زاد الاردن الاخباري -
كتب : الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت - جاء ت تسمية الدكتور عمر الرزاز رئيسا للوزراء بعد حراك شهده الشارع الاردني ضد مشروع قانون ضريبة الدخل الذي ارسلته حكومة الملقي الى مجلس النواب وضد السياسات الاقتصادية التي زادات من جيوب الفقر والبطالة.
الرزاز بدا خطابه بالتاكيد على احقاق العدالة الضريبية واعادة النظر بالتشوهات التي لازمت قانون ضريبة الدخل, خطاب لامس قبولا عند الشارع الاردني فحصلت الحكومة على لقب حكومة النهضة بانتظار انجازاتها التي وعد بها الرئيس الجديد .
لم تأتي” القمره على قد الساري” ايام قليلة حتى تنكرت الحكومة لوعودها , وعادت الى طرح قانون ضريبة الدخل بتعديلات يرى مختصون بانها اكثر قساوة من سابقه.
ولعل التنافض الواضح بين شعار النهضة, وتخبط الحكومة , وصدمة الشارع بحكومة توقع منها الكثير خاصة في مجال تحسين معيشته, وارتفاع حجم المديونية غير المسبوق كل ذلك وغيره يدفع نحو فتح حوار مع اهل الاختصاص لاجل الوقوف على اهم العثرات الاقتصادية والاجتماعية التي وقعت بها الحكومه وقادت الى ارتفاع غير مسبوق على حجم المديونية.
حول هذه المعطيات, اجرى موقع الاردن اليوم حوارا حول اسباب الازمة الاقتصادية وواقعها على البعد الاجتماعي مع الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت .
يقول الكتوت ” الازمة الاقتصادية في الاردن ليست وليدة اليوم فهي امتداد منذ تاسيس الدولة الاردنية لكن التعاطي مع هذه الازمة المتراكمه لم يكن بمستوى المسؤولية الوطنية , لقد ارتفعت المديونية العامة لغاية النصف الاول من هذا العام 2020الى 32,063 مليار دينار بزيادة خلال 6 الشهور بلغت 1,987 مليون دينار , وهذا مؤشر خطير على ان معالجة المديونية يزداد صعوبة , ففوائد المديونية كلفتها تصل الى مليار ونصف وهو رقم اعلى من الرقم الذي ينفق على الخدمات الراسمالية واكبر من المساعدات الخارجية وبالتالي فان المديونية وفوائدها تشكل عبء على موازنة الدولة وسوف ترتفع اكثروسوف ترتفع اكثر مع نهاية العام الجاري ”
لقد استمرت الحكومة بالاعتماد على المساعدات الخارجية, والضرائب والاقتراض ولم تسعى الى انشاء تنمية اقتصادية وزراعية لكي يصار الى الاعتماد على الذات لكن تم ضرب هذه القطاعات ”
حرك مشروع قانون ضريبة الدخل الذي قدم ايام حكومة الدكتور هاني الملقي الشارع الاردني الذي عبر عن رفضه لذلك المشروع وفي زمن حكومة الدكتور عمر الرزاز صدر قانون ضريبة الدخل للعام 2018 يعلق الخبير الكتوت على هذا القانون قائلا”
” جاء هذا القانون تعبير عن وفاء الحكومة لراس المال خاصة قطاع المصارف, بخفض مساهمة الشركات المصرفية ,والمالية وشركات التامين, والبنوك , وبنفس الوقت صفعة لقطاعي الزراعة والصناعة , ان فرض ضريبة على القطاع الزراعي وتوحيد العبء الضريببي بين القطاع الصناعي والتجاري ,حرم القطاعات الانتاجية من السياسات التفضيلية, دون مرعاة الدور الاقتصادي والاجتماعي للسياسة الضريبية , التي يفترض ان تكون اداة لازالة التشوهات الهيكلية بالاقتصاد الوطني ”
في 30 من ايار عام 2018 شهد الشارع الاردني رفضا لقانون ضريبة الدخل , يرى البعض ان الحراك من قبل الشرائح الاجتماعية غير المتضررة من القانون عاد بالنفع على اصحاب راس المال للخبير الاقتصادي فهمي الكتوت راي بذلك .
” لقد استغلت الشرائح العليا من الراسمالية اصحاب بنوك ,مصارف, شركات وغيرها الحراك الشعبي لتخفض نسبة مشاركتها في الايرادات من خلال الحكومة التي شكلها الدكتور عمر الرزاز, لكن مشاركة الفئات غير المتضررة جاءت لرفض السياسات الضريبية والاجراءات التي اوصلت الاقتصاد الى ازمة حادة ”
حراك شهر ايار من العام 2018 وما تلاه من حراكات كان على حكومة الرزاز ان تتعامل معه بايجابية فهو انذار بان حجم المعارضة في اتساع , لمواجهة السياسات الرسمية, وهي معارضة تقع خارج الاطر التقليدية التي تتكون عادة من احزاب المعارضة او النقابات او قادة الراي “.
ورغم تدهور الاوضاع الاقتصادية والوضع الاجتماعي المتازم ما زالت السياسات الرسمية متمسكة بذات النهج ولم تنتبه للانذارات المتتالية وبتعبيراتها المختلفة اقتصاديا واجتماعيا, اضافة الى ارتفاع المديونية الى اكثر من 30 مليار دينار”
ويشير الاقتصادي فهمي الكتوت الى ان حكومة الرزازلم تقف عند الاسباب التي ادت الى اقالة حكومة الملقي ,, مضيفا” تجاهلت الحكومة حتى التعهدات التي وردت ببيانها الوزاري والتي اشارت فيه الى ” مراجعة شاملة للمنظومة الضريبية وتوزيع العبء على فئات المجتمع ومكوناته بعدالة , ومراجعة الضرائب غير المباشرة وغير العادلة التي يتحملها المواطن والتي لا تاخذ مستواه المعيشي وقدراته المالية بعين الاعتبار”.
لقد مضت الحكومة بسياستها الضريبية التي تهدف الى زيادة العبء الضريبي بنسبة 8% اضافية خلال السنوات القادمة ,, والحديث ما زال للخبير الاقتصادي فهمي الكتوت” الذي يتسائل, لماذا مطلوب من الفقراء والفئات الوسطى في المجتمع التضحية ؟ بينما يتم مكافاة الفئات العليا في المجتمع, والمفارقة العجيبه والغريبه ان الممولين الرئيسين للخزينه لا يستفيدون من عوائدها ولا يحصلون على الخدمات في الصحة والتعليم والعمل والنقل العام “.
ليس وحده الوضع الاقتصادي الذي شهد تراجعا يضيف الكتوت ” لقد ترافق تدهور الاقتصاد تشديد القبضة الامنية , واصدار القوانين العرفية والتعديلات الدستورية, التي اخلت بجوهر الدستور, والتي اقرها مجلس نيابي لا يعبر عن ارادة الشعب, وتحول معظم المواطنين الى متضررين من السياسات الحكومية, مما عمق القناعة لدى الشارع بان الخروج من مجمل الازمات المركبة دخل مرحلة الاستعصاء, اضافة الى غياب العدالة في توزيع مكاسب التنمية وتفاقم عجز الموازنة العامة ومديونية وصلت نسبتها الى اكثر من 100% من الناتج المحلي الاجمالي, وعدم افصاح الحكومة عن نفقات ما يسمى الالتزامات السابقة وعدم ضمها الى قيمة الدين العام لكي لا تعترف بالنسبة الحقيقية للمديونية “.
ما هي العوامل التي تخضع لها السياسا المالية في الاردن يجيب الخبير الاقتصادي على السؤال ” تخضع السياسات المالية التي تنم عن عجز واضح لنظرة عشوائية ولا تحوز على رؤية موضوعية شاملة لقدرات الاقتصاد في تامين الايرادات المالية المستهدفة في الموازنة العامة للدولة , فهي تقوم على طرح تقديرات وهمية تتعارض مع الحد الادنى من القواعد والبمادئ الاقتصادية, بزيادة نمو الايرادات الضريبية دون مراعاة معدل النمو الاقتصادي والنتيجة تعميق الازمة وافقار المواطنين “.
وبلغة الارقام الارقام نودع حكومة الدكتور الرزاز عبر مراجعة سريعة لموازنة العام 2019 فقد جاء في خطاب الموازنه ” ان مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية المستقلة للسنة المالية 2019 ” جاء منسجما مع ثوابت السياسة المالية الهادفة الى تحسين فرص النمو الاقتصادي ومراعاة لتحقيق مبدا الاعتماد على الذات”
يعلق الكتوت على ماجاء بطاب الموازنه ” التقديرات لم تاتي بمكانها , والموازنة استمرار للنهج السابق اضافة الى التجاهل المتعمد للتحديات الحقيقية التي تواجه البلد ”
لقد كشفت الموازنة التقديرية للعام 2019 ان الايرادات المحلية المقدرة مرشحة لزيادة باكثر من مليار دينار , فقد بلغت الايرادات العامة في الموازنة 8,610 مليار دينار منها 8,009 مليار دينارايرادات محلية بزيادة عن العام 2018 تبلغ 1,034 مليار دينار,في حين لم تحقق زيادة سنوية سوى 45 مليون دينار من 8703 مليون دينار “.
يؤكد الكتوت ” ان استمرار ارتفاع الدين العام من اهم التحديات التي تواجه الاقتصاد الاردني ومع ذلك فان الحكومة لا تمتلك الادوات التي تحول دون تدهور الاوضاع الاقتصادية وتخفيف اعباء الدين العام الذي ارتفع خلال الشهور العشرة الاولى من العام 2019الى 30,195 مليار دينارمقابل 28,308 مليار دينار نهاية العام 2018
ان تفاقم عجز الموازنه, وتجاوز المديونية قانون الدين العام , وتراجع الاستثمارات الاجنبية وارتفاع عجز المدفوعات والميزان التجاري وتفاقم مشكلة البطالة واتساع جيوب الفقر جميعها ثمرات النهج السائد .
ماذا نريد من الحكومة القادمة ؟
يرد الخبير فهمي الكتوت ” فك التبعية السياسية والاقتصادية, تولي حكومه مفوضة من الشعب تضع البلاد على اعتاب مرحلة جديدة, تراعي المصالح الوطنية العليا وبناء اقتصاد حقيقي يعتمد على تطوير القطاعات الانتاجية واستثمار موارد الوطن , والتخلي عن سياسة الاقتراض في تمويل الانفاق الاستهلاكي , ومعالجة قضية الفقر والبطالة من خلال خطة تنموية شاملة وهذا يتطلب ايضا تعديلات دستورية , وقانون انتخاب ديمقراطي وانتخابات حرة ونزيهة”.