زاد الاردن الاخباري -
كتب - المحامي محمد الصبيحي - سأروي لكم فاجعة اغتصاب طالبة مغتربة في كلية الطب بجامعة العلوم والتكنولوجيا، كما وردت في قرار محكمة التمييز الصادر في شهر تموز 2020 والذي صادق على قرار محكمة الاستئناف بالحكم على المجرم الفاعل وعلى مالك سكن الطالبات ومشرفة السكن وحارس المبنى بتعويض المجني عليها بمبلغ 250 ألف دينار عن الضرر المادي والنفسي الذي لحق بها.
يقول القرار (( المدعية ( أ. ز) طالبة مغتربة تدرس الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا في اربد ولكونها ستقيم وحدها ، ومن أجل حمايتها ارتأى والداها ان تسكن في أحد دور السكن المعدة لسكن الطالبات وحضرا إلى اربد وقاما بزيارة عدد من دور إسكان الطالبات والأستماع إلى شرح القائمين عليها حول مستوى الامان والخدمات وقد وصل اقناع القائمين على سكن للطالبات إلى القبول لدى المدعية ووالديها فاستقر رأيهم على أن تقطن في ذلك السكن لما تم اعلامهم به عن مستوى الامان والحماية والسيطرة والخدمات .
وفي منتصف ليلة الخامس عشر من أيار وأثناء ان كانت المدعية تغط في النوم جزعت بسماعها حركة قريبة في غرفتها المستقلة وأثناء أن كان يخالجها الخوف المختلط بالشك بأن ذلك كابوس ولا يمكن أن يكون حقيقة لما كانت تشهر به _واهمة _ من أمان في السكن الذي يملكه المدعى عليه الثاني، وسرعان ما تبدد الشك عندما حط عليها شبح رجل شاهدت ملامحه على ضوء خافت ينبعث من شاشة كمبيوترها المحمول وإذ به رجل ضخم البنية داكن البشرة تعرفت عليه لاحقا بأنه المدعى عليه الأول يخطف هاتفها المحمول ويجرها إلى إلى زاوية الغرفة وكمم فمها واقترب منها وفمه تفوح منه رائحة الخمر وهمس باذنها بأنه ليس بسارق واننا يرغب بمواقعتها فما كان منها الا أزاحت يده عن فمها وأخذت بالصراخ بأعلى صوتها مستغيثة فما كان من المجرم إلا أن اخذ يضربها على رأسها وجسمها ضربا مبرحا فحضرت على صراخها إحدى زميلاتها وادركت ان هناك من يعتدي على المدعية،
قامت زميلة المدعية بكسر باب الغرفة وتجمهر عدد من الطالبات القاطنات في نفس السكن بالأضافة إلى المدعى عليه الرابع حارس السكن والمدعى عليها الثالثة مشرفة السكن ، لكن ايا منهم لم يأت بأي بفعل من شأنه أن يخيف المجرم أو يردعه عن فعلته ، وازاء هذا التصرف منهم اطمأن المجرم وقام باغتصاب المدعية وهتك عرضها بوحشية وشراسة على مدى خمس وعشرين دقيقة كان خلالها المجرم يتناوب على مواقعتها والقيام بالأفعال الشاذة فيما كان يضربها ضربا مبرحا، وخلال كل ذلك لم يسع المدعية الضعيفة البنية الواهنة القوى سوى الاستغاثة، إلا أن المدعى عليهم وباقي الزميلات كان شاهده قول الشاعر ( لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن ينادي) .
واستمروا بمراقبة ما يحدث من أفعال جرمية شنيعة يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان حتى أن المدعى عليهما الثالثة والرابع اتصلا بمحامي المدعى عليه مالك السكن والذي أعلمهم بعدم اخبار الجهات الأمنية لحين قدومه وهذا ما فعلاه تماما ، كما قام المدعى عليهم الثالثة والرابعة والخامسة ببث الرعب في قلوب الزميلات اللواتي كن على استعداد لأغاثة المدعية واصروا ان تلتزم كل بنت بغرفتها، وبعد مرور اكثر من نصف ساعة من المهانة والعذاب حضر رجال الأمن وقاموا برفع المجرم عن المدعية).
تلك هي الوقائع الثابتة في قرار محكمة التمييز والذي استند على أن امتناع المدعي عليهم عن إغاثة المجني عليها بالإضافة إلى (انعدام الحماية في السكن والذي لكونه سكن طالبات يتوجب ان يكون مالكه حريصا ويتخذ من وسائل الحماية والأمان ما من شأنه منع من تسول له نفسه القيام بهكذا أفعال لم يمكن المجرم من ارتكاب فعلته فحسب بل يسر له ذلك خلافا لأحكام القانون والعرف والأخلاق))
والأشد إيلاما في قرار المحكمة وصف المعاناة النفسية للمجني عليها بسبب ( مراقبة المدعى عليهم وزميلاتها للأعتداء عليها وفقدانها الثقة بالناس).
ان مشاهدة اغتصابها من قبل المسؤولين عن السكن وزميلاتها دون أن يحركوا ساكنا لنجدتها وكأنهم يتفرجون على فيلم سينمائي يشكل بحد ذاته جريمة بشعة تدفعني للتساؤل ألم يكن باستطاعة هذا الحشد من المتفرجين مهاجمة المجرم بالأيدي والأحذية وعصي المكانس لأنقاذها، بل تركوه يكرر اغتصابها أمام أعينهم إلى أن حضر رجال الشرطة وقاموا برفعه عنها؟؟ انه والله لأمر عجيب.
اما المجرم فقد قررت محكمة الجنايات الكبرى سجنه لمدة سبعة وعشرين عاما، وصدقت محكمة التمييز بقرار قطعي على إلزام مالك السكن والحارس ومشرفي السكن بالتضامن والتكافل بتعويض المجني عليها مبلغ 250 الف دينار
بقي ان نقول ان القرار النهائي أعلاه صدر قبل شهرين أما الجريمة فحدثت عام 2007 أي أن المجني عليها تنتظر حقها منذ ثلاثة عشر عاما ولم يصلها حتى الآن.
السؤال الاخير المؤلم لماذا استمرت المحكمة بالنظر في طلب التعويض ثلاثة عشر عاما ، ان بقي هناك فرصة لتحصيل المبلغ من المحكوم عليهم؟؟.