زاد الاردن الاخباري -
إبراهيم محمد أبو حماد - تجدر الإشارة إلى أن اللغة العربية معترف بها دستوريا في المملكة الأردنية الهاشمية؛ ولضمان هذه المكانة فقد نظم المشرع الأردني ذلك بإصدار "قانون حماية اللغة العربية"، و"قانون مجمع اللغة العربية". وبناء عليه كانت العربية هي اللغة الرسمية في البلاد. وما تواجهه اللغة العربية في التدريس الجامعي، والمدارس الأجنبية، وتوجهات الطلبة نحو امتحان الكفاية، ومنافسة اللغة الانكليزية واللغة المحكية إنما يثير تساؤلا حول اللغة العربية في البرامج الانتخابية للقوائم المرشحة لانتخابات 2020؛ فهل السباق الانتخابي اتطوى على العناية باللغة العربية في البرامج الانتخابية ؟ وهل ظهرت اللغة العربية ظهورا صريحا أو ضمنيا في المشهد الانتخابي والبرامج الانتخابية لمرشحي مجلس النواب التاسع عشر لعام 2020؟
وعليه ينبغي إجراء تحقيق صحفي لمعرفة الموقف من اللغة العربية في القوائم الانتخابية الناشطة في الدائرة الثالثة، وكذلك الفاعلين في اللغة العربية في العاصمة عمان مثل رابطة الكتاب الأردنيين، ومجمع اللغة العربية، والمثقفين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وذلك على النحو التالي.
أولا: اللغة العربية في برنامج التحالف الوطني للإصلاح
تم توجيه سؤال على مجموعتي "واتس آب" لكل من كتلة التحالف الوطني للإصلاح، وقائمة الإصلاح في الدائرة الثالثة، يتضمن ثلاثة فروع:
1- هل وردت اللغة العربية في برنامجكم الانتخابي؟
2- هل تراعون اللغة العربية السليمة في الدعاية الانتخابية الإلكترونية والتقليدية؟
3- هل تبرز اللغة العربية بوصفها عنصرا ثقافيا في برنامجكم الانتخابي؟
وكانت النتيجة أن المجموعة الخاصة بقائمة الإصلاح في الدائرة الثالثة لم تقدم أية إجابة. أما مجموعة التحالف الوطني للإصلاح فقد أجاب الدكتور علي مر بقوله: "بالتأكيد، وللأسف يستخدم البعض في اللجان الإعلامية اللغة العامية، وهذا يجعل الأخيرة أكثر استخداما، ويجعل العربية مستغربة فيستصعب الفرد الحديث بها، ليت أخوتنا الكرام يركزوا على الحديث بالفصحى والدعاية وكل شيء".
وفيما يتعلق بورود اللغة العربية في البرنامج الانتخابي، أجاب الدكتور علي مر: " قرأته ولا أذكر". أما الدكتور محمود الخطيب فأجاب "نحرص على ذلك"، وأجاب كاظم عايش: "وهل لنا إلا العربية حصنا نفيء إليه"، وأما أبوهمام فأجاب:"بالنسبة لي، نعم"، وأما حنان يعقوب فأجابت: "نعم"، وأما مرام النابلسي: فأجابت: " السلام عليكم ورحمة الله، نعم اللغة العربية حاضرة جدا في برنامجي وحملتي الانتخابية، وأحرص على أن تكون"
إلا أن المترشحين المذكورين لم يقدموا أي اقتراح مثل منح علاوة لمعلمي اللغة العربية، إذ إن الكتلة تتضمن نسبة مرتفعة من المعلمين، ولذا فهي تشعر بمسؤولية تجاههم، غير مقتصرة على معلمي اللغة العربية. ورغم تكرار الأسئلة السابقة، إلا أن أحدا لم يجب، وربما فهموا السؤال على أساس شخصي غير برامجي. وما ورد من ألفاظ، مثل برنامجي وحملتي الانتخابية، إنما يدل على وجود رؤية للمرشح قد تتفق أو تختلف مع البرنامج الانتخابي للكتلة، أو على إضفاء ذاتية من المرشح على البرنامج.
ثانيا: اللغة العربية في البرامج الانتخابية من وجهة نظر مجمع اللغة العربية
طرحت على مجمع اللغة العربية الأسئلة الآتية:
ما رأي المجمع بحضور اللغة العربية في البرامج الانتخابية للمرشحين؟ وما موانع تواصل المجمع بالقوائم الانتخابية؟ وما حاجات المجمع التي يرغب المجمع في طرحها على القوائم الانتخابية؟ وما علاقة المجمع بالهيئة المستقلة للانتخابات، و رأيه بالدعاية الانتخابية؟ وهل اللغة عنصر في الثقافة أم مرادفة لها؟ وهل هناك مطالبات بتعدد لغوي لقوميات غير عربية في المملكة؟
إلا أن المجمع لم يجب على أي من هذه الأسئلة، وذلك، كما يبدو، لأنه لم يمر بها، كما يظهر من رسائل الماسنجر، لكن موقف المجمع قد نستنتجه من الاتصال مع الفاعلين في اللغة العربية في الجزء المتبقي من التحقيق.
ثالثا: وجهة نظر الفاعلين في اللغة العربية
ووجهت للفاعلين في اللغة العربية بعض الأسئلة ومنها:
١- هل كانت اللغة العربية حاضرة في البرامج الإنتخابية، وفي طروحات جمهور الدوائر الانتخابية بشكل صريح أو ضمني؟ وهل تظهر اللغة العربية في الدعاية الانتخابية؟ وما مقترحاتكم لتعزيز مكانة اللغة العربية في البرامج الانتخابية؟
أ.د.وليد احمد العناتي أجاب:
"صباح الخير..... هذا بحاجة إلى دراسة علمية في الشعارات والبيانات الانتخابية... والتأكيد انه لم يتطرق احد إلى تعزيز مكانة اللغة العربية في المجتمع أو التعليم."
ولدى سؤاله ما مقترحاتكم لذلك، رأيك الشخصي؟
أجاب:
"لابد من تعزيز مكانة اللغة العربية في المحيط الاجتماعي وتطبيق مواد الدستور .. في شروط الترخيص مثلا لا يجوز أن يكون الاسم غير عربي. تعزيز امتحان الكفاءة الذي يعقده المجمع وجعله شرطا للتعيين في جميع القطاعات وخاصة الحكومية..."
أما الدكتور زياد أبو لبن فأجاب:
"إن البرامج الانتخابية للمرشحين إلى مجلس البرلمان تكاد تخلو من الاهتمام باللغة العربية، صحيح أن يافطات المرشحين قد كتبت بالفصحى، لكن هذا لا يدلّ على الاهتمام باللغة العربية، وإنما سعى المرشحون إلى أن تكون العبارات واضحة للناس، وتحمل هدفاً انتخابياً مباشراً. فاللغة العربية غائبة في خطاب المرشحين في لقاءاتهم بالناخبين، وإن تفعيل قانون حماية اللغة العربية الذي حمله مجمع اللغة العربية الأردني هو المطلوب العمل به في المؤسسات التعليمية وغيرها من مؤسسات الدولة، وكذلك في المحال التجارية والإعلانات واليافطات، والصحف ووسائل الإعلام المختلفة. وعلى مجلس النواب القادم السعي إلى طرح تفعيل القانون. فإن كان الخطاب الحكومي يخلو من الاهتمام باللغة العربية عبر سنوات مضت، فكيف نستطيع أن نعيد لهذه اللغة مكانتها؟! واللغة وعاء الفكر والثقافة، فعلى مجلس النواب القادم أن يولي اهتماما خاصا بالثقافة، ودعم الكتّاب وهيئاتهم الثقافية، وذلك بأن يوصي بزيادة موازنة وزارة الثقافة السنوية مشروطة بدعم الكتّاب وهيئاتهم. وعلينا أن نطبق بنود قانون اللغة العربية ونفعّلها كي يصبح للغة مكانتها المرموقة"
أما الأستاذ مجدي ممدوح، وهو فاعل في الفلسفة و الثقافة، فلم يبين مدى أهمية اللغة من حيث علاقتها بالثقافة، إلا أنه من الثابت أن اللغة مكون أساسي من مكونات الثقافة.
و برصد ومسح موقع الهيئة المستقلة للانتخابات، يتبين أنها تستخدم اللغة العربية الفصحى، إلا أنها لا تفحص الدعاية الانتخابية من جهة سلامة اللغة، ولم تتضمن التعليمات التنفيذية للدعاية شرطا بهذا الخصوص.
ويشدد الدكتور نادر حنفية على العودة إلى رفع الوزن النسبي للغة العربية، مدققين في المؤسسات العامة والخاصة والإعلام، وإلى توجيه السؤال البرلماني للسلطة التنفيذية عن تنفيذ قانون حماية اللغة العربية." ويقول إن "اللغة العربية غير حاضرة في البرامج والطروحات الانتخابية، وليس هناك مراعاة للغة العربية وقواعدها في الإعلانات والدعايات الانتخابية". وهو يقترح ما يأتي لتعزيز مكانة العربية:
1) أن يضع مجلس النواب تشريعات تعزز مكانة العربية في نفوس أبنائها وفي الدوائر الحكومية؛
2) أن يراقب مجلس النواب مدى التزام مؤسسات الدولة بالعربية وقواعدها.
3) أن يشجع مجلس النواب المبادرات الهادفة إلى تمكين العربية واعتلائها المنزلة اللائقة بها؛
4) أن يُفعّل مجلس النواب القوانين والضوابط الموضوعة لحماية العربية وتعزيز مكانتها؛
5) أن يتابع مجلس النواب المؤسسات الحكومية في إعلاناتها وخطاباتها وتعميماتها الصادرة من خلال تعيين مدققين لغويين في جميع المؤسسات؛
6) أن يراجع مجلس النواب السياسات التعليمية في وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي في ما يخص تعليم العربية لأبنائها بحيث يعود لمادة اللغة العربية ثقلها ووزنها الذي يتناسب مع مكانتها بوصفها لغتنا الأم وهي جزء لا يتجزأ من هُويتنا وثقافتنا.
ويقترح الدكتور حنفية توجيه الرسائل الانتخابية الآتية:
1. العربية لغتنا الأم، والحفاظ عليها وحمايتها وتعزيز مكانتها واجب؛
2. العربية جزء لا يتجزأ من هويتنا وثقافتنا وديننا، وإعلاء منزلتها واجب مقدس؛
3. تمكين العربية في نفوس أبنائها أولوية يجب الاهتمام بها؛
4. العمل على تفعيل القوانين التي تحمي اللغة العربية، ومحاسبة المسؤولين عن التقصير في ذلك.
أما صهيب أبو قضامة وهو فاعل في الحملات الانتخابية، فلقد بين أن اللغة العربية هي الأصل الذي نرتكز عليه في حملاتنا الانتخابية، ونحرص على أن يكون النص متوافقا معنىً ومبنيً مع لغتنا الأم في التصاميم وفي المنشورات وكذلك في اللقاءات والإعلانات العامة.
رابعا: اللغة العربية في البرامج الانتخابية من وجهة نظر طلبة الدراسات العليا
وطرحت الأسئلة نفسها على طلاب الدراسات العليا-تخصص لغة عربية، فأجاب محمد الخطايبة: "ما يدور في خَلَدي عن قسم اللغة العربية هو محض خواطر وآلام أتجرعها على صفحات مذكراتي، ويقيني أنها لن ترى النور، لأنّ المنظومة التعليمية برمتها غدت كجسد غزاه مرض عضال ما عاد ينفع فيه التطهير والمعقمات وإبر التخدير والمثبطات والمسكنات، هو وصل حدّ لزوم البتر! حينما عدتُ من بغداد مهد اللغة والحضارة قبل نحو عقد ونصف من الزمن عادت معي كتبٌ عربية خالصة لأقلام عربية خالصة أسّست علوم العربية وأرست قواعدها وبناءها القويم الرّاسخ ، لِمَ ولا أظنني سأستخدم أسطرها في أبحاثي! فاليوم، ما عدت تسمع في أروقة أقسام اللغة العربية إلا صخب دوسسير وضجيج تشومسكي وصياح ديكرو ومن شاكلهم. خفتت أصوات أجدادنا العرب بالقسر، وأحمدُ الله أن لا صوت لي!"
لا توجد، إذن، لدى المرشحين في الانتخابات البرلمانية لمجلس النواب التاسع عشر 2020، آليات كافية وواضحة ولا وجهات نظر محددة وعملية قابلة للتنفيذ فيما يتعلق بحماية اللغة العربية وتعزيز حضورها في الساحة الوطنية. وأرجو أن يوصل هذا التحقيق فكرة خاطفة وقوية ننطلق منها إلى تعزيز مكانة لغة الضاد، وذلك بتفعيل القوانين ومحاسبة المسؤولين التنفيذيين عن التقصير في حق لغة القرآن الكريم.