الدكتور عديل الشرمان - ما يتناقله الناس على مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بقضية الإتاوات خطير، وخطير جدا، وصادم لكل المواطنين، ومفسد للحالة النفسية والمعنوية، ويضعف العلاقات، ويدمر الثقة، بل ويقضي على كل أمل بالقادم، فهل تسارع الحكومة بإعلام المواطنين بالحقائق وبنتائج التحقيقات بهذا الخصوص، مغلبة مصالح الوطن على مصالح التحقيق، ومقدمة حق المعرفة على مخاطر النشر، ولدرء المفاسد والإشاعات.
إن صح ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، رغم اليقين بأن نسبة كبيرة منه بحسب الدراسات لا يلامس الحقيقة بشكل دقيق، فإننا أمام تحد كبير يلقي بضلالة على سمعة وهيبة الدولة وأجهزتها المعنية، مما يتطلب تظافر جهود كبيرة لتصحيح هذا الواقع الافتراضي، وتبيان الواقع الحقيقي.
ملف ما سمي بالإتاوات أو الخاوات، يطرح تساؤلات عديدة تتعلق بسير عمل ونجاعة الخطط الأمنية، والتي تنفذها أجهزة امتازت بالكفاءة والاحترافية لعقود من الزمن، وفيما اذا كان هناك ثغرات تعتريها، وتطرح تساؤلات عميقة تتعلق بأخلاقيات بعض أصحاب القرار والمتنفذين ممن يلقبوا بأصحاب المعالي والسعادة والعطوفة الذين لم يجلبوا لنا علوا ولا سعادة ولا عطفا،
القضية التي نحن بصددها تطرح تساؤلا أهم، وتؤشر إلى مدى مصداقية ادعاءات المواطنين بتفشي الفساد، وتخوفهم على أقواتهم ومستقبل أبنائهم، مما يجعل منها قضية رأي بامتياز، واختبار حقيقي، وأحد أهم القضايا والتحديات التي تواجه الحكومة الحالية، ولعل هذه القضية تشكل وصمة في جبين الحكومات المتعاقبة التي إن كانت تعلم بما يجري فتلك مصيبة، وإن لم تكن تعلم فالمصيبة أكبر، وتكشف الكثير من المستور وما كان قد خفي تحت القشور.
إلى متى سنبقى نلوذ في صمت عميق، ومتى سنصل حد المهنية في ممارسة عملنا الإعلامي الحكومي، لنقف بخطى ثابتة، ونتكلم بالحقائق بثبات وقوة، دون مواربة، وبلا تردد أو خوف، لنطمئن الأنفس الخائفة، ونلجم الأصوات الخبيثة والمشككة، ولنقول للناس أن الأردن بخير، وهذا هو الواقع حلوه ومره، وسوف نسير بعزم وثبات لإصلاح الخلل، وتقويم الاعوجاج، وقصم ظهر الفاسدين والقضاء على الفساد، فالاعتراف بالخطأ لم يكن ضعفا في يوم من الأيام، بل مصدر قوة، ودليلا على النزاهة والنظافة والموضوعية، ولم يعد هناك ما يمكن أن نخفيه، ولا سبيل للنجاة إلا بالمكاشفة وبالمواجهة، والاقدام بحزم على اتخاذ قرارات مؤلمة للبعض، لكن فيها نجاة للوطن والمواطن.
نجحت الحكومة في مكاشفة المواطنين ومواجهتهم بالحقائق من خلال المؤتمرات الصحفية التي تعقدها يوميا في ملف فيروس كورونا، فهل تكرر التجربة الناجحة في ملفات أخرى تمس حياة الناس، وتضعهم بصورة ما يحدث، لن تستقيم الأمور بغير ذلك، ولن يهدأ الرأي العام بغير هذه السياسة، فالمواطن بات يعرف الكثير، وبات متأكدا من بعض ما يحدث، لكنه يريد أن يسمع الحقيقة من الحكومة فلا تقتلوا الوطن بصمتكم، وقولوا لنا قبل فوات الأوان ما الذي يحدث، وهل صحيح أن هناك أياد خبيثة خانت أماناتها وعهودها وامتدت تساند وتتستر وتدعم العابثين بأمن الوطن، فأن نسمع من المعنيين في الحكومة خير من أن نسمع من مواقع التواصل الاجتماعي.