زاد الاردن الاخباري -
كتب ماهر أبو طير- الكلام عن صفر إصابات كورونا في الأردن، مجرد وهم لا يمكن ان يحدث، حتى لو مرت أيام بلا حالات، ويكفينا الأرقام التي تم الإعلان عنها خلال الأيام الثلاثة الماضية لنعرف ان عودة الحالات محتملة، وتضاعفها أيضا يعد واردا، مثلنا مثل بقية خلق الله.
الحكومة أعلنت مرارا انها لا تدرس الآن الحظر الشامل، لكن دراسة واقع القطاعات المفتوحة، امر ممكن، وهذا يعني ان استمرار ظهور الحالات قد يؤدي الى إجراءات متدرجة، من اجل منع التجمعات، بشكل أو آخر، فهذا ما نفهمه من التلميحات الرسمية.
التساؤلات الأهم تتعلق بقطاع المدارس والجامعات، ثم ملف الانتخابات، اذ كيف يمكن ان يذهب الطلبة الى المدارس الحكومية والخاصة والجامعات، في شهر ايلول، أي بعد أسبوعين، اذا تواصل تفشي الوباء بذات الوتيرة، او اكثر، والامر ذاته ينطبق على الانتخابات التي يفصلنا عنها اكثر من شهرين، ولربما من المبكر حسم الموقف بشأنها بعد الإعلان عن موعدها رسميا، مع الإشارة هنا الى ان الجهات الرسمية تؤكد ان دوام المدارس سيكون في موعده، والانتخابات في موعدها.
جامعات حكومية عدة أعلنت ان الامتحانات النهائية للفصل الصيفي ستكون عبر الاون لاين، وليس عبر الحضور الى الجامعات، وبرغم ان هذا الاجراء جاء مبكرا، كون عودة الحالات ما تزال في بدايتها، الا ان علينا تخيل سيناريو تفشي الحالات اكثر، وماذا سيحدث على صعيد الفصل الأول الجامعي، وبداية المدارس، ثم ملف الانتخابات النيابية.
نيوزيلندا التي أعلنت عن خلوها من الحالات بعد ثلاثة أشهر بلا حالات، عادت الحالات اليها، ودول كثيرة ارتفعت فيها اعداد الحالات، والواضح ان اغلب دول العالم باتت تدرك ان الإجراءات المبالغ بها، ستؤدي الى خسائر لا يمكن احتمالها، وهناك دول مطاراتها مفتوحة بكل يسر، شريطة احضار فحص خلو كورونا فقط، ودول ثانية تواصل حياتها بشكل طبيعي مع التشدد بإجراءات الوقاية، اذ باتت الدول بين خيارين، إما الاغلاق الكلي، او الجزئي مع دفع كلفة ذلك وهي كلفة كبيرة، وإما العودة الى الحياة بشكل طبيعي، مع إجراءات احترازية.
الامر الواجب قوله اليوم، ان الأردن على قلة الحالات فيه مقارنة مع غيره، يتخذ إجراءات صعبة، من بينها اغلاق المطار للقادمين، برغم وجود دول تفتح مطاراتها بشكل طبيعي، لمجرد احضار فحص خلو من المرض، إضافة الى التلويح بإغلاق قطاعات معينة، وهذه مفارقة غريبة، اذ كيف يفكرون بإغلاق قطاعات محددة، اذا زادت الحالات، وفي الوقت نفسه يؤكدون ان المدارس والانتخابات في موعدها، وهي أيضا مساحات تجمع بشرية؟.
جهد الجهات الصحية مقدر، الا ان الاستغراق فقط في الشعار الصحي على حساب الحياة الطبيعية، سيؤدي الى اضرار كبيرة جدا، نراها الآن على مستويات مختلفة، سواء على صعيد الروح المعنوية للناس، او القلق من عودة الحظر الكلي، او حتى التردد في العودة للحياة الطبيعية والانفاق خوفا من موجة ثانية كبيرة جدا، تعطل كل شيء.
هذا يفرض اليوم، الوصول الى حل من نوع آخر، أي التعايش مع هذه الازمة، وعودة الحياة الى طبيعتها على الصعيد الداخلي، والخارجي، مع التشدد بالإجراءات الوقائية، دون تعقيد مبالغ فيه، ويكفينا ان معبر جابر الرسمي حيث يفترض ان تكون الإجراءات الوقائية في ذروتها، كان سببا لعودة الحالات، بما يعني ان هذه القصة لن تنتهي، حالنا حال غيرنا .
لقد مر العام 2020 ونحن ندور حول انفسنا، وعلينا ان نتخيل فقط، نتائج الشركات والمؤسسات الاقتصادية، مع نهاية السنة، ووضع الموازنة للعام 2021، ومستوى التعليم المدرسي والجامعي، وغير ذلك، لندرك كم كانت الكلفة مؤلمة، في الوقت الذي كنا نظن ان الكلفة ستكون اقل بسبب تقديم صحة الانسان على كل شيء آخر، في هذا البلد.
يا لها من سنة صعبة، تقول منذ الآن، إنها ستلد عاما لاحقا، أصعب منها.