اخرج أوراقه ربما العشرين وهي من القطع الصغير المخصص لملخصات اساتذة الجامعات ، وبدأ بالحديث عن كل شيء وعن لاشيء في نفس الوقت ، لو أن دولة الرئيس سمح لي أن ألقي نظرة على هذه الاوراق لوجدتها متأكلة الاطراف وعليها بصمات أصابع من ألاف المرات التي أمسك بها دولته هذه الاوراق وبدء بالقراءة ، اذا هو حديث ليس بجديد بل أنه حديث مكرر لدرجة أنني وجدت نفسي أستمع لمحاضرة في عدم قدرة الانسان على فعل أحسن مما كان ، وهنا مربط الفرس ففي كلام دولته عبارات لاتسمن ولا تغني من جوع بالنسبة للمواطن الذي وقف معتصما امام الرئاسة مطالب بإنصافه من تغول الضمان الاجتماعي إيام الادارة السابقة عليه ، ولا حتى للمواطن الذي لازال يبحث عن مفهوم موحد ومشترك للمواطنة يمكن الاتفاق عليه أو الخروج منه وبه بوطن موحد قائم على أننا نذوب في بوتقة واحده أسمها الاردن ، وفي حديث دولته أن له من الوقت الشيء القليل وأن على المواطن أن ينتظر ويعطيه الوقت والفرصة وأن لايقفز على المراحل ، وهنا نسي دولته أن المواطن هو الشيء الوحيد الباقي في هذا الوطن ، وأن حكاية الزمن مع هذا المواطن حكاية أكل عليها الزمن نفسه وشرب ، ولأنه من غير المعقول أن تستمر حكوماتنا المتعاقبة في أن تصلح ما أفسدته الحكومات التي قبلها ، وهكذا دواليك ( وهذه لغة أكاديمية كون الرئيس يعشق طرح الامثلة عن المجتمعات المتحضرة وخصوصا الغرب وحتى تركيا ، وكذلك استخدام اللغة الانكليزية ) الى أن ينتهي عمر حكومة دولته ويبقى المواطن متمسك بالزمن البسيط الذي يملكه ، وهو زمن قصير لايتجاوز الثلاثون يوما من عمر الشهر وانتظار الراتب أو الفرج من السماء كي يستمر لنهاية الثلاثون يوما الأخرى ، وللأمانة فأن دولته رجل صاحب نكته حتى ولو بدى عليه التجهم لخلفيته العسكرية ومع ذلك فهو يجبرنا أن نبتسم ربما على قاعدة أن كبرك همك إبتسم له أو غني له ، وهنا ملاحظة للتاريخ وهي أنني لن أكتب تقرير اخباري عما دار في اللقاء ولن أستخدم واوات العطف الخبرية التي تعود على دولته بأنه صاحب الكلمة الوحيدة في اللقاء وبأننا كنا طلاب نجيبون نستمع فقط له ، فالى دولة الرئيس لقد خرجت من مؤتمرك مبتسم لأنني أحاول أن لاأكون مواطن حزين أو متشائم في زمن عزة به الابتسامات الصادرة من قلب المواطن ؟