زاد الاردن الاخباري -
باحث دستوري يذكّر بحرج “انعقاد المجلس” في ظل تعقّد إصابات كورونا.. ومفاجأة الملك قد تتمثل بـ “الاستقرار” بدل الاستثناء في المرحلة الحالية.. صالونات عمّان تعجّ بالأسماء ورئيس مجلس الملك قد يحضّر “تركيبة مختلفة” (تحليل سياسي)
يصعب في المرحلة التي وصل فيها الأردن إلى عدد إصابات عالٍ تجاوز الـ 600 إصابة (أول أمس) الثلاثاء، الحديث عن تغيير حكومي، في الوقت الذي يحتاج فيه صانع القرار عمليا إلى كل المدد القانونية للتعامل مع احتمالات التأجيل الانتخابي بسبب الوضع الوبائي.
ورغم زيادة التكهنات والإشاعات حول مشاورات يجريها القصر مع شخصيات مختلفة لتولي رئاسة الحكومة بدلا من الدكتور عمر الرزاز، باعتبار ان هناك وجود رغبة عليا بحل مجلس النواب وبالتالي رحيل الحكومة، يذكّر الباحث الدستوري المهندس حسين الصرايرة ان حل مجلس النواب في المرحلة الحالية يحرم الملك عملياً من خيار قد يحتاجه إذا ما تطور الوضع الوبائي واضطرت المملكة لتأجيل الانتخابات وهذا خيار وارد بكل الأحوال.
وكتب الشاب الصرايرة على صفحته على “فيسبوك” تزامناً مع تزايد أعداد إصابات كورونا في الأردن، أنه وفقاً للمادة 68 من الدستور فإن المجلس النيابي الحالي (الثامن عشر) ستبقى ولايته قائمة حتى انتخاب مجلس جديد، كون الانتخابات النيابية لم تعقد في الأشهر الأربعة الأخيرة من عمره.
وأضاف الصرايرة “طالما أن المجلس لم يحل بعد، فإن الأول من تشرين الأول موعد دستوري لعقد الدورة العادية بالمجلس الموجود، لكن للملك أن يؤجل عقدها شهرين فقط، فاختارت الهيئة موعداً يسبق الأول من كانون أول حتى لا يجتمع المجلس الثامن عشر لوحده دون إرادة ملكية بحكم الدستور”، مضيفا ان حل المجلس ورقة استثنائية بيد الملك سيتأجل استخدامها ” إلى حين وقوع الحرج أي أن يأتي موعد الانتخابات ولا نتمكن من عقدها فيحل الملك المجلس حينها وترحل حكومته ويعطي بذلك إبرة تمديد دستوري لأربعة شهور أخرى بعد لحظة الحل وفق المادة ٧٣.”
بهذا المعنى يذكر الصرايرة استناداً للدستور، بما اسلفت “رأي اليوم” ذكره عدة مرات عن “مجانية حل المجلس النيابي في هذه المرحلة” أي ان الدولة لا تحتاج عمليا لرحيل لا مجلس النواب ولا الحكومة في المرحلة الحالية، خصوصا مع تعقّد المشهد الداخلي في البلاد، بين الوباء وانتشار الفايروس، وبين الضيق الاقتصادي والتحديات الإقليمية، والذي جميعه لا يحتاج لتغييرات في المشهد الحكومي في المرحلة الحالية، بل على العكس يمكن الاستمرار بـ”عصر حكومة الرزاز” وصولا اما لحالة غضب شعبي، أو لحالة “حرج دستوري”، خصوصا اذا ما كان الملك يريد ان ينأى بنفسه عن الدور المباشر في التغييرات في البلاد.
ورغم ان الخيار المذكور يبدو بعيدا عن الواقع لمّا باتت معظم صالونات السياسة في الأردن سواء تلك الحقيقية او نظيرتها الافتراضية تروّج لاختيار أسماء بعينها وشبه تكليفها باستلام الحكومة المقبلة، إلا ان القصر يبدو في حالة ترقّب وانتظار تمتاز بالحكمة في هذه المرحلة خصوصا في ظل امرين: أولا زيادة الوضع الوبائي تعقيدا في البلاد مع تلاشي احتمالات الاغلاق.
وثانيا وهو الأهم، وجود قرار مسبق بعدم عودة مجلس النواب الثامن عشر للانعقاد خصوصا بعد التشويش على عدد كبير من أعضائه ورئيسه بملفات قديمة وجديدة لها علاقة بقضايا عالقة. بهذا المعنى، قد يفضل القصر بكل الأحوال الاستفادة من كل المدد الدستورية المتاحة للملك، بدلا من حرق الأوراق جميعا في مرحلة معقّدة كالتي تحياها البلاد وبالتالي الاضطرار الى خيارات كإعلان الاحكام العرفية في البلاد لمنع انعقاد المجلس الذي لا يزال قائما.
بهذا المعنى، ورغم ان حل المجلس هو ما اعتاده الأردنيون في مثل هذه الحالات، وما ذكره سابقا الرئيس الأسبق لديوان التشريع والرأي نوفان العجارمة عن كون عدد مرات تسليم مجلس نواب لاخر في تاريخ البلاد هي مرة واحدة فقط، الا ان تكرار الخيار للمرة الثانية في تاريخ البلاد سيظل الاسلم رغم كل التكهنات.
في الاثناء وبالضرورة سيتم تغيير مجلس الملك (الاعيان) الذي تنتهي مدته الدستورية بعد نحو اربع أيام وتعيين مجلس جديد قد ينسب اعضاءه رئيس المجلس الحالي ذاته فيصل الفايز، الأمر الذي قد يحتاج منه تغييرات في البنية والتشكيلة تناسب أولويات المرحلة الحالية سواء الاقتصادية او الاجتماعية، ما يعني الاستعانة بخبرات صناعية زراعية وفقا لما طالب به ملك الأردن عبد الله الثاني وحدده في خطاباته كأولويات لمرحلة كورونا وما بعدها، كما قد يحتاج لتطعيم المجلس بخبرات تكنولوجية أيضا، أكثر من رصّ المسؤولين السابقين في مجلس الملك كما جرت العادة.
بكل الأحوال، تبقى كل الخيارات متاحة بيد ملك البلاد سواء في حل مجلس النواب او في بقائه، وهذا امر قد ينطوي على مفاجآت اللحظة الأخيرة كما جرت العادة، ولكن المفاجأة هذه المرة قد تحتاج لمزيد من الاستقرار سواء بالوجوه الحكومية أو حتى بإرساء الدستور وروحه بحالته الطبيعية وليس باستخدام الاستثناءات. (رأي اليوم)