لاشك أن لصندوق التقاعد في نقابة المهندسين الأردنيين أهمية استثمارية ونفسية واجتماعية،، تطورت خلال السنوات الماضية الى انتخابية وإعلامية، تحاول الكثير من الأطراف الدخول من خلالها إلى العراك الأهم وهو انتخابات مجلس النقابة ، لكسب الأصوات ومهما كلف الثمن...
مع أن لغة المنطق والتشريع تقول وكما نص قانون التقاعد في المادة (3): أن للصندوق أهداف من الناحية النظرية وهي تحقيق رواتب تقاعدية للأعضاء المشتركين( فيه) وعائلاتهم وفقا لأحكام هذا النظام .
نعم أن للصندوق خصوصية ومزايا ، كان من المفروض أن تُدار رُحاها بأهل الخبرة والقدرة والعلم بعيدا عن تجاذبات البعض ومماحكات الانتخابات والألوان .
فلكل صناديق الدنيا لجنة إستثمار لها استقلاليتها ،تُشَكل من أهل الاختصاص ويتم مراقبتها ومحاسبتها من الهيئة العامة صاحبة الولاية في ذلك،فهم أهلها وهم أدرى بمجرياتهاا أكثر منا جميعا.
أقول كلامي هذا ونحن في ربع الساعة الأخيرة لعمر المجلس الحالي فلو انطلقنا الآن و تم ذلك لخرج المجلس والمجالس المتعاقبة من هذا الصخب الذي أصبح منفر حتى للزملاء الغير مشتركين في الصندوق.. ولتفرغت المجالس المنتخبة الى ما هو اكبر من ذلك...
اليوم وبعد إلغاء إلزامية الاشتراك تحوّل الصندوق الى عقد توافقي على المشترك أن يُقيم خيره وشره قبل الإشتراك بعيدًا عن التطبيل أو التضليل أو الاستغلال أو التدخل من أي طرف..
اليوم ومع هذا التراجع في أعداد المنتسبين للصندوق ، وهذا التراجع للأسف في مقدرات الصندوق المالية والاستثمارية، أصبح علينا إعادة النظر في كيفية إدارة الصندوق ، ومعالجة الخلل كاملا ،ومهما كان مولمًا لا أن نتعامل مع مَواطن الخلل بحلول القطعة الواحدة..
فهل يعقل أن تدار أموال المهندسين ونحن في زمن المال والأعمال بطريقة النوايا، أو كما يسمّى في لغة الفلاحين على البركة (شو ما طلعنا ربح الحمد لله)...
وهل يعقل أن ندخل في نقطة التعادل الثانية وما زال البعض يقول أن الصندوق آمن و مستقر ولا يحتاج الى علاج جذري...
وهل يعقل أن يستنزف الصندوق بعشرات النقاط ولا يتم معالجتها ..
في هذا المقال لن أتطرق إلى الأسباب التي أوصلتنا الى هذه الحالة فقد أفردت لها العديد من المقالات ومن يبحث عنها سيجدها..
اليوم مقالي يتحدث عن الجسم النقابي وما وصلت إليه الأمور في النقابات المهنية في الأردن..
فحال النقابات اليوم أصبح واقعا بين الانتحار اوالتشرذم والحل وما نقابة المعلمين والأطباء عنا ببعيد....
اليوم وهنا أتكلم عن نقابتي نقابة المهندسين الأردنيين اصبح على مجلس النقابة ومن تبقّى من رواد العمل النقابي دق ناقوس الخطر وخصوصا اننا في ربع الساعة الاخير لعمر المجلس والذي قد لا يتكرر مره اخرى بهذا النوع من التنوع اللوني....
اليوم بلغ أعداد المهندسين في الأردن أرقام خيالية، تعجز الدول المتقدمة من التعامل معها، وأصبحت البطالة العنوان الأكبر للخريجين، وخصوصا بعد تراخي وفشل الحكومات المتعاقبة في وضع تصور كامل لمخرجات التعليم وسوق العمل..
اليوم ومن باب بُعد النظر أصبح من الواجب وقبل فوات الأوان أن تتغير الأولويات و المفاهيم للعمل الهندسي، والنقابي والبعد عن الروتين الممل في التعاطي مع المشهد ككل....
وهذا لن يتحقق إلا بالعمل الصادق والجاد منا مَعاشر المهندسين ....
فمن أكبر معوقات العمل النقابي واحد أسباب العزوف عن المشاركة من قبل الجميع وقد كررتها اكثر من مره مايلي :
أولا: القوانين والتشريعات النقابية التي عفا عليها الزمن وأصبح من المعيب العمل بها..
ثانيا: قانون الانتخاب الذي يجسد فكرة الاستحواذ في (الخدمة) لطرف دون الآخر وهذا الآمر يغلق باب من أبواب التشاركية في صنع القرار ..
ثالثا : تراجع الدور الوطني والمهني للنقابات المهنية..
رابعا: عدم مصارحة ومكاشفة جموع المهندسين لواقع الحال في كل نواحي النقابة...
خامسا: التحول العالمي في فكرة العمل التطوعي ، فأصبح الهاجس المعيشي للمتطوع هو الاهم وخصوصا مع تراجع الدخل للجميع وهذا يتطلب البحث عن فرصة أخرى للعمل بعيدا عن التطوع..
في الختام أقول.لا يجوز كل ما دق الكوز بالجرة أن ينصب الحديث والتركيز على الصندوق بعيدًا عن الهدف الأساسي الذي أنشئت من أجله النقابات المهنية ومنها نقابة المهندسين...
فالنص التعريفي للنقابة يقول أن نقابة المهندسين مَظلة جامعة يتفيؤ ظلالها الآف المهندسون والمهندسات، تنظم ممارسة المهنة وتساهم في تخطيط وتطوير التعليم الهندسي والدفاع عن مصالح اعضائها وتقدم ما تستطيع في سبيل الارتقاء بالمستوى المهني والعلمي للمهندسين سعيًا لتحقيق التنافسية وفق أفضل المعايير العالمية...
من باب التذكير وجب علينا جميعا التفكير جديًا وقبل فوات الأوان بالهدف الأساسي الذي أنشئت من أجله النقابات...
وفي الختام اقول لكل المخلصين المحبين لنقابتهم : قد يرى الكثيرون في دعوتي لمشروع المكاشفة والتوافق والتطوير ضرباً من الوهم الخيالي، ونوعاً من الكتابة بالتمني وحتى بالتحشيش الساذج.. ولكن نتساءل بين يدي الجميع : اين المفر ؟ وما هو البديل ؟ وهل هناك حلول وخيارات سهلة للأزمات العويصة والمعضلات الصعبة التي نمر بها او ستمر في زمن كورونا؟
وهل يجوز لضخامة المصاعب والتحديات أن نشِّل روح العمل التطوعي وإرادة الفعل، وخَلق جوٍ من التخاذل والتواكل والتهرب من المسؤولية والتسليم بالأمر الواقع والمصير الموجع والمفجع ، لا قدر الله
كلّي ثقة بأنه ما زال على أرض نقابتنا ما يستحق الإحترام والعمل والاخلاص والتقدير والإنجاز ..