زاد الاردن الاخباري -
يتحدث الناشط الفلسطيني الفرنسي صلاح الحموري في مكتبه في رام الله بصوت جاف شبه متوتر قبل ساعات من إعلان القرار بشأن إبعاده في قضية تكشف عن "الحرب" التي تخوضها إسرائيل وفق تعبيره على المنظمات الفلسطينية غير الحكومية.
في مطلع شهر أيلول، تلقى المحامي صلاح الحموري الذي سبق اعتقاله في السجون الإسرائيلية أمرا بالحضور إلى مركز شرطة القدس لتلقي رسالة من وزير الداخلية يبلغه فيها بنيته إلغاء إقامته الدائمة في مدينة القدس الشرقية المحتلة.
ومُنح الحموري شهراً واحداً حتى الثالث من تشرين الأول/أكتوبر للطعن بهذا القرار.
وجاء في أمر إلغاء إقامته الذي اطلعت فرانس برس على نسخة منها "لقد تابعتَ أنشطة معادية لدولة إسرائيل ... ... وبعدم الولاء ... مستخدما وضع إقامتك الخاص".
والفلسطينيون المولودون في القدس التي احتلت اسرائيل في 1967 شطرها الشرقي وضمته، لا يحملون الجنسية الإسرائيلية إلا إذا طلبوها. لكن يسمح لهم بالإقامة الدائمة التي تعطيهم الحق بالعيش والعمل فيها.
وتؤكد الرسالة اتهام المحامي بأنه عضو في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تعتبرها إسرائيل والاتحاد الأوروبي "إرهابية". وهو اتهام ينفيه الحموري.
صلاح الحموري (35 عاما) مولود في القدس لأم فرنسية وأب فلسطيني وسُجن بين عامي 2005 و2011 بعدما أدانته محكمة إسرائيلية بتهمة التخطيط لاغتيال الزعيم الروحي لحزب شاس الديني المتشدّد الحاخام عوفاديا يوسف الذي توفي في العام 2013.
وقال لفرانس برس عن قضية سجنه "كان أمامي خياران من قبل الادعاء العسكري الاسرائيلي في محكمة عوفر العسكرية. إما ان أقبل بتسوية واوافق على التهم وأسجن لسبع سنوات، وإما أن أدخل في محاكمة مفتوحة ويُحكم علي فيها بالسجن 14 عاما ... ففضلت الحصول على سبع سنوات مضمونة، أمام محكمة عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية ممكن الطعن في شرعيتها بسبب وجودها في الأراضي المحتلة".
أفرج عن صلاح حموري قبل ثلاثة اشهر من انتهاء مدة عقوبته في إطار تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل في صفقة الجندي الإسرائيلي الفرنسي جلعاد شاليط. ومنذ ذلك الحين، دخل الحموري السجن رهن الاعتقال الإداري في عدة مناسبات. والاعتقال الإداري إجراء تستنكره المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان إذ يسمح لإسرائيل باحتجاز الأشخاص بناء على ملف أمني سري دون توجيه تهم إليهم.
تزوج صلاح الحموري من الفرنسية إلسا لوفور ابنة النائب الشيوعي السابق والرئيس السابق لجمعية التضامن الفرنسي الفلسطيني جان كلود لوفور. ومنعت زوجته في عام 2016 من دخول اسرائيل وأعيدت إلى فرنسا من مطار تل ابيب وهي حامل، وسُلمت أمرا يحظر عليها دخول إسرائيل لمدة عشر سنوات .
ومنذ ذلك الحين، يعيش الزوجان منفصلين وقد بلغ ابنه من العمر 4 سنوات.
ولم يتمكن صلاح الحموري ذو الرأس الحليق والعينين الزرقاوين لم يتمكن من زيارتهما.
ففي 30 حزيران/يونيو، وبينما كان خارجاً من مركز صحي في القدس بعد إجرائه فحص كورونا تحضيراً لسفره لفرنسا للقاء زوجته وابنه، اعتقلته القوات الاسرائيلية وبقي معتقلاً لمدة ثمانية أيام.
وطلب محاموه من السلطات تأجيل اتخاذ قرار حول وضعه لشهر، لكنه لم يتلق جواباً.
وطلبت فرنسا في أيلول/سبتمر الماضي من إسرائيل تعليق قرار طرد المحامي والسماح لأسرته بان تنضم إليه في القدس.
في السنوات الأخيرة، اعتمد البرلمان الإسرائيلي تعديلات على "قانون الدخول إلى إسرائيل" تسمح للسلطات برفض دخول أشخاص مؤيدين لحركة مقاطعة اسرائيل (بي دي إس).
كما جرت تعديلات تقضي بالغاء وضع إقامة فلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة في حالة اتهامهم "بعدم الولاء"، وهو مصطلح استخدم في حالة الحموري. وعن ذلك قال: "إن وجودنا في القدس لا يرضيهم. إنهم يفعلون كل شيء لإخراجنا منها".
يعمل المحامي في مؤسسة الضمير غير الحكومية في مدينة رام الله في الضفة الغربية، ويقول إن "إسرائيل تشن حرباً ضد المنظمات الفلسطينية غير الحكومية".
وتتهم إسرائيل على سبيل المثال مؤسسة الضمير بأن لها "صلات" مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ودهمت العام الماضي مكاتبها وعمدت إلى مصادرة أجهزة الكمبيوتر والوثائق.
ويؤكد الحموري أنه مجرد محام يخدم الأسرى الفلسطينيين نيابة عن مؤسسة الضمير.
وقال جيرارد شتاينبرغ مدير منظمة "مونيتور" غير الحكومية التي تتابع تمويل وما تقول إنه "صلات" الجمعيات الفلسطينية، لوكالة فرانس برس: "هناك نحو عشر منظمات غير حكومية تشكل جزءًا من شبكة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وهذا واضح لأن مسؤوليها كانوا ينتمون للجبهة".
ويقول الحموري إنه "لا يعرف" ما ينتظره ويخشى أن تؤدي التهم الموجهة إليه إلى "الطرد او الدخول ثانية الى السجن".