زاد الاردن الاخباري -
بلغت مظاهر الأزمة الاقتصادية في لبنان، منحنى جديدا لم تشهده "سويسرا الشرق" كما كان يحلو لكثير من اللبنانيين تسيمة بلدهم قبل الأزمات المتلاحقة الأخيرة التي عصفت به.
وتتواصل في لبنان فصول أسوأ أزمة مالية تشهدها البلاد منذ عقود، ضاربة مختلف مناحي الحياة الاقتصادية، وسط تحد عالمي ولبناني لفيروس كورونا الذي تزامن مع الأزمة.
ويحذر مراقبون ومتابعون للشأن اللبناني مما بات يسميه البعض "الانفجار المجتمعي"، بفعل ظروف الحياة القاسية، والتي بدأت مظاهرها بالبروز عبر مشاهد طوابير شراء الخبز، أو ما بات ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي من عروض مقايضة مقتنيات شخصية بالطعام والحاجيات الضرورية، بسبب شح السيولة النقدية والهبوط المخيف بسعر وقيمة الليرة.
ووجد كثير من اللبنانيين أنفسهم غير قادرين على تأمين احتياجاتهم الأساسية، بما فيها الغذاء، إذ أدت الأزمة الاقتصادية إلى انهيار سعر الصرف الليرة مقابل الدولار الأمريكي، وارتفاع غير مسبوق في الأسعار، في الوقت الذي عمقت فيه جائحة كورونا، سوء الأوضاع المعيشية للبنانيين مع فقدان الآلاف لوظائفهم.
وانعكست الأزمة الاقتصادية، على أسعار المواد الأساسية والغذائية في الأسواق، كالخضار والفواكه ومواد التنظيف والمعلبات والأطعمة، وطالت حتى المواد محلية الصنع، بسبب التلاعب بالأسعار وانتعاش السوق الموازية للعملة.
ويشير مؤشر أسعار جمعية المستهلك، إلى ارتفاعٍ تجاوز 55 بالمئة منذ بداية أكتوبر/ تشرين الأول 2019، وحتى مايو/ أيار الماضي.
حسن حسنه، مؤسس مجموعة "لبنان يقايض" عبر فيسبوك، نقل خبرته بالمقايضة التي اكتسبها أثناء تواجده في كندا عام 2010، خلال الأزمة الاقتصادية العالمية لتأسيس هذه المجموعة.
ويقول حسنه في حديث للأناضول، إن تأسيس المجموعة جاء نتيجة شح السيولة في لبنان، وتدهور سعر الصرف، وإغلاق العديد من المؤسسات أبوابها، وبالتالي زيادة البطالة.
ويضيف أن "المجموعة هي مبادرة تهدف إلى تحقيق التكافل بين اللبنانيين، لمقايضة أغراضهم الثانوية بأمور أساسية ضرورية"، ويتابع حسنه: "حجم التفاعل والتجاوب مع المبادرة جاء فوق مستوى التوقعات".
وتقول باسكال محفوض، إحدى المشاركات في المجموعة، إن الحاجة دفعتها إلى طلب مقايضة الملابس القديمة لطفلها البالغ من العمر سنتين بالحليب ومواد غذائية.
وانضم عبد الرحمن فخر الدين، إلى مجموعة "لبنان يقايض"، بدعوة من أحد الأصدقاء عبر فيسبوك، بحسب ما أفاد للأناضول.
وقرر فخر الدين، عرض ثيابه القديمة عبر هذه المنصة، وتقديمها مجانا لمن يحتاجها دون أي مقابل.
وترى المحللة الاقتصادية محاسن مرسل، أن فكرة المقايضة، "تدل على وجود أزمة اقتصادية مستفحلة" في لبنان.
وتعتبر أن ذلك "ينذر باقتراب حصول انفجار اجتماعي، وازدياد معدلات الجريمة سواء كانت سرقة أو نشلا".
وتقدر مرسل، بأن 60 إلى 80 بالمئة من اللبنانيين، لا يتمكنون من الحصول على الحد الأدنى من المواد الغذائية بسبب التضخم الحاصل.
ويعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 ـ 1990)، فجرت في 17 أكتوبر الماضي احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية.
وتسارع انهيار سعر صرف الليرة في الأشهر الأخيرة، ليلامس في السوق الموازنة عتبة 9 آلاف ليرة للدولار بنهاية يونيو/ حزيران الماضي، قبل أن يتحسن قليلا لكنه بقي يحوم حول 7 آلاف.
وفيما تغيب حتى الآن أي حلول إجرائية سريعة وجدية، لمواجهة الأزمة الاقتصادية المتسارعة في التضخم، ذكرت مراكز الإحصاء أنه بات يعيش ما بين مليون إلى مليوني مواطن تحت خط الفقر، أي بنسبة لامست 50 بالمئة من الشعب اللبناني.