زاد الاردن الاخباري -
من المؤكد أن المشهد اليوم يشير إلى تعلّق زائد بالهاتف والأجهزة الالكترونية، ليس لدى الأطفال فحسب بل أيضاً لدى الراشدين الذين بات الهاتف يسيطر على حياتهم. تشير الاختصاصية في المعالجة النفسية شارلوت خليل أن مصطلح النوموفوبيا أو التعلّق بالهاتف ظهر في بريطانيا في عام 2008 بعد إحصاءات أجريت في البلاد وتبين فيها أن نسبة 53 في المئة منهم تعاني توتراً زائداً عندما لا يكون الهاتف بحوزتهم. تبدو هذه النسبة مرتفعة بحسب خليل، لكن الأمور تبدو أكثر صعوبة اليوم بعد مع ظروف كورونا والحجر إذ أصبح الهاتف من الأساسيات للكل من مختلف الفئات العمرية، وما لا شك فيه أن الأهل يشكون دائماً من تعلّق أطفالهم بالشاشات عامةً.
تؤكد خليل أن للهاتف اليوم أهمية كبرى في حياتنا ويصعب التخلّي عنه خصوصاً أن الكثير من التفاصيل المتعلّقة بحياتنا الشخصية موجودة فيه، وبقدر ما تزيد، يزيد التعلّق به. كما نعتمد عليه إلى حد كبير، لكن درجة التعلّق به زادت عن الحدود الطبيعية، وزادت الصعوبات عند الأهل مع التعلّم من بعد في محاولة الحد من تعلّق أطفالهم بالشاشات.
في المقابل، لا بد من التركيز على أن الأهل هم المثال لأطفالهم، فإذا كانوا يعانون من صعوبات في الحد من تعلّق أطفالهم بالاجهزة الالكترونية، لا بد لهم من العودة إلى أنفسهم والتحقق ما إذا كانوا قادرين على التخلي عن الهاتف في فترات معينة والانفصال عنه، وما إذا كانوا هم أنفسهم قادرين على التقيّد بالضوابط التي يفرضونها على أطفالهم.
توضح خليل أن الطفل يتأثر أكثر بما يرى مقارنةً بما يسمع. انطلاقاً من ذلك على الأهل أن يبدأوا بتحديد الاوقات التي يمضونها مع الهاتف إذا كانوا يريدون الحد من تعلّق أطفالهم بالأجهزة الالكترونية.
فالأسئلة التي يطرحها الأهل كثيرة في هذا الإطار ويجب أن يسألوا أنفسهم ما إذا كانوا قادرين على ترك الهاتف أثناء تحدث أطفالهم إليهم، وما إذا كانوا يستطيعون التخلي عنه، وما إذا كانوا يشعرون بالمعاناة كما يحصل مع أطفالهم عندما يتخلون عن الهاتف، وما إذا كانوا يحرصون على ترك الهاتف بعيداً عنهم عند الوصول إلى المنزل للتواصل مع أطفالهم...
بحسب خليل، من المؤكد أن الطريقة الفضلى لمساعدة الاطفال على التخلي عن الأجهزة الالكترونية هي في تخلي الأهل عن هواتفهم لفترات معينة.
كيف يمكن أن يعمل الأهل على الحد من استخدام هواتفهم؟
على الأهل الذين يشعرون أن الأمثلة المذكورة تطبق عليهم، أن يبدأوا بالسعي إلى التغيير في أدائهم ليكونوا مثالاً جيداً لهم:
-التخلي عن الهاتف في أوقات معينة كما في العطلة أو في النزهات وفي الاوقات التي تجتمع فيها للتواصل وأيضاً في السيارة لاعتبارها من الأوقات للمشاركة في الأحاديث والتحدث مع الاطفال ويمكن الاستفادة منها بعيداً من #الهواتف.
-التخلي عن الهاتف في الأوقات التي يخبر فيها الطفل أموراً لأهله، فغالبية الأطفال تشكو من عدم استماع أهلهم إليهم.
-التخلي عن الهاتف في أوقات تدريس الأطفال، إذ يقتصر استخدامه على الحاجة إليه للحصول على معلومات معينة، على أن يشارك الطفل عندها في عملية البحث عن المعلومات.
-التخلي عن الهاتف في أوقات الأكل على المائدة وأيضاً في أوقات نوم الطفل.
-تحديد أوقات معينة للاستعانة بالهاتف في المنزل ورؤية الرسائل التي تصل.
-تحديد أوقات يطلب فيها من كافة أفراد العائلة التنازل عن هواتفهم وعن الاجهزة الالكترونية ليشعر الأطفال بالدعم والحماسة ليطبقوا ما يُطلب منهم، فتزيد قدرتهم على تطبيق ذلك.
إن الاستمرار في هذه العلاقة مع الهواتف والأجهزة الالكترونية يهدد، بحسب خليل، باضطراب في العلاقات العائلية والاجتماعية. فيُلاحظ بأن التواصل حتى ضمن العائلة الواحدة اليوم مرتبط بعلاقات وهمية أكثر منها علاقات فعلية.
فحتى إذا كانت للهاتف إيجابيات كثيرة وأهمية في حياتنا لاعتباره من الأساسيات التي يمكن الاعتماد عليها في الحياة اليومية، من المهم السعي لنسيطر عليه حتى لا يسيطر هو علينا وعلى حياتنا. فيبقى الوعي أساسياً هنا بحسب خليل وعلى الأهل العمل بجدية على ذلك.