زاد الاردن الاخباري -
من المفارقات العجيبة أن تعلن الحكومة ظهرا تفاصيل عودة الطلبة لمدارسهم الأسبوع المقبل، ولجامعاتهم مطلع شهر تشرين الأول، وتعلن مساء عن تسجيل الأردن أعلى حصيلة يومية من الإصابات بكورونا.
وبعد تصريحات متناقضة، عكست التخبط داخل الحكومة في التعامل مع عودة الطلبة للمدارس، جاء القرار الفصل في تحديد الأول من أيلول عودة للدراسة داخل الصفوف.
فيوم الثلاثاء المقبل، سيعود الطلبة لمدارسهم، وسط بروتوكولات خيالية، تباعد اجتماعي، إغلاق مقاصف، متابعة الطلبة في غسل إيديهم، وغيرها.. وهي أمور قد لا يسيطر عليها رب العائلة على أطفاله، فكيف بمدرّس أو بمدرّسة تحت إشرافهم عشرات أو مئات الطلبة من مختلف الأعمار !
يلمس المراقب لإصرار الحكومة على انتظام الطلبة في الأول من أيلول، رغبة جامحة في عدم تكرار ما حدث من تأخر في العام الدراسي الماضي، والذي أربك التقويم المدرسي والطلبة وذويهم في آن معا، وهو أمر يمكن استيعابه لو لم تكن هناك جائحة كورونا، أو كان هناك توجه لإضراب عن التعليم لدى نقابة المعلمين المنحلّة.
أما الجانب الثاني في الإصرار الحكومي فيمكن ربطه بالمدارس الخاصة، التي تحرص الحكومة على نجاتها من العام الدراسي، وكأن على رأس المستثمرين في بعضها "ريشة"، تستوجب تجنيبها الخسارة أو الربح القليل.
ولم يشف كلام وزير الإعلام، ردا على الإشاعة التي تقول بأن "الحكومة ستدعو للتعليم الإلكتروني بعد أسبوعين أو ثلاثة من دفع الأهالي رسوم المدارس الخاصة"، غليل ذوي الطلبة في المدارس الخاصة، التي كان لبعضها تجارب سيئة في الفصل الدراسي الثاني، من حيث عدم عمل خصومات ملائمة بعد التحول للتعلم عن بعد، ما ولد شكا لدى المراقبين بأن الحكومة تخشى على قطاع التعليم الخاص دون غيره.
فجائحة كورونا أضرت بالاقتصاد الوطني، وأرباح البنوك، عمود الاقتصاد الأردني تراجعت، وإيرادات الشركات في مختلف القطاعات تضررت كذلك، ورواتب موظفي القطاع العام حسمت منها الزيادات، وانخفضت دخول العاملين في القطاع الخاص، وفقد الكثيرون وظائفهم، فلماذا لا يتحمل قطاع التعليم الخاص مسؤوليته !
لا يرغب أحد بخسارة أي قطاع، فالخاسر في النهاية هو الاقتصاد الوطني، لكن على أصحاب الاستثمارات في التعليم، الذين حققوا أرباحا طائلة طوال السنوات الماضية، النظر للوطن بعين بعيدة عن حسابات الربح والخسارة، خصوصا في جائحة كورونا.
أما الحديث عن المعلمين في المدارس الخاصة، والحرص على عدم التحاقهم بركب العاطلين عن العمل في حال تعثر استثمارات التعليم الخاص، فلا يبدو سببا وجيها لخروج المدارس الخاصة من تحت وصاية الحكومة، فالشكاوى من تدني رواتب العاملين في المدارس الخاصة، وانقطاعها في العطلة الصيفية، شكاوى أزلية، لم تتعامل معها أي حكومة سابقة بجديّة.
حتى الآن، في مسألة التعليم والمدارس الخاصة، تبدو الحكومة في واد والشعب في واد آخر، الأمر الذي يستلزم تدخلا واضحا، يلزم المدارس الخاصة بعمل خصومات على رسوم الطلبة وتقسيطها، في حال تحوّل التعليم المباشر إلى تعليم عن بعد، وبشكل يبقي استثمارات التعليم الخاص على قيد الحياة،ويساعد أولياء أمور الطلبة في مدارسها على الوفاء بالتزاماتهم، لتخفيف الضغط على المدارس الحكومية.
***************
ملاحظة: قدمت مدارس خاصة كثيرة خصومات على أقساطها، وتعهدت بعمل خصومات أخرى في حال تطبيق التعليم عن بعد، ولها كل الشكر على موقفها.