زاد الاردن الاخباري -
ماهر أبو طير - لافت للانتباه ان كثرة في العالم العربي تنتظر زوال إسرائيل العام 2022، وكلما ناقشت احدهم في هذه القصة، يعيد ذات الكلام الذي قاله احدهم وألف به كتابا ذات يوم.
بالنسبة لي شخصيا، أعتقد جازما أن القرآن كلام الله، فيما تحويل حروفه إلى ارقام، واستنباط توقعات على أساس الرياضيات محددة بالتواريخ أمر لا يجوز أساسا من ناحية شرعية، فلم يكن القرآن كتاب رياضيات، ولا ألغاز يتم فكها بهذه الطريقة، التي خرج علينا بها الشيخ بسام جرار قبل سنوات، عبر كتابه المعنون زوال إسرائيل 2022، واذا كان كلام الأستاذ جرار يصدقه كثيرون، فهذا ربما يأتي من باب الأمنية والرغبة، بأن يكون كلامه صحيحا، وأن نتخلص جميعا من إسرائيل، خصوصا، انه لم يبق على النبوءة الا عامان او اقل.
زوال إسرائيل حتمي وأمر مثبت قرآنيا في سورة الاسراء، لكننا نتحدث هنا عن التوقيت، وحسابات الحروف والأرقام التي خرجت بتحديد التاريخ، إضافة الى رواية قصص عن عجوز يهودية قالت إن عمر إسرائيل ينتهي في ذات التوقيت تقريبا، وفي الأساس هناك اعتراض واضح من جانب علماء وفقهاء على هذه الطريقة التي يتم التعامل بها مع القرآن، فهو كتاب للتعبد، وكلام الله الذي نقرأه ليل نهار، وليس كتابا غامضا محملا بالتواريخ المخفية.
الأمر الأكثر إثارة هنا، انه وبدون عملقة إسرائيل في نفوس الناس، بسبب حالة الضعف التي نعيشها، فإن العوامل المادية ذاتها لا تؤشر على زوال قريب، فالعرب في أضعف حالاتهم، على كل المستويات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وكل المنطقة العربية شبه مدمرة، إضافة الى ان الخريطة الإقليمية أيضا حافلة بالأزمات، ولا يمكن لهذه الخريطة ان تلد مشروعا لتحرير فلسطين من بحرها الى نهرها بالطريقة التي نتوقعها.
العامل المادي مهم جدا، دون إنكار العامل الروحي، وإذا عدنا إلى موروث الرسول صلى الله عليه وسلم، سنجده قد اضطر ومن معه لحفر خندق بأيديهم لحماية المدينة المنورة من المشركين واليهود، برغم انه كان منصورا من الله وممدودا بالقوة الإلهية.
إذا كان النبي بكل قدره يحفر خندقا، ويتبع العامل المادي لحماية المسلمين والمدينة المنورة، فماذا نقول عن أمة تعيش أسوأ ظروفها المادية والعلمية والخواء الروحي على كل المستويات، فنحن في ظرف لا استعداد ماديا وعسكريا لدينا، ولا مشروع حتى الآن يلوح في الأفق قادر على إزالة إسرائيل، ولا بنية روحية دينية جاهزة، بل على العكس، نمر بأصعب الظروف والاحوال، وسط توقعات بمزيد من التراجعات خلال السنين المقبلة.
الغيبيات والركون اليها مشكلة كبرى في العقل العربي، فالكل حين تناقشه بقصة زوال إسرائيل العام 2022، يقفز في وجهك ويقول قد يدمر الله إسرائيل بزلزال وندخلها بكل سهولة، وآخر يقول لك قد يحل بهم وباء يفتك بهم جميعا، وآخر يقول ان الوقت ما يزال متاحا لبروز مشروع سياسي وعسكري يحرر فلسطين، ورابع يقول لك ان عليك ألا تبث روح اليأس في صدور الناس، وان المهدي قد يظهر فجأة ويحرر فلسطين، ونرتاح من هذا الاحتلال.
القصة هنا، ليس انكار قدرة الله على تغيير الواقع، لكنك تأسف بشدة اذ تلاحظ ان كثرة تصدق قصة زوال إسرائيل العام 2022، برغم ان كل البيئة التي نراها ليست بيئة تحرير لفلسطين، هذا مع الإقرار هنا فقط بصدقية كلام الله في القرآن حول حتمية الزوال، أما توقيت الزوال فلا يعلم به إلا الله، فيما تحكيم الرياضيات والعقل يقول لك إننا لسنا جاهزين حتى الآن، إلا إذا حدث تحول ما في المنطقة، وبدون ذلك علينا ألا نركن إلى هكذا حسابات تحول حروف القرآن إلى أرقام، وتخرج بخلاصات، قد لا تحدث، وتسبب خيبة أمل فوق ما في بعضنا من خيبات أمل، قادت بعضنا إلى الردة الكلية والجزئية، بسبب اليأس والقنوط.الغد