زاد الاردن الاخباري -
سهير جرادات - كشفت الأحداث الدائرة على الساحة الداخلية منذ حوالي أسبوعين عن حقائق ما يجري من صراع بين قُطبي حزبين، يمتازان بقوتهما وكثرتهما، الأول يتمثل بحزب رأس المال ، أو كما يُحبْ أن يُطلق على نفسه تسمية "حزب عمان" ؛ لتمركزه مع مشاريعه في العاصمة "مركز الحكم" ، وهو الحزب الذي يملك المال والسلطة والتحكم بالقرار ، والحزب الآخر في دائرة الصراع الذي يعمل ويحرث الأرض، ويمثل طبقة العسكر والعاملين في القطاع العام، أو ما يطلق عليه اسم " حزب الحرّاثين " .
صحيح أن الحرّاثة مهنة اندثرت ، إلا أن المصطلح أصبح شائعا كونه يطلق على كل من يعمل بأجور منخفضة وهدفه الوحيد الحفاظ على الأرض ، ويشار به إلى العسكر والقطاع العام لكثرة عددهم وقلة دخلهم ، فيما يمتاز حزب رأس المال أو (حزب الطبقة المهمة VIP) ، بالنفوذ لأنه يمتلك القدرة المالية ويتمتع بالسيطرة لانتشاره في مواقع صنع القرار السياسي ، وهذا ما اثبتته لنا مخرجات " صندوق همة وطن "، الذي اطلق خلال جائحة كورونا ، والتي بينت مقدار قوة وتمرد هذا الحزب وفرض ذاته ، خاصة أن "قطاع البنوك " التابع لحزب VIP القطاع الوحيد الذي انتعش خلال الجائحة .
يستند " حزب عمان" الى القرارات التي تحقق له الربح وزيادة رأس المال بغض النظر عن ابعاد هذه القرارات وتأثيرها في الأرض ، التي يحافظ عليها "حزب الحرّاثين" ، لذا تقتضي " المصلحة " إخماد جميع الأصوات التي تصدر عن " الحرّاثين" ، والذين غالبيتهم يعودون في نهاية المطاف إلى مسقط رأسهم في قراهم بالمحافظات ، كون وجودهم في العاصمة مؤقتا؛ لصالح القيام بأعمال الحراثة والحراسة.
وهذا هو حالنا ، حيث تعتمد القوى السياسية أسلوب تأزيم الساحة الداخلية ، فشهدنا لفترة صراعات بين أبناء " البطة البيضة " المدللة ، وأبناء " البطة السودة " الغيورة المطالبة بالمساواة بالحقوق مع أبناء" البطة البيضة" ، بهدف أن تبقى الصراعات قائمة ومتأججة ، فيما تتفرغ هذه القوى لعملها بعيدا عن أي ازعاجات قد تأتيها سواء من أبناء "البطة البيضة" أو "السودة " .
هناك إرادة في فرض السيطرة على الساحة الداخلية ، بحيث لا تبقى أصوات تعلو على " حزب عمان "، بغض النظر إن رضي أبناء "البطة البيضة" أو أبناء "البطة السودة "، الذين يشكلون المكون الأساس ل" حزب الحرّاثين " ، حيث ان القادم من قرارات سياسية لا يتطلب رضا أي منهما ، وما يتطلبه الوضع هو تغليب المصالح السياسة والمالية على المصلحة الوطنية ، التي تتعارض مع مبادئ ومنطق " حزب الحرّاثين " الساعية للحفاظ على المصلحة العامة وتغليبها على المصلحة الفردية والمكتسبات الشخصية .
النتيجة الحتمية لأي صراع ستخلف منتصرا و مهزوما، الأمر الذي سيترك حالة من عدم التوازن، تحدث آثارا سيئة لكلا الطرفين ، والأهم هو نتائج هذا الصراع التي ستكون مدمرة على الوطن وستحد من تقدمه ، هذا يعني أن "حزب عمان" ( (VIP لن يحقق أهدافه القائمة على الربح وزيادة رأس المال ، فيما " حزب الحرّاثين " سيبقى يسجل أدنى الأجور ، أما الوطن فسيبقى في دائرة الصراع بين حزبين ..
Jaradat63@yahoo.com