زاد الاردن الاخباري -
سهير جرادات : تجدد أخيرا جدل علمي وشعبي حول ضرورة دفن جثث الموتى المصابين بفيروس كورونا في المقبرة (الوحيدة) المخصصة لذلك في سحاب ، خاصة بعد أن حسمت منظمة الصحة العالمية الأمر؛ بأن جثث موتى كورونا لا تنقل الفيروس للأحياء ، في حين شهدت المنابر الإعلامية مناشدة من ذوي متوفى أصيب بفيروس كورونا لتسليمهم جثمانه لدفنه في بلدته بمنطقة غور الصافي بين أهله وأقاربه ، وترافق معه انتشار لمقطع فيديو جرت أحداثه في دولة عربية شقيقة يظهر رفض أهالي متوفى بالكورونا دفنه دون تغسيله، حيث اخذوه من سيارة نقل الموتى لغسله قبل دفنه !!..
وشهد الأسبوع الماضي أيضا الإعلان عن إجراء أول عملية تشريح لجثة شخص توفي بفيروس كورونا في المركز الوطني للطب الشرعي بمستشفى البشير، بناء على طلب قضائي للوقوف على أسباب الوفاة ، وإزالة الشكوك حول انتشار الفيروس.
رغم بيان منظمة الصحة العالمية الذي يظهر أنه لم يثبت أي دليل على إصابة أشخاص بالعدوى نتيجة التعرض لجثة شخص توفي بسبب الإصابة بفيروس كورونا ، وأن على الأحياء الحذر عند التعامل مع جثة الميت المصاب منعا لانتقال الإصابة للأحياء ، إلا أن الأردن مصمم على التقيد بتعليمات صارمة أصدرها بشأن بناء قبور إسلامية إسمنتية ، ذات جوانب وغطاء وارضية من الاسمنت بما يضمن عدم انتقال العدوى من الجثمان ، وان يكون الدفن ضمن إجراءات صحية بإشراف الصحة العامة في مراحل الغسل، والتكفين، والدفن في المقبرة ( الوحيدة ) المخصصة لذلك، وفق البروتوكول الصحي المعمول به في حالة الوفاة بالكورونا ، حتى لا يشكل أي خطر على القائمين على هذه الإجراءات.
وفي ضوء ما شهد الشارع الأردني من حالة تخبط جراء القرارات غير المدروسة التي تتخذها الحكومة دون العمل بتوصيات لجنة الأوبئة وتنسيباتها خلال فترة كورونا ، بحيث تتخذ قرارات خاطئة ومتسرعة واعتباطية اليوم ، وفي اليوم التالي يتم الرجوع عنها.
بدا لزاما على لجنة الأوبئة أن تنفذ تعليمات منظمة الصحة العالمية بأن الموتى لا ينقلون الكورونا ، وتعيد النظر بالبروتوكول الصحي الأردني ، ودليل دفن موتى الكورونا الصادر عن المركز الوطني للطب الشرعي ، حتى لا يتم التضييق على المواطن من خلال تطبيق اجراءات متشددة لا داعي لها سواء بالدفن في مقبرة (وحيدة) وخاصة بموتى الكورونا في منطقة سحاب بعمان ، أومن خلال التعليمات المتشددة في تعميق القبر وزيادة سماكته ووضع قاعدة اسمنتية له ، وحتى لا نقع بين تناقض النظرية والتطبيق ، وحتى لا يصيب الطب الشرعي الضعف ، لتبقى الكلمة الأولى والأخيرة له وليس للقضاء ، ولوقف حالة الارباك ، ولإغلاق باب التشكيك لدى المواطن .
وهنا لا بد من الاشارة الى أن خيرة الخيرة من أطباء التشريح ممن ينتسبون الى جمعية اختصاصيي علوم الطب الشرعي الأردنية، اصدروا في الثامن عشر من اذار الماضي كتابا تم فيه الاستناد الى التعليمات الصادرة عن الكلية الملكية البريطانية لاختصاصيي علم الامراض ، حول حقائق التعامل مع الوفيات المشتبه بإصابتها ومنها فيروس كورونا المستجد ، أي قبل عشرة أيام من تسجيل أول حالة وفاة بالكورونا في الأردن .
واكدت الهيئة الإدارية للجمعية في كتابها حسب رئيسها الدكتور مؤمن الحديدي أن الفيروس يعيش داخل الخلايا الحية ، ولا يعيش داخل الخلايا الميتة ، وأن أي فيروس قد يعيش في الهواء لفترة قصيرة قد تمتد لنحو ساعة واحدة(وهذا قد ينطبق على فيروس كورونا) ، لذا لا داعي لمقابرخاصة لدفن موتى الكورونا ، كما لا يوجد داعي لتعميق القبر، ولا توجد حاجة لوضع قاعدة اسمنتية .
ولغايات التخلص من وجود الفيروس على أسطح جلد المتوفى لفترات قصيرة ، يلزم غسله وفركه بالماء والصابون لمدة 21 ثانية ، واتلاف ملابسه وارتداء القفازات والكمامات للمغسل، وكل من يتعامل مع جثة الموتى ، واستخدام المطهرات لمدة لا تقل عن خمس دقائق قبل التجفيف ، مع لبس الكمامة والقفازات من قبل الكوادر المتعاملة مع المتوفى المصاب.
وفي ظل ما يجري من لغط حول آليات الدفن المتشددة وتخصيص مقبرة ( وحيدة ) في العاصمة لدفن موتى كورونا ، وعلى ضوء بيان منظمة الصحة العالمية ، والرأي الطبي والعلمي لجمعية اختصاصيي الطب الشرعي الأردنية ، تأكد وجود اختلاف وتناقض بين ما ينص عليه البروتوكول الصحي الأردني الصادر عن المركز الوطني للطب الشرعي وبموافقة لجنة الأوبئة من جهة ، ومنظمة الصحة العالمية وجمعية اختصاصيي علوم الطب الشرعي الأردنية من جهة أخرى ، والتي اثرت في - حينها – عند اصدارها توضيحا علميا لحقائق التعامل مع المصابين بفيروس كورونا ، الوقوف خلف لجنة الأوبئة وقراراتها ، وذلك لحرصها على عدم إحداث بلبلة لدى المواطن ، وتشتيت فكره ، وعدم إحداث حالة من الإرباك .
مع ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا ، وبالتالي يمكن أن نتوقع ارتفاعا باعداد الموتى ، فإن الأصوات تتعالى للمطالبة بإيجاد حل للتخلص من تخصيص مكان محدد لدفن موتى الكورونا ، والمطالبة بأن يكون الدفن في المقابر العادية (العائلية ) وفي جميع المحافظات ، وأن تكون القبور عادية لا اسمنتية ولا ذات قاعدة اسمنتية، وأن يكون تغسيل الموتى وتجهيزهم ودفنهم تحت إشراف المسؤولين في الصحة العامة ومركز الطب الشرعي بفروعه في الشمال والجنوب والعاصمة ، وبحسب التعليمات الصادرة عن قانون الصحة العامة.
وعليه بات من الضروري على لجنة الأوبئة أن لا تقيد نفسها بالبروتوكول الخاص الذي وضعته لدفن موتى الكورونا، وإعادة النظر فيه ، بعد اشراك وأخذ آراء جميع الجهات العلمية ، وأن تجري تعديلات؛ حتى لا نصل لتطبيق قاعدة " لزوم ما لا يلزم".