زاد الاردن الاخباري -
كتب: ماهر أبو طير - هذه سنة صعبة، وكأنها ليست من اعمارنا، وكأننا لم نعش منها الا شهرين ونصف الشهر، مطلع العام، فيما بقيتها توزع بين حجر وحظر، وأضرار نفسية واقتصادية، لكنها نهاية المطاف سنة حسبت من اعمارنا، ولا تريد ان تخفف من ثقلها علينا، حتى آخر المؤشرات.
نحن الان امام ثلاثة سيناريوهات، حسبما المح مسؤولون في تصريحاتهم، وقد نحتاج يومين، او اكثر حتى تتضح الصورة، حول طبيعة الظرف في الأردن، فإذا انخفضت الحالات، واستطعنا السيطرة على الوضع الداخلي، بقيت الأمور كما هي الان، وإذا ارتفعت فهناك عودة لبعض الإجراءات مثل حظر الجمعة، وخفض ساعات التجول، وعزل المدن، واذا انفجرت الحالات بشكل واسع لا سمح الله، فسنكون امام حالة اضطرارية سيئة للحظر الشامل الكلي، كما حدث في الضفة الغربية ولبنان ودول أخرى في هذا العالم التي اضطرت للعودة للحظر الشامل والكلي، وبرغم نفي الحكومة هذا السيناريو، الا انها لا تنفيه كليا، وتتركه لظرف حدوثه، باعتباره السيناريو الأسوأ الذي لا يريده احد، لا شعبيا، ولا رسميا.
الأثر الاقتصادي والنفسي كبير، فنحن نعيش وسط اضطراب، ولا قدرة على صياغة اي توقعات، حتى ان كل الكلام عن عودة الطلبة الى المدارس والجامعات، اصبح قيد المراجعة، خصوصا، اذا حدث السيناريو الثاني والثالث، كما ان حدوث السيناريو الثالث أي انفجار الحالات قد يؤدي فعليا الى مراجعة ملف الانتخابات، التي ستعقد أساسا في الشتاء، وهو موطن الوباء، ومساحته الحيوية للانتشار، وفقا لما يقوله الأطباء.
تجربة الحظر الأولى، كانت قاسية جدا، على كل المستويات، ولا احد يتمنى عودتها، لكن الواضح ان كل المحاولات لتجنب تجارب شبيهة لن تنجح اذا تفشى الوباء اكثر، وما هو مؤلم بحق هو هذا التشويش الذي يسيطر على الناس، فلا هم يعرفون اذا كان مطلوبا منهم تخزين الأغذية او الادوية او لا، ولا يعرفون أيضا اذا كانت كل الأمور ستبقى تحت السيطرة اذا تم فرض نمط من أنماط الحظر الأقل درجة، ولا يعرفون أيضا مصير أولادهم في المدارس والجامعات، خصوصا، اننا امام جيل جديد يريد دخول السنة الأولى في المدرسة، او الجامعة، والتعليم عن بعد هنا قد لا يكون كافيا، فيما دفع رسوم فصل كاملة للمدارس الخاصة، لن يكون عادلا بنظر أولياء الأمور، اذا كانت البوصلة تتجه للتعليم عن بعد، بشكل دائم او مؤقت.
هذه ازمة ليست سهلة، والخيارات أسوأ من بعضها بعضها، ومصالح الناس تتضارب، فمن يريد فتح المطار، من اجل مصالحه، يقفز في وجهه شخص آخر يريد اغلاق المطار حفاظا على صحته، ومن يريد ان يدفع ولي امر الطالب رسوم المدرسة، من اجل مصاريف تشغيل مدرسته، يقفز في وجهه ولي امر الطالب، متسائلا عن عدالة كلفة التعليم عن بعد، والذي يريد ان يترشح للنيابة، لا يريد ان يصدق ان تفشي الوباء بشكل واسع سيؤثر في كل ملف الانتخابات، وهكذا يمكن القول بصراحة ان الازمة قسمت الناس الى فئات ولكل فئة رأيها الذي لا تقبل به فئة ثانية، بل يجري التطاحن علنا على خلفية التناقض بين الكل.
ما يمكن قوله نهاية المطاف، ان المؤشرات في الدنيا، عموما، وفي الأردن، على الرغم من قلة الحالات فيه، مقارنة بغيره، تأخذنا الى تغيرات واسعة في كل شيء، وما لم يعتمد العالم لقاحا محددا، فان التأثيرات الجماعية والفردية، لا يمكن تجنبها، وهي تأثيرات تتواصل وتلقي بظلالها علينا جميعا، في ظل مناخ ضاغط، يجعلك كل يوم امام توقعات جديدة.