عندما أصبح للفساد طريقة ومذهب ،وأصبح للفاسدين مردة ودعاة وتابعين ومتخاذلين،
شياطين يلبسون ثوب العفة والأمانة ،
بعد أن فتحت لهم الأبواب المغلقة ، وشرعت لهم القوانين ، حتى وصلت الحال الى ما نحن عليه اليوم،
أصبح لزاما علينا كاصحاب حق رفع الصوت عاليا و مهما كلفنا الثمن وتكالبت علينا أيادي الفاسدين..
عشت عمري كاملا وفي معجم حياتي مثل يقول: "ما بضيع حق وراءه مطالب" فهل أصبح لهذا المثل مكان في زمان النصب والاحتيال المنتشر في كل مكان و المغلف بالف غلاف وغلاف ،
للآسف منذ عشرين عام ونحن نسمع عن مكافحة الفساد وأهله ولم نشاهد فاسد الى الان ،
حتى تحولت مكافحة الفساد بعيون المجتمع الى أشبه ما تكون بذلك الغلاف الجميل جدا المحيط بهدية بداخلها قنبلة قد تنفجر في أي وقت..
لا أنكر كمواطن قبل أن أكون كاتب او مساهم في شركات نُهبت أمام الجميع
أن هذا المثل يحتاج الى وقفة في زمن الأيادي المتسخة، فلا الذمم نظيفة ـ ولا القوانين رادعة ،
اليوم وبعد أن اتسعت الذمم وتلوثت العقول قبل القلوب، وضاعت الامانة بفعل الجشع الأعمى، وقصور التشريعات والتهاون في تطبيق القانون،
أصبحنا على مفترق طرق وأصبح لزاما علينا ان نتعامل مع واقع الحال بكل تجرد ،
حتى أصبحت شخصيا أميل إلى المثل القائل (ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بها)ـ
خلال الشهور الثلاثة الماضية سمعنا كلاما مطولا وجميلا من قبل الحكومة عن مكافحة الفساد، فإن كانت جادة في كل ما كتب وقيل عليها أن تُترجم ذلك على أرض الواقع،
اليوم في زمن التردي الاقتصادي أصبحنا نحتاج إلى القدرة المتنفذة للوقوف مع الحق قبل ان يهدر الباطل مدويا ، ويصبح الطالب مطلوبا،
هذه القدرة تكمن في صدق الحكومات في التعاطي مع المشهد بكل حزم،
وكذلك في المهارة القانونية ورجالها الأوفياء في محاسبة الفاسدين ،
وكذلك عدم الاستسلام من قبل المظلوم والإصرار على أخذ الحقوق كاملة وغير منقوصة..
اليوم وبعد ان زُج عدد من الفاسدين في السجون، وجدناهم يتراكضون كمن يَتَخَبَّطُهُ الشيطان من المس، يبحثون عن مخرج لهذا المشهد الأليم ،
شاهدناهم واذنابهم ومن تلوثت أيديهم بالسر ، يهرعون من كل حد وصوب لعمل تسويات هنا وهناك تحت جنح الليل لكي لا ينكشف سرهم أمام المجتمع،
يتحسسون جباههم وكأنَّ على رؤوسهم الطير،
فهو كأس سيدور عليهم جميعا بعون الله وقوة الدولة والقانون..
لذلك ومن منطلق أخلاقي وديني على الحكومة ومجالس إدارة الشركات أن لاتتهاون معهم والقبول بتسويات قد تحقق لهم طوق النجاة فحقوق آلاف المواطنين أصبحت دين في أعناقهم،
وكذلك علينا جميعا كمواطنين نحب تراب هذا الوطن ان ننبذبهم وان لا نتعامل معهم وخصوصا بعد ان استشراء فيهم الجرب وانكشف سرهم وحلت عليهم اللعنات، ليكتمل البناء والإنجاز ويكون للعدل معناه..
بقلم المهندس مدحت الخطيب كاتب ونقابي أردني