهو ما يمنح حكومة ميركل تأييدا وسعا، إلا أن هناك معارضة تتشكّل، خصوصا على الإنترنت حيث تجذب تسجيلات مصورة على "يوتيوب" تدافع عن نظريات مؤامرة أو تقدّم نصائح صحية زائفة عشرات آلاف المتابعين.
وفي مسعى لمواجهة الادعاءات غير المتناسقة، قال الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير إنه على الرغم من أنه ليس طبيبا، إلا أنه يمكنه التأكيد بأن "القناع الواقي غير المريح والمزعج موصى به أكثر من وضع قبّعة مصنوعة من القصدير".
وفي ظل الغضب الشعبي جراء خروج تظاهرات عن السيطرة في عطلة نهاية الأسبوع، أكد حزب البديل من أجل ألمانيا بوضوح أنه يقف إلى جانب المتظاهرين.
وقال الرئيس المشارك للحزب ألكسندر غاولاند إن "ممارسة الناس حقوقهم الأساسية والتظاهر ضد إجراءات كورونا أمر صحيح تماما".
وأضاف أن مسؤولية أي انقسام في المجتمع حيال التظاهرات يجب ألا تحمّل إلى المحتجين بل إلى الحملة "الواسعة لتشويه سمعة المشاركين وتصويرهم على أنهم متطرفون يمينيون أو مجانين أو أصحاب نظريات مؤامرة".
وشابت معاداة السامية بشكل متزايد التظاهرات التي تخللها العنف أحيانا بينما رفع المتظاهرون شعارات تظهر شخصيات على غرار الملياردير جورج سوروس على أنه البعبع في أزمة الفيروس.
وفي مؤشر آخر على الاحتقان السائد، عثر على شاهدة قبر ساخرة أمام مكاتب ميركل الانتخابية، على ما يبدو للتعبير عن الاحتجاج على إجراءات الإغلاق.
- موجة شعبوية ثانية -
وقال المسؤول الحكومي المكلّف مكافحة معاداة السامية فيليكس كلاين لصحيفة "سودويتشي زايتونغ" "أعتبر هذا النوع من الاحتجاجات خطيرا للغاية".
وأضاف "إنها تقوّض الثقة في دولتنا الديموقراطية وتشكّل خزانا يجمع أصحاب نظريات المؤامرة من المعادين للسامية ومنكري المحرقة إلى جانب آخرين تعد مواقفهم غامضة جدا أحيانا".
بدوره، أفاد الخبير من "مؤسسة أمادو أنتونيو" ميرو ديتريتش أن نظريات المؤامرة قد تبدو مغرية للأشخاص الذين يجدون صعوبة في فهم مبدأ الفيروس والذين لا يعرفون أي شخص أصيب به.
وقال "إضافة إلى ذلك، الناس معزولون حاليا عن بيئتهم الاجتماعية وفي حالة أزمة حيث يقضون وقتا طويلا للغاية على الإنترنت، وهي جميعها عوامل تعزز تصديق روايات المؤامرة".
ونبَّه كلاين إلى أن "علينا التعامل مع بروز هذه الحركات بجدية بالغة ولا يمكننا أن نأمل بتلاشيها مع انتهاء أزمة كورونا".
وأشارت "دير شبيغل" كذلك إلى الحاجة الملحّة لأن تسيطر ميركل على الوضع.
وحذّرت من أنه "في حال لم تتّخذ خطوة رد الآن، فقد تشهد ألمانيا موجة غضب شعبوية ثانية".
ولا شك أن عامل الوقت مهم للغاية. وفي هذا السياق، نوّه رئيس معهد "إنسا" للاستطلاعات إلى أن الدعم القوي لحكومة ميركل قد يتلاشى سريعا مع تراجع الضرورات الصحية.
وقال "عندما يتلاشى شعار الصحة الموحّد وبتحوّل النقاش للتركيز على سوق العمل والأزمة الاقتصادية والمالية، ينتهي التوافق".