كلّ يوم يبعث لي أصدقاء ومحبّون وقرّاء و يتصلون من أجل الكتابة في شأن ما أو موضوع ما أو أزمة ما. ولا أنكر إنني أقف حائراً أمام اقتراحاتهم. فلو انسقتُ إليهم فأنا بحاجة إلى أربع مقالات يوميّاً على الأقل وكلّ مساحتي اليوميّة لا تقلّ عن 150 كلمة ولكنها لا تزيد عن 250 كلمة إلاّ فيما ندر.
المشكلة التي تواجهني في غالبية الموضوعات المقترحة أنها مخالفة للقانون وأصحابها يرون غير ذلك ويرون أنني (جبان) إن لم أطرحها؛ متناسين أننا محكومون بمنظومة معايير لا نستطيع الخروج عنها وقد تكون هذه المنظومة تمنعك أو تحدّ من طموحك في أن تكتب ما تشاء. لكنه الواقع الذي ترضخ له ولا يمكنك تجاوزه إلاّ بمخالفة القانون الذي لا أسعى إليه ولن أسعى.
أُقدِّر حماسة من يريدونك أن تكتب (مقالاً ثورياً) واحداً فقط ثم لا تستطيع كتابة المقال الثاني لأنك ساعتها تكون خلف القضبان؛ وأنا جرّبتُ ذلك قبلاً؛ ولم أجد من يزورني ولم أجد من يطمئنّ على من ورائي من بشر؛ ولم أجد إلاّ حُملاً إنشائية تكيل المديح الذي لم يُسدّد عنّي فاتورة كهرباء واحدة.
المهم؛ أنا مع تغيير أي قانون يحدّ من الحريّات ومع تغيير أي شيء يمنع تطوّر الانسان والالتحاق بركب الحضارة؛ ولكنّي مع ذلك حسب الأصول والضغط في المطالبات حتى تصبح واقعاً.
ومساحتي اليومية في الجريدة لا تحتمل إلاّ ما هو مسموح فقط. فلا تطالبوني ببطولات ستضيع وتصبح (هوجاً) ولا تُحْدِثُ أي تغيير أو فرق. أنا مع كلّ شيء عندما يصبح ذلك ممكناً.
كامل النصيرات