زاد الاردن الاخباري -
فيما أعلنت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، مؤخرا، عن تعديل نظام الشمول بتأمينات المؤسسة، بحيث تشمل بعض فئات العاملين في القطاعات غير المنظمة والأعمال الحرة وبنسب اقتطاعات وشرائح مختلفة تناسب كل العمال، وفق مديرها، حازم الرحاحلة، يؤكد خبراء ضرورة استغلال فرصة مناقشة نظام الشمول لتعديل قيمة الاقتطاعات بحيث يتم تخفيضها، قائلين إنها “مرتفعة جدا”.
الرحاحلة أكد أنه “ومن أجل منظومة حماية اجتماعية أكثر شمولا وتماسكا، لدينا مقترح جديد على نظام الشمول بتأمينات المؤسسة، أرسلناه مؤخرا إلى رئاسة الوزراء، وسيقر قريبا، بحيث يجري التوسع بالمنظومة لتضم العاملين بالأعمال الحرة بكل نطاقاتها”.
وأشار الرحاحلة إلى “استحداث شرائح الشمول الجزئي، والتي تراعي القدرة المالية على الدفع، والأساسي؛ هو تأمين العجز والوفاة وإصابات العمل والأمومة والتعطل، أما الجزئي؛ فسيكون على شرائح متباينة”.
وبحسب نظام الشمول المعدل؛ سيكون هناك تنسيق مع الجهات التنظيمية، كالبلديات وأمانة عمان، وبالتالي يشترط حسب التعليمات وجود جهة تنظيمية لكل عامل، وإلزامية الشمول تكون بأثر فوري وليس بأثر رجعي، وفق الرحاحلة، الذي قال “أدركنا في الجائحة أن فئة عمال المياومة مهمشة، لأن أنظمة الضمان لا تسمح بشمول العمل الحر، وبالتالي كان التعديل لشمولها، كالعمالة الزراعية، وهناك تنسيق عبر الضمان ووزارتي العمل والزراعة قبل الشروع بتعديل نظام الشمول، ليشمل هؤلاء العمال بالحماية”.
خبراء في مجال سياسات العمل يرحبون بهذا التوجه ويؤكدون ضرورة الالتفات إلى ارتفاع قيمة الاقتطاعات الحالية التي يدفعها العامل وصاحب العمل للضمان الاجتماعي، حيث تبلغ نسبة الاقتطاع من الموظفين والشركات 21.75 % من إجمالي الراتب، بعد أن كانت 19.5 % في 2014، إذ يدفع العامل 7.5 % وصاحب العمل 14.25 %.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي كان أكد هذه المطالبة، في تقرير صدر عنه الشهر الماضي، وأكد كذلك فيه أهمية تطوير حزم دعم وتحفيز سريعة للقطاعات الاقتصادية التي تضررت بهدف الحفاظ على بقائها واستمرارية أعمالها والاحتفاظ بالعاملين لديها، وربط الاستفادة من هذه الحزم بالحفاظ على العاملين، مقترحا تخفيض اشتراكات الضمان الاجتماعي تخفيضا ملموسا ودائما لكافة القطاعات الاقتصادية مع الحفاظ على مختلف الحمايات الاجتماعية المعمول بها، ومبينا في الوقت ذاته، أنه ووفقا لمختلف التقييمات المحلية والدولية تعد قيمة الاقتطاعات للضمان الاجتماعي مرتفعة جدا، وتشكل عبئا على الاقتصاد، وتساهم في عدم خلق فرص عمل جديدة.
هذه المطالبة تنسجم أيضا مع توصيات متكررة للأردن، صدرت عن صندوق النقد الدولي، تؤكد ضرورة إجراء “تخفيض مؤقت” في نسب الاقتطاعات، التي تقتطعها مؤسسة الضمان الاجتماعي من أصحاب الأعمال والعمال والموظفين، بهدف “التقليل من البطالة الناتجة عن عدم لجوء أصحاب الأعمال لتشغيل المزيد من الموظفين، لعدم تكبد دفع اشتراكاتهم للضمان، ومن جهة أخرى سيساعد التخفيض المؤقت بتقليل نسب التهرب التأميني”.
وأكد الصندوق، أن ارتفاع قيمة اشتراكات الضمان الاجتماعي في الأردن يقف عائقا رئيسيا أمام التوظيف فيها خصوصا بين العمالة ذات المهارات المتدنية والنساء والشباب، مشددا على أن خفض الاشتراكات في الضمان “سيساهم، ولو بشكل مؤقت، في تقليل تكاليف العمالة، وخلق فرص عمل، وانتقال العمالة غير الرسمية الى العمالة الرسمية”.
وأشار الصندوق إلى أن نسب الاشتراك الحالية سبب في زيادة كلفة الأيدي العاملة بالنسبة لصاحب العمل، وبالتالي هناك حافز أقل لاستيعاب المزيد من العمالة، أما بالنسبة للعامل فإنها تقلل صافي دخله، وبالتالي، فإن هذا يؤثر على استهلاكه مما ينعكس على الطلب الكلي الذي يؤثر بدوره في النمو الاقتصادي.
كما أشار إلى أنّ تخفيض الاقتطاعات على الرواتب يؤدي إلى زيادة “حصة الوظائف الرسمية” والأجور “بعد الضرائب”، وزيادة الطلب المحلي، والحد من البطالة خصوصا لدى الشباب والنساء والعمالة ذات المهارات المنخفضة.
المحلل الاقتصادي، جواد جلال عباسي، يؤكد من جهته، أن اقتطاعات الضمان “عبء كبير على الشركات والأفراد الملتزمين بالقانون والذين هم أيضا فاعلون في الاقتصاد الرسمي ودافعون للضرائب”، مقترحا أن يكون لكل مشترك في الضمان الخيار (بدون أي إكراه) بأن يعفى من اقتطاع الموظف للضمان مقابل تأجيل حقه بالتقاعد المبكر سنة بسنة؛ “أي أن يذهب أي مشترك بالضمان ويوقع اتفاقية ملزمة مدتها سنة قابلة للتجديد برضا الطرفين يلتزم فيها الضمان بإعادة الـ7.5 % المقتطعة شهريا من راتب المشترك له طوال السنة مقابل أن يستغني الموظف عن حقه بالتقاعد المبكر لمدة سنة فيحصل الموظف فعليا على 7.5 % من راتبه زيادة على راتبه بعد الاقتطاع (الزيادة المحسوسة الفعلية تكون بنسبة 8.1 % على الأقل) مقابل أن يؤجل حقه بالضمان المبكر لسنة، فإذا كان يستحق التقاعد المبكر على سن الخمسين يؤجل هذا الحق الى سن الواحدة والخمسين”.
وقال عباسي، “التقط المجلس الاقتصادي والاجتماعي مشكورا هذا المقترح في آذار (مارس) 2018، وطلب وقتها ردا من الضمان الاجتماعي الذي أجاب، أنه من الناحية المالية البحتة، فإن الأثر المالي للآلية المقترحة سيكون تأثيرها إيجابيا على الوضع المالي للمؤسسة ضمن فرضية أن الأغلبية تلجأ للتقاعد المبكر، والجميع سيتفق على الفائدة الإيجابية للعمال والموظفين والاقتصاد ككل، لكن لم يحصل شيء في هذا الإطار”.
وكان الأردن صادق العام 2014 على اتفاقية المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي رقم (102)، الصادرة عن منظمة العمل الدولية العام 1952، ما رتب عليه المزيد من الالتزامات التي عليه تنفيذها اتجاه رواد سوق العمل.
مصادقة الأردن على هذه الاتفاقية، بحسب خبراء، تشكل خطوة مهمة على صعيد تعزيز مفهوم الحماية الاجتماعية وتوسيع نطاق تطبيقاتها، لتشمل التأمين الصحي للمشتركين والمتقاعدين لتكتمل منظومة الضمان الاجتماعي التي تغطي حاليا تأمين إصابات العمل وتأمين الشيخوخة وتأمينات العجز والوفاة والأمومة.
بدوره، أكد مدير بيت العمال، حمادة أبو نجمة، أن الزيادة في قاعدة المشمولين بقانون الضمان الاجتماعي، التي تمت خلال الأعوام الماضية، بشمول قطاعات جديدة بالتأمينات لم تكن مشمولة سابقا واكبها زيادة في نسب المتخلفين عن تسديد الاشتراكات، وبنسب التهرب التأميني.
وقال، إنه من المعتاد أن نسبة من المؤسسات والأفراد في القطاع الذي يشمل حديثا بالضمان ستحاول في المراحل الأولى من شمول قطاعهم، التهرب بوسائل متعددة إلى أن يقتنعوا بأن التزامهم يعتبر ضرورة حتمية يفرضها القانون، وأن عدم الالتزام سيرتب عليهم عقوبات وغرامات هم في غنى عنها، كما أن بعضهم قد لا ينضم للضمان لعدم علمه بالتطورات القانونية والقرارات التي صدرت بهذا الشأن.
وأكد أبو نجمة، أن الزيادة على نسبة الاشتراكات في تعديل القانون العام 2014 لتصل إلى 21.75 % على صاحب العمل والعامل، قد ساهمت أيضا بزيادة معدلات التهرب، وعدم تسديد الاشتراكات التي أصبحت نسبتها عالية جدا، وتثقل كاهل المشمولين، وتؤثر سلبا على أوضاع المنشآت الاقتصادية، وقدرتها على المنافسة، أو حتى على الاستمرار بتأدية أعمالها، بخاصة في ظل الأعباء الأخرى المترتبة عليها، ومنها كلف الطاقة والضرائب والرسوم المتنوعة.
وأشار إلى أن البنك الدولي أكد ذلك، وطالب الحكومة بتخفيض الاشتراكات، كعامل يسهم بإنعاش الاقتصاد وزيادة النمو.
ورأى أن زيادة الاقتطاعات في قانون الضمان 2014 بسحب سيولة من الشركات والأفراد، تزيد على مليار دينار حتى الآن، زيادة على ما كان يقتطع سابقاً، وبناء عليه، أصبحت اقتطاعات الضمان تمثل 5.8 % من حجم الاقتصاد، علماً بأن الدراسات الدولية تؤكد أن زيادة 1 % من العبء الضريبي أو عبء التأمينات الاجتماعية، تتسبب بخفض النمو الاقتصادي بنسبة تتراوح ما بين نصف و1 %.
وقال أبو نجمة، إن تقسيط الاشتراكات، يمثل أحد الحلول لتشجيع المؤسسات والأفراد على الالتزام، ولكنه حل آني وجزئي لن يعالج أسباب المشكلة من جذورها، والمتمثلة بالتوجه جدياً إلى تخفيض نسبة الاشتراكات، وفي الوقت نفسه تكثيف الجهود الرقابية للمؤسسة على المنشآت، لضمان توفير تأميناتها الاجتماعية للعاملين، وفق نص القانون، وبقيمة الأجر الحقيقي للعامل.