زاد الاردن الاخباري -
بدأت الولايات المتحدة الأميركية فرض قيود على مواقع التَّواصل الاجتماعي والتي من بينها موقعا "فيسبوك وتويتر"، بيدَ أنَّ الأردن يفرض بعضًا من هذه القيود منذ زمن عندما يتم استخدام هذه المواقع؛ للإضرار بالمصالح العليا للبلاد سواء كانت اقتصادية أم سياسة أم اجتماعية، ولكنه لا يَمس حُرية التَّعبير المسؤولة من خلالها.
وكالة الأنباء الأردنية "بِترا" رصدت رأي العديد منَ القانونيين والمختصين بالتَّشريعات الإعلامية، اليوم الجُمعة، وسألتهم عن قرار الولايات المتحدة الأميركية وانعكاسه على بقية دول العالم ومن بينها الأردن، فكان رأيهم يصُب في أنَّ هذه القيود مفروضة عبر القانون الأردني؛ لمنع الإضرار بالأمن الوطني والمصالح العليا للدَّولة، وسيوسع نطاق الملاحقة الجزائية لمن ينشر عبر هذه الوسائل، وستتجه عدد من الدول إلى هذه الخطوة تِباعًا. الخبيرة القانونية في قضايا حرية التعبير والصَّحافة والإعلام الدكتورة نهلا المومني قالت لــ"بِترا"، إنَّ هذا القرار الأميركي سيوسع نطاق الملاحقة الجزائية، وزيادة عدد الدَّعاوى المرفوعة ضدَّ هذه المواقع وبحق ناشري المحتوى عليها، ومع الوقت سيكون هناك اتساع للمراقبة الذَّاتية من قِبل هذه المواقع؛ تجنبًا للملاحقة الجزائية.
وأضافت، أنَّ قرار إغلاق هذه المواقع أمر ليس بالسهولة المتوقعة خاصة في دولة مثل أميركا، حيث إنَّ هذه المواقع لها حرية كبيرة تتمتع بها، وحسب معايير حقوق الإنسان العالمية يعتبر الإغلاق من الانتهاكات الكبيرة التي تقع على حرية التعبير عبر الإنترنت. وأكدت، أنَّ إغلاق هذه المواقع يحتاج إلى تعديلات قانونية وإلى ذرائع غير متوفرة حاليًا، وأنَّ ما سيتم بعد القرار الأميركي هو اتساع نطاق الملاحقة الجزائية، وتضييق حرية التعبير عبر هذه المواقع.
ولفتت إلى أنَّ القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم 28 أيَّار، سينقل العالم إلى مرحلة أكثر حِدِّية في الملاحقة الجزائية، معتقدة أنَّ هذا القرار سيصطدم بواقع دستوري موجود في أميركا يتمثل بأول تعديل تم إجراؤه على الدستور الأميركي والذي منع إصدار أيَّة قوانين تحد من حرية الإعلام والصَّحافة والرأي والتعبير بشكل عام من قبل الكونغرس، لذلك فهذا يعتبر حاجزًا وعائقًا أمام تنفيذ القرار الذي صدر.
وبينت، إنَّ المحكمة الاتحادية العليا الأميركية كان لها بعض الاجتهادات وأصدرت بعض الأحكام ومنها بأنه لا يجوز استخدام كلمات معينة في ظروف محددة قد تسهم بخطر وشيك ومحدق، وهذا القرار سيكون عُرضة للطعن أمام القضاء وأنه مخالف للقانون والدستور وسيكون هناك معركة قانونية صعبة من أجل حرية التعبير. ونوهت إلى أنَّ القرار سيصطدم بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي وضع مجموعة من الشروط التي يجب أن تتوافر في حال سعت الدولة لأي تعديل على تشريعاتها، مثل أن يكون القيد واضحًا ومحددًا بالقانون، وأن لا يخالف الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان، ولا يمس جوهر الحق، وان يكون التقييد لغاية مبررة وهي محصورة بمجموعة من الغايات منها، حماية سُمعة الآخرين، والنظام العام والأمن القومي. وأشارت إلى أنَّ مثل هذه القيود موجودة بعدد من الدول العالمية، ولدى هذه الدول توسع في نطاق الملاحقة الجزائية ولديها مراقبة لما يُنشر من محتوى، تحت أسباب الأمن القومي وغيرها. ولفتت إلى أنَّ القرار الأميركي سيكون مفتاحًا لدى عدد من الدول؛ لفرض القيود على المحتوى الذي يُنشر على مواقع التَّواصل الاجتماعي خاصة مع الظروف الاستثنائية التي تمر على العالم بسبب فيروس كورونا المستجد. وزير العدل الأسبق الدكتور إبراهيم العموش قال لـ"بترا" إنَّ مواقع التواصل الاجتماعي هي إحدى وسائل التعبير عن الرأي التي تحميها دساتير الدول الديمقراطية، وأنَّ هذه المواقع تخضع لعملية مراقبة عبر القوانين الخاصة بكل دولة.
وبين، بأنَّ القوانين الأردنية تتضمن الكثير من النصوص التي تُجرِّم التعبير عن الرأي إذا كان في ذلك مساس بأمن الدَّولة ومصالحها العليا سواء السِّياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الدينية. ونوه إلى أنَّ استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بهدف المساس بأيٍّ من تلك المصالح يُجيز للدَّولة وفق أحكام القانون أن تتدخل؛ لحماية تلك المصالح سواء بملاحقة مستخدميها أو بإغلاقها إن كان إغلاقها ضمن استطاعة الدَّولة.
أستاذ التَّشريعات الإعلامية والأخلاقيات الصَّحافية في معهد الإعلام الأردني الدكتور صخر الخصاونه قال إنَّ هناك تمييزًا بين دور النَّشر ومواقع التَّواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة الأميركية، فمواقع التَّواصل تعتبر مدونات بينما دور النَّشر تخضع لأحكام القوانين الأمريكية النَّافذة. وبين، أنَّ الفرق الجوهر بين المدونات ودور النَّشر يكمن في أن المدونات هي شخصية ولذلك فقد جاء الأمر الأميركي التنفيذي لفرض الرِّقابة على محتواها ومحاسبتها عبر القضاء، وبالتالي يعتبر هذا قيد على حرية التعبير، حيث ستقوم هذه المواقع بفرض رقابة على المحتوى الذي ينتجه المستخدمون لها. وبين، أنَّ الخطوة التي أقدمت عليها الولايات المتحدة الأميركية بهذا المجال قد تفتح المجال لعدد من الدول في القيام بمثلها، وتقييد محتوى الإنترنت، وسيكون هذا القرار قيدًا على حرية التعبير ومحتوى المنشورات أكثر منه توجهًا لإغلاقها. ونصَّ الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الخميس على توضيح قانون آداب الاتصالات، وهو قانون أميركي يتيح لمنصات على الإنترنت، مثل "فيسبوك وتويتر ويوتيوب"، حماية قانونية في مواقف معينة.
وبموجب القسم 230 من القانون فإنَّه لا يعتبر شبكات التواصل الاجتماعي مسؤولة بشكل عام عن المحتوى المنشور من قبل مستخدميها، لكن يمكنها المشاركة في الحجب لأغراض محافظة، مثل إزالة المحتوى الفاحش أو المزعج أو العنيف.
ويشير الأمر إلى أن هذه الحصانة القانونية لا تنطبق إذا قامت شبكة تواصل اجتماعي بتحرير محتوى نشره مستخدموها، ودعا الأمر إلى إصدار قانون من الكونغرس "لإزالة أو تغيير" القسم 230.