زاد الاردن الاخباري -
الأستاذة: غادة عمر أحمد الحاج قاسم -يرتقب الوطن الاستحقاق الدستوري القادم انتخابات مجلس النواب (2020-2024). جهود على كافة المستويات في الدولة والجهات المختصة لإبراز هذا الاستحقاق. حيث أن الاستحقاق الانتخابي يمثل واجهة ديمقراطية لكل دولة في العالم ودستوريتها واحترامها حقوق الإنسان العالمية مع شعوبها. ووطننا قد خطى خطوات مشهودة له في الإجراءات الانتخابية بما يضمن الحيادية والشفافية، وبتعاون الهيئات المتخصصة والمؤسسات المدنية في الدولة.
إن كل الانتخابات تشتمل وفق التوجهات الانتخابية للمنتخِب(الناخب) على فئات ثلاث، حيث المنتخِب أحد أطراف العملية الانتخابية:- منتخِب جاد: متحمس يمتلك الدافع سواء لمعرفة شخصية بالمرشح، أو اقتناعا بالبرامج الانتخابية للمرشح أو وعوده بالإنجاز حال فوزه. والمنتخِب السلبي: وهو من يبادر بالانتخاب لكن دون اقتناع بأي مرشح أو دون وعي بدور مجلس النواب فالأمر له مجرد تنزه واطلاع -مُتفرّج ليس إلا-، أو هدفه تحقيق ذاته بمجرد الانتخاب. والمُنتخِب الممتنع: وهو المدرج اسمه في الجداول الانتخابية لكنه لا ينوي المشاركة، ولن يشارك بأي حال من الأحوال. والمُرشّح أيضا وفق التوجهات للترشح ثلاث فئات:- المُرشّح الفعال: وهو الذي لديه برنامج انتخابي جاد وجديد ومطالب له ولفئة من مجتمعه، لم تتحقق عبر عدة دورات انتخابية سابقة. والمُرشّح التقليدي: وهو الذي يترشح ليمثل مطالب وغايات وأهداف فئة محدودة وفق مصالحهم فقط. والمُرشّح السلبي: وهو الذي لا يتوقع الفوز، ولا من أولويات أهدافه؛ يضيف عبئا عدديا في العملية الانتخابية وحيرة لدى المنتخِب، غايته تحقيق أهداف أخرى مثل الدعاية لشخصه وأعماله الخاصة، ونيله منصب "مرشح مجلس نواب" ولو استحالة عضويته فيه.
إن المنتخِب أو المرشح كلٍّ بالفئات الثلاث آنفة الذكر توجد في كل مجتمع، تتباين نسبة كل منها لكن في نهاية المطاف ما يحقق نجاح وفشل الديمقراطية البرلمانية في أي دولة في العالم هو نجاح أو فشل التمثيل الواعي الحقيقي لكل من المرشح والمنتخِب فكثر من الدول نماذج سلبية في هذا رغم الانتخابات التي تجريها. إن شعارات الترشح المعتادة مثل الوطنية والمواطنة، واختيار الأفضل للوطن. لا بد أن تكون عاملا تحفيزيا للمنتخِب بعيدا عن المرشح ليستشعرها عند الإدلاء باختياره الانتخابي. والتي تتطلب تجرد المجتمعات من الواسطة والمحسوبية المتغلغلة في النسيج الاجتماعي والثقافي للمجتمعات. واستقلالية تلبية الاحتياجات الأساسية لحياة المواطن بداية؛ ومن ثم تكون إصدار التشريعات وفق مطالبه من أولوياته.
ثمة ظواهر اقترنت عالميا بالانتخابات البرلمانية وإفرازاتها لاسيما السنوات الماضية (1– 20 سنة) قللت من شأن الانتخابات البرلمانية من بينها: إفصاح المنتخِبين بانتشار عادة عدم تواصل المرشح مع من انتخبه بعد نجاحه بعضوية المجلس. وضعف المستوى التعليمي والثقافي في التخصصات التعليمية التي يملكها المرشح نسبة للمنتخِب في تخصصه وغير تخصصه نتيجة الثورة المعلوماتية أو المستوى الثقافي فمثلا: "لا يعقل أن أقرأ 300 كتاب والمرشح لم يطَّلع على كتاب في تخصصه بعد حصوله على آخر درجاته العلمية!!". وانخفاض نسبة المشاركة من الفئة المثقفة أو خبرات أصحاب التعليم العالي الواعية بمدى المقدرة الفعلية للمرشح على تطبيق وعوده وشعاراته الانتخابية؛ مما حذا في الكثير لرفع نسبة المشاركة الانتخابية بالتركيز على الشباب ولجوء بعضهم لتحريضهم بعدم جدوى الفئات العمرية الأخرى بالمطالبة بمصالحهم -متناسين أن الشباب أبناء لآبائهم وأن الكهول آباء الشباب- طمعا بمشاركتهم المتأثرة بالشعارات الانتخابية لاندفاعهم السريع وقلة خبراتهم الحياتية رغم التحصيل العلمي لبعضهم. ناهيك عن انتشار العرض المفبرك مع الانتشار الإعلامي لمحتوى جلسات برلمانية إعلاميا لنجد خطابات لأعضاء برلمان تخاطب وتدغدغ مشاعر المواطنين أو رسائل موجه خارجيا لدول أخرى -حكومات أو شعوب دول أخرى-. فقد أضحى مسرحا يمثِّل فيه الأعضاء وإن غاب النص المكتوب فخروج الممثل عن النص لا يخرج عن فكر وعقيدة مخرج المسرحية –الفئة التي أوصلت المرشح لنيل عضوية المجلس- حتى بدنا نرى فيه مشاهد لمشاجرات جماعية في أكثر دول العالم تقدما، وكلها استعراضات لا علاقة بمهمة عضوية مجلس النواب(نواب الشعب) فهو المعبِّر عن مطالبهم التشريعية وليس المعبّر عن رأيهم أو وكيلا عن حقهم في التعبير. علاوة على تقليدية الحملات الانتخابية للمشرحين فمن غير المنطقي ونحن في زمن التطور التعليمي والمعرفي أن نرى من يعرِّف شخصه بمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية أو الطرق والشوارع العامة تتضمن اسم المرشح، ورقم الدائرة الانتخابية، وشعارات سأمها العقل والسمع أو صور المرشح بما تحمله من انعدام مناسبتها لغايتها، وسيرة المرشح والتي لا تتجاوز كونها سيرته لوظيفة(مهنة) تحوي مؤهلاته الدراسية وخبرته العملية، وكأن المنتخِب في سوق عرض مهني لينتقي بين حاجته للطب أو المحاماة أو الهندسة..الخ!. أما المرأة فطالما كانت السِّيمْفُونِيَّة العالمية في الترشح للانتخابات والواقع أن المرأة والرجل في العملية الانتخابية وجهان لعملة واحدة خاصة مع حداثة المجتمعات.
ما سبق هو واقع الانتخابات في كافة الدول وما يجنب الإحباط السياسي والديمقراطي واقع الحال الذي وإن كانت قبة البرلمان -تحوي نسبة قليلة من تمثيل الشعب- مهمته الرئيسية وضع تشريعات تمثل ضوابط مناحي الدولة الاقتصادية والمهنية وغيره، وضوابط سلوكيات أفراد المجتمع؛ فإن رسم(وضع) هذه السياسة الفعلي، وهي سياسات وسلوكيات المجتمع، والتي تعد قيمتها بتطبيقها يرسمها(يَخُطُّها) كل فرد في المجتمع بالعمل والانجاز والابتكار والإبداع؛ فهي قمة قبة البرلمان وهي لأي من أفراد المجتمع، ووصولها متاح للشعب كافة، وتتسع لهم جميعا، وواجب واستحقاق وطني بالمقام الأول، وهو مستقبل الوطن-هو قمة قبة البرلمان وهو عنوان مقالتي هذه-، فعماد استمرارية حياة المجتمعات بالهمم الشابة التي لا ترتبط بالعمر بل بالعزيمة على العمل، وأصالة الكبار من كبار الخبرات وكبار العلوم والمعرفة. فمن اعتز بتاريخه أفصح عن عراقة أصله.
* بعض خبرات الكاتب المتعلقة بالموضوع: باحث أكاديمي في القانون الدولي والدستوري والإداري. مراقب محلي للانتخابات النيابية(الأردن)، ومراقب محلي لانتخابات المجالس البلدية والمحلية ومجالس المحافظات(الأردن) في دورات انتخابية سابقة. ناشط حقوقي.