بات الأردنيون في الآونة الأخيرة يشككون في كل ما تقدمه لهم الحكومة من تبريرات أو ما يصدر عنها من تصريحات حول أعداد الإصابات الجديدة من وباء العصر (كوفيد-19) أو غيرها ، هذا ما صرح به وأكده معالي وزير الدولة لشؤون الإعلام والإتصال وفي اكثر من مناسبة ، وبات تلويح الحكومة الدائم بشكل مباشر او غير مباشر بإعادة عهد الحظر ومنع التجول كلياً او جزئيا يشكل أرقاً للجميع مستذكرين ما آلت اليه امورهم نتاج تلك الفترة إقتصادياً على أقل تقدير.
كما باتت الصالونات المغلقة تربط عدم قدرت الحكومة بالتعامل مع أزمة المعلمين بتلك التصريحات وكأنها نتاج فشل أو ضغف في إدارة ملف نقابة المعلمين ،الذي يأتي قبل إسبوعين من بدء العام الدارسي الذي أعلن عنه وزير التربية والتعليم وما يصاحبه من تخوف اهالي الطلبة من تعطل العام الدراسي الجديد نتاج هذه الأزمة او لجوء الحكومة إلى فكرة التعليم عن بعد . التعليم الإلكتروني الذي يراه الكثيرين (تجربة فاشلة التنفيذ) ولم تؤتي النتائج المرجوة منها (بالرغم من أنها خطوة مقبولة في مرحلة محددة) لاكنها ليست حلاً ونهجاً في ظل الدور الأسمى للمدرسة ناهيك عن تجاذبات الإمكانات المتوفرة لدى غالبية شرائح المجتمع الاردني.
الخبر الذي اصدرته وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة اليوم المتضمن دعم الحكومة لمفهوم التعليم عن بعد وتخصيص مبلغ 57.600.000 دينار اردني يحمل الكثير من التكهنات ، اهمها تأزيم قضية نقابة المعلمين وثانيها نية الحكومة بأن المرحلة القادمة سيكون التعليم فيها (عن بعد) بالرغم من (الفشل الذريع) لهذه التجربة . ويأتي في فترة نتحدث فيها قرب تعافي العالم من هذه الجائحة مع بدء إعلان عدد من الدول الوصول إلى مطعوم يقضي على هذا الوباء وإعلان معالي وزير الصحة عن عقد تفاهمات مع عدد من شركات الدواء للحصول على المطعوم وتوزيعه مجاناً على المواطنين.
هذا وبالتزامن .. إنتخابات برلمانية على الابواب ، تأتي بعد تصريحات لرئيس الهيئة المستقلة للإنتخابات شكك من خلالها بنزاهة سابقتها وبالبراهين لتليها تصريحات أخرى لأحد رموز المجلس ليزيد الصورة ضبابية ملوحاً بأن المجلس (مجرد ديكور) ولا يعكس نبض الشارع ، تصريحات اقرب ما تكون لثني الناخبين عن ممارسة حقهم في إفراز مجلس يلبي طموحهم ، لتجدد الحكومة تأكيدها بأنها ماضيه في الإنتخابات (وبمن حضر) في ظل الترويج للموجة الثانية من تفشي وباء كورونا .
ولتزداد الصورة ضبابية ، تأتي تصريحات السفير الأمريكي الجديد للأردن "هنري ووستر" والملقب "بالشبح الكبير" القادم إلى الأردن بصلاحيات واسعة جداً ليستخدم عبارة "الأردن الجديد" وما يحمله معه من أجندات امريكية إلى الأردن والمنطقة ، السفير الجديد يحمل رتبة (مفوض) لدى وزارة الخارجية الأمريكية (ودبلوماسياً) هي رتبة رفيعه تعني ان لديه صلاحيات كبيرة تفوق صلاحيات السفير وانه سيعمل مستقلاً عن سفارة بلاده في تل ابيب ، تلك الصلاحيات تخوله تعيين فريق دبلوماسي خاص به ولديه القدرة على إستدعاء اي قوة متاحة في المنطقة من المارينز ولديه الحق بالإشراف على آلية إنفاق المساعدات الأمريكية . تلك الإمتيازات التي يتمتع بها السفير الجديد تؤهله (إن كان المطلوب منه ذلك) الضغط على الاردن للعودة إلى مربع (تسويق) بعض بنود صفقة القرن المرفوضة ضمن (اللاءات الثلاث) لجلالة الملك ، لاكنها ستأتي ضمن فترة حساسه تعيشها الأردن في ظل ازمتها الاقتصادية .
ضبابية المشهد المصاحبة لحالة الإحباط وإنعدام الثقة التي يعيشيها المواطن تجلعنا نقف مكبلين مع قرع طبول إستمرار حالة التأزيم في كافة مناحي الحياة ، فقد عودتنا الحكومة ومع بداية الجائحة (كورونا) الشفافية والوضوح وبات الإعلام الرسمي هو الملجئ لكل باحث عن معلومة ، نقف اليوم بين مفترق طرق ضبابية الصورة ولا صوت إلا للآخر فأين (الحكومة) من كل ما يدور في ذهن المواطن . لنترك فسحه للتفاؤل والأمل بأن يكون الغد افضل وان تنجلي هذه الضبابية لترسم لنا صورة اكثر إشراقاً فمع العناية الإلهية لا يوجد مستحيل ...