بقلم المخرج محمد الجبور - ألأحزاب السياسية في البلدان الديمقراطية المتقدمة لم تستطع الأحزاب السياسية في الاردن أن توفر للشعب ما وعدت به في برامجها من نسب نمو عالية وتوفير فرص عمل حقيقية لأصحاب الشهادات العليا بل أقحمت اقحمت نفسها في دوامة من المشاكل الاجتماعية يصعب حلّها وعمقت أزمة الثقة التي تربطها بالشعب وحتى بمنخرطيها ولعل غياب الرؤية الاقتصادية والاجتماعية للأحزاب السياسية في الاردن جعلها غير قادرة حتى على تقديم الحلول للمشاكل اليومية التي يعيشها الشعب فالأحزاب السياسية بحاجة الى تحديد رؤية اقتصادية واجتماعية تجمع بين منخرطيها وتلزم بواجبها
وان كان الوصول الى السلطة من الأهداف المشروعة لأي حزب سياسي فلا بد أن يكون في اطار رؤية اقتصادية واجتماعية واضحة تخدم مصلحة الشعب فمن شروط نجاح الأحزاب السياسية تقديم برنامج اقتصادي واجتماعي متكامل يعكس التوجه الفكري له ويخدم الصالح العام اذ لا يمكن أن يكتب النجاح لأي حزب سياسي طالما كان بعيدا في أهدافه وسلوكياته عن أهداف الشرائح الشعبية الكبيرة وخاصة تلك التي عانت من الحرمان والبطالة والفقر فاذا أراد الحزب كسب شعبية الناس وتأييدهم له عليه أن يقدم مصالحهم على مصالحه ولا يمكن له أن ينجح طالما توجهت قياداته إلى استثمار الفرص لصالحها واقصاء أعضائه واضعافهم وجعلهم من دون ارادة مستجيبين لكل ما يصدر عن قيادة الحزب فنجاح البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للحزب يتطلب تشريك القواعد في رسم التوجهات العامة له
غالبا ما يتعرض الحزب الذي يشارك في الحكومة الى ثلاثة أنواع من الضغوطات ضغط الحكومة ضغط الشعب وضغط منخرطيه وناخبيه فللحكومة تعهدات مع المؤسسات المالية المقرضة وتوازنات مالية داخلية وخارجية وللشعب مطالب اجتماعية لا بد من تلبيتها ولمنخرطي الأحزاب مرجعية لا بد من احترامها وعلى الحزب الذي يخطط على المدى البعيد أن ينجح في كل هذه المعادلات بأن يؤسس لرؤية اقتصادية واجتماعية تلبي احتياجات الشعب وتحترم في الأن نفسه التعهدات الداخلية من توافقات سياسية واجتماعية والخارجية من التزامات تجاه البلدان والمؤسسات الدولية
ففي مرحلة الانتقال الديمقراطي يمكن للحكومة أن تتخذ اجراءات صعبة أو كما يسميها البعض موجعة لكن لا بد لها أن تندرج في اطار رؤية سياسية واقتصادية شاملة بعيدا عن الشعارات أو مداعبة الأحلام لدى البسطاء أي عن طريق برنامج واقعي يعكس تلك الرؤية وينطلق من الموارد البشرية والطبيعية والمؤسساتية المتاحة وكيفية ادارتها وفقا للأولويات المدروسة فالرؤية لها مرجعية معينة تحدد السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتناغمة معها فالاردن يِحتاج الى أحزاب واضحة يمكن التنبؤ ببرامجها الانتخابية على غرار ما هو موجود في أعرق الديمقراطيات المتقدمة فالأحزاب ذو الميول اليمينية المحافظة التي تنحاز للنظام الليبرالي تلتجئ عادة إلى السياسات التحفيزية للاستثمار كالتخفيض في الضرائب أما الأحزاب التي تؤمن بتدخل أكبر للدولة تضمن الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية لكنها تلتجئ إلى نظام ضريبي مغاير يوفر للدولة موارد مالية أكبر للانفاق على برامج الرعاية الاجتماعية