زاد الاردن الاخباري -
كتب : معالي د. محمد حسين المومني - سجل نحو ألف مترشح للانتخابات في يوم الترشح الاول (932 مرشحا)، توزعوا ضمن قوائم (164 قائمة) تباينت اعدادها في شتى محافظات ودوائر المملكة. الرقم مرشح للارتفاع مع انتهاء المدة القانونية لتسجيل القوائم والمرشحين، دلالته واضحة، تشير الى اننا بصدد موسم انتخابي ساخن بين القوائم والمرشحين. تتباين اهمية المرشحين فبعضهم سياسيون ثقيلون عماد الكتل وحامليها، وبعضهم حشوات لإكمال العدد، لكن في كل الاحوال يبقى العدد الكبير للمرشحين دلالة على معركة انتخابية مثيرة قادمة، وان ثمة قناعة متزايدة بأهمية الانتخابات واهمية افراز نواب يمثلون المصالح والناس على اختلاف تبايناتهم تحت القبة. هذا العدد اثبات رقمي كمي على انحسار العزوف واللامبالاة، بل واثبات على ان من يعزفون على هذه الجوقة هم المعزولون عن واقع الناس وهمومه وديناميكيات السياسة فيه.
الذي لم يتضح لهذه اللحظة هو البرامجية التي تقوم عليها هذه القوائم، حتى تلك التي افرزتها تيارات سياسية واضحة اللون والمقصد. هذا هو الجزء من العملية الانتخابية الذي ما نزال بحاجة لإنضاجه: منافسة انتخابية تتجاوز الشخصي للبرامجي وتقدم بدائل واضحة للناخب يستطيع من خلالها الممايزة بين سياسات بائنة الاختلاف. المتوقع مع كل اسف ان تكون برامج القوائم حتى تلك العابرة للمحافظات عمومية عبارة عن قائمة امنيات او وعود منسلخة عن الواقع تسعى لإرضاء الجميع بهدف حصد الاصوات والفوز في المنافسة الانتخابية. الاحزاب والتيارات المترشحة في قوائم ستكون لديها برامج انتخابية ولكنها ايضا ستكون على قاعدة “ما يطلبه الجمهور” وليست برامج فعلية قادرة على ان تحاكي الواقع وتقترح سياسات وبدائل مفيدة للبلد والمجتمع. وبالتأكيد لن نجد برامج تطرح حلولا قاسية وتسمع الناخبين الحقائق كما هي، ما سنراه ونشهده بالحملات الانتخابية اشكال من البكائية والتلاوم تبتعد عن موضوعية الطرح فالانتخابات تتطلب إرضاء آذان الناس واللعب على وتر الشعبويات.
ضعف احزابنا، وشعبوية وادلجة القسم المنظم منها، حرمنا كمجتمع من ان نذهب في يوم الاقتراع لنصوت للسياسات والبرامج، فيبقى التصويت اما عشائريا او جهويا، او ايديولوجيا معلبا لا يصلح ان يفرز نواب تغيير حقيقيين. الابتعاد عن واقعية الطرح والشعبوية في الحملات الانتخابية تكلفتها علينا كبيرة جعلت التغيير الحقيقي البرامجي امرا بعيد المنال. الخروج من هذه المعضلة يقع على عاتق التيارات والاحزاب التي تمتلك القدرة التنظيمية على طرح البرامج. هذه الاحزاب معنية بتقديم طرح برامجي لا يستهدف القاعدة الانتخابية فحسب، بل الدولة بكامل اركانها، ويكون ذلك بتقديم سياسات وحلول عملية غير خيالية تستجيب للمحددات الاقتصادية والسياسية وتدعمها بحلول مبتكرة من خارج الصندوق، اما ان تستمر هذه التيارات بترديد شعارات بائدة، او تقديم طروحات حالمة فهذا قصور عن اداء الواجب الوطني المؤمل منها. لا نريد ان نسمع من هذه الاحزاب شعارات تعد بتخفيض البطالة وجلب الاستثمار، فكلنا نريد ذلك، نريد ان نسمع منها كيف يمكن فعليا وعمليا خفض البطالة وجلب الاستثمار وما هي القرارت او السياسات التي سيتقدمون بها من اجل تحقيق ذلك، عندها سيكون النقاش برامجيا بناء وليس تنظيريا حالما.الغد