زاد الاردن الاخباري -
حذر رئيس لجنة العلاقات الاقتصادية الخارجية التركية، نائل أولوباك، في تصريح، الأسبوع الماضي، من خطورة دعوات المقاطعة على مئات المصدرين الأتراك.
وقال أحد المصدرين من غازي عنتاب (جنوب شرقي تركيا)، يعمل في منطقة الخليج العربي منذ 30 عاماً، إن الطلبات على المنتجات التركية في السعودية باتت شبه متوقفة بسبب دعوات المقاطعة.
وحذر النائب التركي عن حزب الشعب الجمهوري بمدينة هطاي (جنوب)، محمد جوزال منصور، من أن تؤدي سياسات الرئيس رجب طيب إردوغان، إلى إفلاس المصدرين الأتراك، متهماً الحكومة بعدم الاهتمام بقضايا المصدرين، في ظل ما تواجهه البلاد من أزمات، في مقدمتها الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي ازدادت سوءاً بعد تفشي وباء كورونا. وأكد أن بلاده ليست لديها القدرة على أن تتحمل مزيداً من الخسارة في الوقت الراهن، سواء علاقاتها التجارية مع السعودية أو غيرها من دول الشرق الأوسط.
وقد دفعت سياسات الحكومة التركية برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، والتدخل في شؤون العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط، إلى وضع تركيا في موقف حرج في الفترة التي يعاني اقتصادها اختلالات عديدة؛ أبرزها انهيار الليرة التركية أمام العملات الأجنبية على مدى عامين، وعدم قدرة الحكومة على كبح هذا الانهيار، ما أثر على الاحتياطي النقدي وأسهم في مزيد من عجز الميزانية، فضلاً عن فرار المستثمرين الأجانب والمحليين إلى مناطق أكثر أمناً.
وحذر الاتحاد التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية بالبلاد في بيان، من «استغلال الظرف (في إشارة إلى تفشي كورونا) لتمرير مشاريع واتفاقيات خارجية معادية لمصالح تونس وترتهن مستقبل الأجيال لصالح اصطفافات وأحلاف أجنبية»، مؤكداً أن أي خطوة في هذا الاتجاه ستواجه بالرفض الشعبي والتصدي المدني و«لن يتأخر الاتحاد عن خوض النضالات الضرورية لإسقاطها».
وتداولت وسائل إعلام مغربية مؤخراً تصريحات منسوبة إلى وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي مولاي حفيظ العلمي، بشأن استعداد المغرب لإعادة النظر في اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، لافتاً في رده على أسئلة النواب بالبرلمان إلى أنه قال للجانب التركي: «إما نتفق على تعديل الاتفاقية أو سنقوم بتمزيقها».
وحذرت المنظمة الديمقراطية للشغل من انعكاسات اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا المتمثلة في إغراق السوق الوطنية بالمنتجات التركية، ما أدى إلى إعلان عدد من شركات الغزل والنسيج والوحدات الصناعية التي تشغل أيادي عاملة كبيرة من النساء والأسر الفقيرة إفلاسها الاقتصادي والتسريح الجماعي للعمال، إضافة إلى «إغلاق ما يزيد على 30 ألفاً من محلات بيع المواد الغذائية، وضياع عشرات الآلاف من الوظائف». وأشارت الأرقام الرسمية الخاصة بالمقاولات والتجارة الداخلية إلى فقد 19 ألف وظيفة عام 2014، و24 ألفاً عام 2015، و35 ألفاً عام 2016، و44 ألفاً عام 2017. وبلغت خسائر الاقتصاد المغربي من الاتفاقية أكثر من ملياري دولار، بحسب العلمي.
وأدى تصعيد سياسات التدخل ومحاولات التمدد في العديد من الدول إلى رفض شعبي واسع لتركيا، التي كانت من قبل نموذجاً مرحباً به ونجحت في تطوير علاقاتها مع مختلف الدول، قبل أن تسعى إلى توظيف الاضطرابات التي شهدتها المنطقة في عام 2011 في تكريس هيمنتها على دول تعتقد أن من حقها الوجود فيها، لاستعادة الحقبة العثمانية وتنصيب نفسها قائداً للمنطقة على الرغم من رفض المعارضة التركية ذاتها لهذا النهج، الذي أكدت أنه ألحق كثيراً من الضرر بتركيا وصورتها في العالم، فضلاً عن الخسائر الضخمة التي تكبدها اقتصادها نتيجة لذلك وفق ما افادت صحيفة الشرق الاوسط اللندنية
وشهد كثير من الدول العربية في الفترة الأخيرة دعوات شعبية لمقاطعة البضائع والمنتجات التركية ووقف استيرادها بسبب الخطاب العدائي للرئيس إردوغان وأعضاء حكومته تجاهها، ومن أبرزها السعودية التي شهدت خلال الأشهر الأخيرة حملة شعبية وصلت إلى ذروتها في الأسابيع الأخيرة، بسبب رفض المواطنين الحملة الممنهجة على بلادهم، سواء في التصريحات الرسمية أو من جانب الإعلام التركي الرسمي أو الموالي للحكومة.
وتصاعدت دعوات المقاطعة أيضاً في دول كانت تحاول حكومة إردوغان اتخاذها مرتكزاً لسياساتها في المنطقة، مثل تونس التي ربطتها بها علاقة قوية مع حركة النهضة بزعامة راشد الغنوشي، والتي شهدت دعوات شعبية، فضلاً عن ضغوط من البرلمان لوقف اتفاقيات مع تركيا بسبب إلحاقها الضرر ببلادهم.
كذلك فعلت الحكومة العراقية التي قررت اللجوء إلى سلاح الضغط الاقتصادي للرد على التدخل التركي العسكري في شمال البلاد، فضلاً عن عدم مرونة تركيا فيما يتعلق بملف المياه، وصولاً إلى دعوات في المغرب بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا و«تمزيقها»، بعد أن سبق ذلك خطوة مماثلة مع الأردن التي ألغت اتفاقيتها مع تركيا بسبب الأضرار التي لحقت بالاقتصاد.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا والسعودية العام الماضي 5.1 مليار دولار، بحسب أرقام وزارة التجارة التركية، التي أشارت إلى ارتفاع حجم التبادل في عام 2019، مقارنة مع عام 2018، الذي هبط فيه إلى حدود 4.8 مليار دولار.
وأشارت الوزارة إلى أن الصادرات التركية إلى السعودية بين يناير (كانون الثاني) وأغسطس (آب) من العام الجاري بلغت 1.9 مليار دولار، بانخفاض 400 مليون دولار عن الفترة ذاتها من العام الماضي، التي بلغت فيها الصادرات التركية إلى السعودية 2.3 مليار دولار.
كما بلغت الصادرات السعودية إلى تركيا في الفترة نفسها 1.1 مليار دولار، بعد أن كانت 1.44 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، بانخفاض بلغ أيضاً 350 مليون دولار.