زاد الاردن الاخباري -
قال رئيس وزراء لبنان حسان دياب السبت إنه سيطرح الدعوة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة لنزع فتيل أزمة سياسية متفاقمة بعد الانفجار المروع في ميناء بيروت.
وقال دياب ”بواقعية لا يمكن الخروج من أزمة البلد البنيوية إلا بإجراء انتخابات نيابية مبكرة لانتاج طبقة سياسية جديدة ومجلس نيابي جديد“.
وتابع أنه لا يتحمل المسؤولية عن الأزمات السياسية والاقتصادية العميقة التي يمر بها لبنان.
جاء ذلك فيما اقتحم متظاهرون غاضبون السبت، مبانى وزارات الخارجية والاقتصاد والبيئة فضلا عن مقر جمعية المصارف واضرموا النار في فندق ومركبات وآليات في انحاء متفرقة من العاصمة بيروت.
وقال شهود ان محتجين اقتحموا مبنى وزارة الخارجية القابع في منطقة الأشرفية وسط العاصمة اللبنانية، ورفعوا شعاراً كتب عليه "بيروت منزوعة السلاح"، معلنين أن الوزارة أضحت مقراً "الثورة اللبنانية".
كما أفادت المعلومات بأن عسكريين متقاعدين قد تظاهروا داخل المبنى أيضاً.
كما أحرق المحتجون أيضا صورة للرئيس ميشال عون.
وقال أحد المحتجين في مكبر صوت ”نحن باقون هنا ندعوا الشعب اللبناني لاحتلال جميع الوزارات“. وشوهدت السنة النيران تتصاعد من مبنى قريب من البرلمان تخللتها انفجارات العاب نارية.
وقال شهود ان محتجين اقتحموا ايضا مبنيي وزارتي الاقتصاد والبيئة.
وخرجت تظاهرات غاضبة وسط العاصمة اللبنانية على وقع كارثة انفجار بيروت، التي خلفت أكثر من 158 قتيلاً.
وقامت قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع بشكل كثيف على المتظاهرين الذين عمدوا إلى التوجه نحو البرلمان.
ووقعت اشتباكات بين الأمن والمتظاهرين قرب مبنى البرلمان، بعد أن حاول عدد من المتظاهرين التقدم خلّفت إصابات في صفوفهم.
وردد المحتجون هتاف ”الشعب يريد إسقاط النظام“ وهو الشعار الذي ترددت أصداؤه في انتفاضات الربيع العربي عام 2011. كما رددوا هتاف ”ثورة..ثورة“. ورفعوا لافتات تقول ”ارحلوا .. كلكم قتلة“.
وقام جنود يركبون سيارات عليها مدافع رشاشة بدورية في المنطقة وسط الاشتباكات.
وصرخت امرأة ”هل حقا.. الجيش هنا؟ هل أنتم هنا لتطلقوا علينا الرصاص؟ انضموا إلينا ويمكننا أن نواجه الحكومة معا“.
كما حاول محتجون اقتحام فندق "لو غراي" في بيروت واضرام النار فيه. وشوهد عدد من المحتجين يرمون الحجارة من على شرفات الفندق.
واعلنت "هيئة الطوارئ المدنية" في بيان ان "آليتين تعملان لصالحها كناية عن جرافة وشاحنة تعرضتا لعملية حرق من قبل بعض الاشخاص المتظاهرين بحسب ما اوردته الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية.
وقال البيان "ان الهيئة اذ تأسف ان يقوم الذين ينادون بالتغيير باحراق معدات تعمل مجانا وتطوعيا في رفع الردميات من بيروت لانتشالها من مصيبتها، تحتفظ بحقها بملاحقة الذين قاموا بهذا العمل وستتابع الموضوع مع الجهات المختصة وقد ابلغت امين عام الهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير بالامر".
وأبلغ مسؤولون بالصليب الأحمر اللبناني وسائل إعلام محلية بأن أكثر من 110 أشخاص أصيبوا خلال المظاهرات في وسط بيروت يوم السبت.
*وعد بالمحاسبة
وعدت الحكومة بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار. لكن قليل من اللبنانيين يثقون في ذلك. ونصب البعض مشانق مثبتة على قوائم خشبية كتحذير للزعماء اللبنانيين.
ورفع محتجون لافتات خيّرت إحداها المسؤولين بين الاستقالة والشنق.
وأطلقت الشرطة عشرات من عبوات الغاز المسيل للدموع على المحتجين الذين أضرموا النار ورشقوا الجنود بالحجارة.
ويشعر بعض السكان، الذين يواجهون صعوبات لإعادة بيوتهم المدمرة إلى حالها، أن الدولة التي يعتبرونها فاسدة خذلتهم مرة أخرى. وخرجت احتجاجات لأشهر قبل كارثة الأسبوع الماضي اعتراضا على الطريقة التي تعالج بها الحكومة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
وقالت الطالبة الجامعية سيلين ديبو وهي تنظف بقع الدماء عن جدران المبنى السكني الذي تعيش فيه وتضرر بفعل الانفجار ”ليست لدينا ثقة في حكومتنا... أتمنى لو تتسلم الأمم المتحدة دفة الأمور في لبنان“.
وقال كثيرون إنهم لم يندهشوا على الإطلاق عندما زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحياءهم المدمرة قرب مركز الانفجار بينما لم يفعل ذلك زعماء لبنان.
وقالت ماريز حايك (48 عاما) وهي أخصائية نفسية دمر الانفجار منزل والديها ”نحن نعيش في مركز الانفجار. أتمنى لو تتولى دولة أخرى شؤوننا. إن زعماءنا حفنة من الفسدة“.
وأعلن رئيس حزب الكتائب اللبناني سامي الجميل يوم السبت استقالة نواب الحزب الثلاثة من البرلمان. وجاء ذلك خلال تشييع جنازة أمين عام الحزب نزار نجاريان الذي لقي حتفه في انفجار مرفأ بيروت.
وقال الجميل ”نحن منتقلون للمواجهة“ لإصلاح الدولة.
وأضاف ”أدعو كل الشرفاء إلى الاستقالة من مجلس النواب والذهاب فورا إلى إعادة الأمانة للناس ليقرروا من يحكمهم دون أن يفرض أحد عليهم أي أمر“.
وزار ماكرون بيروت يوم الخميس ووعد الحشود اللبنانية الغاضبة بأن المعونات التي ستخصص لإعادة بناء المدينة لن تسقط في ”أيد فاسدة“. وسيستضيف مؤتمرا للمانحين من أجل لبنان عبر الفيديو يوم الأحد وفقا لما أعلنه مكتبه.
وقال رئيس الوزراء ومؤسسة الرئاسة في لبنان إن 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار، وهي مادة تستخدم في صناعة الأسمدة والقنابل، كانت مخزنة لست سنوات في مستودع بالمرفأ دون إجراءات للسلامة.
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون يوم الجمعة إن التحقيق في الانفجار سيبحث أيضا إن كان ناتجا عن قنبلة أو أي تدخل خارجي آخر. وأضاف أن التحقيق سيبحث ما إذا كان الانفجار ناجما عن الإهمال أم قضاء وقدر مشيرا إلى أن 20 شخصا جرى توقيفهم حتى الآن.
* لا نملك تكلفة إعادة البناء
تساءل بعض السكان عما إذا كان بمقدورهم في يوم من الأيام إعادة بناء حياتهم.
وليس لدى بلال حسن سوى يديه ليحاول وهو يغالب دموعه أن يزيل الحطام في منزله الذي يقع على بعد بضع مئات من الأمتار من موقع الانفجار. ومنذ الكارثة، ينام الليل على أريكة يعلوها التراب بجوار شظايا الزجاج.
وعندما فر أبناؤه الثلاثة الجرحى، وهم في سن المراهقة، للنجاة بحياتهم خلفوا وراءهم بقعا من الدماء على الدرج والجدران.
وقال حسن وهو يقف بجوار صورة محطمة له مع زوجته ”ليس هناك ما بوسعنا فعله في الواقع. لا نملك تكلفة إعادة البناء ولا أحد يساعدنا“.
وتشق الجرافات طريقها بصعوبة عبر حطام المنازل المهدمة وبجوار صفوف طويلة من السيارات المهشمة فيما وقف جنود على جانب الطريق. ويسير في الشوارع متطوعون يحملون الجواريف للمساعدة في إزالة الحطام.
وقالت دانييلا شمالي إن منظمتها الخيرية، التي دمر الانفجار مقرها، قدمت مساعدات إلى 70 أسرة ممن شردتهم الكارثة.
وقالت ”قدمنا مساعدة مبدئية لكن لا نعلم ما بمقدورنا فعله للأسر في المستقبل. الأمر يتطلب مشروعات كبرى“.
وقال مسؤولون إن الانفجار ربما تسبب في خسائر تصل إلى 15 مليار دولار وهذه فاتورة لا يستطيع لبنان تحملها بعد أن تخلف بالفعل عن سداد ديون تتجاوز نسبتها 150 بالمئة من الناتج الاقتصادي وفي ظل جمود محادثاته مع صندوق النقد الدولي.
* قنبلة نووية صغيرة
سارعت فرنسا ودول أخرى لإرسال مساعدات طارئة إلى لبنان شملت أطباء وأطنانا من المعدات الطبية والأغذية. ودمر الانفجار الصومعة الكبيرة الوحيدة للحبوب في البلاد وتساعد وكالات تابعة للأمم المتحدة في تقديم مساعدات طبية وغذائية عاجلة.
وبالنسبة للبنانيين العاديين، فإن حجم الدمار يفوق التصور.
وقال جورج روحانا وهو يجلس بجوار متجر للبقالة دمره الانفجار ”بدا الأمر وكأنه انفجار قنبلة ذرية صغيرة“.
ووقفت ماريتا أبو جودة توزع الخبز والجبن على المتضررين من الكارثة.
وقالت ”ماكرون عرض المساعدة وحكومتنا لم تفعل شيئا. هكذا تسير الأمور دائما... بعد زيارة ماكرون قمت بتشغيل النشيد الوطني الفرنسي طوال اليوم في سيارتي“.