زاد الاردن الاخباري -
صمدت اللبنانية ديما عبد الصمد قيس، الابنة الوحيدة لأهلها والأمّ لولدين، حتى الرمق الأخير قبل أن تصعد روحها للسماء لتنضم إلى ضحايا انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب الماضي، تاركةً خلفها دموع زوجٍ مفجوع وشابّة بعمر الياسمين دخلت القفص الذهبي منذ ما يقارب العام وبضعة أشهر، وشاباً التحق بإحدى جامعات الولايات المتحدة الأميركية لمتابعة تخصّصه، دون أن تعلم أنّه سيعود هو وشقيقاها المغتربَان لإلقاء تحية الوداع الأخير.
ديما عبد الصمد قيس، مواطنة لبنانية، شاء القدر أن يخطفها الانفجار المشؤوم بعد 83 يوماً من مصارعتها الموت في مستشفى جبل لبنان (ضواحي العاصمة)، إذ كانت قد دخلت في غيبوبة منذ أكثر من شهرين ونصف الشهر، لم يفارقها خلالها زوجها وابنتها ياسمينا، قبل أن تلتحق بمن سبقوها من شهداء أبرياء، حرقوا قلوب ذويهم وأحبّتهم الذين ما زالوا ينتظرون كشف الحقيقة وإحقاق العدالة، في دولةٍ وعدتهم بتبيان نتائج التحقيقات بعد خمسة أيامٍ من وقوع الانفجار، غير أنّ الوعود تناثرت كغيرها على قارعة الطائفية والمحاصصة.
ويختصر الناشط المدني زياد عبد الصمد، أحد أقرباء ديما، وصْف الفقيدة بالقول: "كانت ديما ملاكاً بكل معنى الكلمة، قلبها طيب، إنسانة مندفعة ومعطاءة ومقدامة. لم تفارقها البسمة، جميلة الروح والمظهر، متعلّمة ومثقفة، وآخر ما كنا نتصوره أن يداهمها الموت ونخسرها. فلقد أشعل خبر رحيلها مواقع التواصل الاجتماعي، وترك في قلوب أهالي بلدتها عمّاطور (قضاء الشوف) وحاصبيا (جنوب لبنان) بلدة زوجها، غصّة كبيرة، كما في قلوب كل من عرفها"، بحسب صحيفة العربي الجديد.
ويشير إلى أنّ "ديما خرّيجة الجامعة الأميركية في بيروت في اختصاص إدارة الأعمال، شقيقاها يعملان في الولايات المتحدة الأميركية، وهي كانت تهتم بوالديها، وقد أُصيبت خلال وجودها هي والدتها بجانب والدها في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي(الروم) في بيروت، لمعاناته من مشاكل صحية في الكبد"، ويقول: "عند اندلاع الحريق الأول، كانت ديما بمحاذاة نافذة الغرفة داخل المستشفى، فما لبثت أن بدأت بتصوير الحريق، حتى وقع الانفجار الذي نجا منه والداها، في حين بقيت ديما مفقودة حتى ساعات فجر الخامس من أغسطس الماضي، ليعثر عليها زوجها لاحقاً في مستشفى جبل لبنان، حيث وافتها المنية أمس".
ويضيف عبد الصمد: "كم بات الإنسان رخيصاً في لبنان ولا قيمة له، حتى أنّ المستشفى لم تعد مكاناً آمناً، ولم يعد هناك من مكانٍ آمن ٍفي دولةٍ يُعدّ الإنسان فيها وسلامته وكرامته، ضمن آخر همومها وآخر سلّم أولوياتها. لا ثقة بالأمن الغذائي ولا بالأمن الاجتماعي وبكل الخدمات، حتى الدواء انقطع والمستشفيات باتت عاجزة. إنّهم يدفعوننا بالفعل إلى الهجرة أو إلى الموت في حال اخترنا البقاء في البلد، ويتصرّفون وكأنّ شيئاً لم يكن، حيث ما زالوا يتحاصصون المناصب ويتقاسمونها بين الطوائف والأحزاب"، متسائلاً: "ماذا يجديني كمواطن من هذه المحاصصة"؟
ديما، ابنة الـ 52 عاماً، طوت آخر أيام عمرها، في بلدٍ يستفيق كل يومٍ على ألمٍ جديد، لتعيد إلى روّاد مواقع التواصل الاجتماعي وكل من نعاها، طرح الأسئلة القديمة – الجديدة "مَن المسؤول؟ ماذا حصل؟ ما هو سبب الانفجار؟ وأين عدالة الأرض؟"، حيث غصّت التغريدات والتعليقات بإدانة الانفجار الذي كان قد أودى بحياة 191 مواطناً ومقيماً ونجم عنه أكثر من 5000 جريح، إلى جانب مفقودين وذوي احتياجات خاصّة وأضرار جسيمة في الأبنية والممتلكات.