الدكتور: رشيد عبّاس - بين الفينة والأخرى تطلُ علينا عقد الأمة, فقبل أربع سنوات وحين فاز السيد ترامب بالانتخابات الأمريكية بدأت الأمة العربية بالبحث عن عائلة ترامب, واكتشفوا بالبحث والتمحيص والمجهر الحسناء إيفانكا وما أدراكم ما إيفانكا, وبدأت الأمة تتساءل عن: هل هي متزوجة ام لا؟ وكم عمرها؟ وكيف تنام وكيف تستيقظ؟ وكيف تأكل؟ وكيف تشرب؟ وكيف وكيف..؟ حتى أن البعض كتب بها ولها شعراَ عذريا عجز عن كتابته مجانين الأمة كمجنون ليلى, وأكثر من ذلك مُدّت لها شبكات الصيد ومجاذيف النجاة في بلاد العرب أوطاني, وهربت إيفانكا في ليلة ليس فيها قمرا مضيء,..انها عقد الأمة التي لم ينجوا منها لا كبير ولا صغير, ولا حتى صوفي او كوفي.
واليوم وفي غمرة الانتخابات الأمريكية واقتراب المرشح جون بايدن من الفوز التدريجي, بدأت الأمة على امتداد خارطة الوطن العربي بالتململ لتخرج لنا من أعماق البحار جنية أخرى حسناء تدعى آشلي بدلا من إيفانكا وهي احدى بنات المرشح الديمقراطي جون بايدن, وبدأت المقارنات المعمقة بين آشلي وإيفانكا تظهر على السطح, ونحن أمة العرب نتقن المقارنات المعمقة بين بنات حواء اللواتي غيّرن في أمتنا خارطة الدين, وغيّرن في أمتنا خارطة الاخلاق والقيم, وعمت معها القلوب والابصار, ومكنونات أعماقنا تؤكد ذلك, ومن ينكر ذلك عليه أن يبحث عن غريزة الحقد والخبث والمكر المدفونة فينا والتي تعكس دون أدنى شك عقد الأمة.
المفارقة الغريبة أن العالم هذه الأيام يراقب عن كثب تقدم كل من المرشحين ترامب وبايدن في كل ولاية من الولايات المتحدة والبالغ عددها خمسين ولاية لحظة بلحظة, ويراقب كيف ستكون سياسة كل منهما وانعكاس ذلك على العالم أجمع, ونحن أمة العرب للأسف الشديد بتنا نبحث عن طول ولون وترتيب الحسناء آشلي بين اخوتها والخصائص الجسمية لها من رأسها حتى أخمس قدميها, تاركين ماذا يقول المثقفين في العالم عن السياسات الخارجية لكل من ترامب وبايدن أذا ما فاز احدهما, كيف لا والعالم محكوم بسياسة من سيحكم أمريكا, ومن ثم من سيحكم العالم في غضون الأيام أو الساعات القليلة القادمة.
يبدو والله أعلم أن عقد الأمة والمتمثلة في شكل حواء عقد قديمة جديدة مزروعة فينا, فكثير من القصور العربية القديمة والتي ما زالت موجودة حتى يومنا هذا تحفّها فسيفساء لصور بنات حواء على الجدران وعلى الأسقف الداخلية بطريقة تثير كثير من الاستغراب والاستهجان وتثير أيضاَ كثير من التساؤلات,..واليوم نجد كثير من صور الحسناوات إيفانكا وآشلي ابنتا كل من ترامب وبايدن موجودتين على وسائل التواصل الاجتماعي لكثير من شباب ورجال وبنات ونساء الأمة, فاذا كانت الحسناء إيفانكا أبنة الجمهوري ترامب قد أضاعت نصف عقل الأمة, فان الحسناء آشلي أبنة الديمقراطي بايدن أيضا ستضيّع النصف الآخر من هذا العقل, أن كان هناك نصف آخر.
عقد الأمة, أضاعت من بين أيادينا الأندلس, وأضاعت من صميم قلوبنا فلسطين, وأضاعت عند بعض الدبيكة أتجاه القبلة, وأضاعت حق الجار على الجار, وأضاعت من العمليات الحسابية.. عملية القسمة, وزّينا يد السارقة بأساور من ذهب, وأخذنا نبحث عن أغنية فيها حكمة, وتخنزرنا حتى فقدنا الغيرة, وتجاوزنا فيها جميع الغرائز, وخسرنا الدنيا والاخرة إلا من رحم ربي من جرّاء عقد الأمة, كيف لا وإقرار الأمة للزواج من أربعة محموداَ, متناسين في ذلك حق المرأة في الميراث والتلاعب في عملية القسمة عند توزيع الورثة بين الزوجات ليعكس حجم عقد الأمة.
وبعد, المشكلة أن إيفانكا أبنة ترامب أكلت المنسف العربي بيدها, في حين أن آشلي أبنة بايدن ستأكل المنسف العربي بالشوكة والسكين, فبين آشلي وإيفانكا نلتمس عقد الأمة.