زاد الاردن الاخباري -
ببساطة تعبّر سيدة أردنية عن شعورها بأن الانتخابات البرلمانية المقبلة “منحوسة”، وهذا مصطلح يستخدمه الأردنيون ضمن نوعٍ من التطيّر حين تجتمع الأسباب والعوامل السلبية حول حدث ما، ومن الواضح ان “النحس” هذه المرة تجمّعت عوامله في عملية الاقتراع خصوصا بعد ان تابع الأردنيون وقبل أسبوع فقط من العملية حادث وفاة أحد أكثر رموز الجدل في البرلمان السابق بحادث سير بشع على الطريق الصحراوي.
بالنسبة لأردنيين كثر فإن الاقتراع في هذه المرحلة، وإن كان ضمن إطار الاستحقاق الدستوري، إلا انه يأتي في وقت تجمّعت فيه عدة عوامل سلبية منها: تصاعد اعداد المصابين بكورونا، إلى جانب تضاعف الازمة الاقتصادية والتي يتوقع ان لا يكون الخروج منها سهلا خصوصا مع تخبط في القرارات وخيارات الاغلاق الاقتصادي، إلى جانب ذلك وعلى الصعيد السياسي تأتي الانتخابات في وقت رأى فيه مراقبون ان الدولة “تتخشن” وتجنح نحو المزيد منذ تفعيل قانون الدفاع بعهد الحكومة السابقة.
في حين أسهمت المعركة الضريبية خلف الكواليس أيضا في ثني عدد من الرموز السابقين عن الترشح.
وشملت الوسائل المذكورة رموز المجلس السابق هم رئيس المجلس المهندس عاطف الطراونة ، كما اخفق المحامي غازي الهواملة بتحصيل عدم محكومية لتثبيت ترشيحه، وتبعه طارق خوري الذي اُسقط ترشيحه بسبب شكوى قُدّمت ضده، وبالتزامن اعلن أيضا احد رموز الجدل في البرلمان السابق صداح الحباشنة تراجعه عن الترشح.
كلٌّ بطريقته، اثار الهواملة والحباشنة وخوري الجدل في البرلمان السابق، إضافة للنائب جدلي آخر غيّبه الموت في حادث بشع على الطريق الصحراوي هو يحيى السعود والذي كان يحظى بقاعدة شعبية واسعة.
الإخوان المسلمون والترقّب..
على مستوى مطبخ الاخوان المسلمين، فإن الحديث مختلف ورغم الكثير من التحفظات على الضغوطات التي مورست على شركاء القوائم، بقي لدى المروجين والمسوّقين للمشاركة للانتخابات بارقة أمل تتمثل بأن “هندسة الانتخابات” تمت بصورة قبلية هذه المرة، ما يجعلهم يأملون بمنافسة عادلة في الصناديق.
هنا أصلا تعاني الجماعة في الداخل، حيث محاولات الداعين للمشاركة في الانتخاب كلها مستندة على “تهديد وجودي” تستشعره صفوفها وله علاقة مباشرة بقراءة مبكرة عن اتجاه عالمي نحو حظر الجماعة.
ذلك الاتجاه وان كان مرتبطا بإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الراحلة وتحالفاتها في المنطقة، إلا انه لا يمكن التنبؤ بمآلاته مع الإدارة الجديدة التي يقودها جو بايدن، وهو ما يزيد الملح على جرح من دعوا لمقاطعة الانتخابات باعتبار ان الرسائل التي وصلت قيادات الحزب من الدولة كانت تتحدث عن فرص نجاح متراجعة حتى عن الحصة التي نجح الحزب بتشكيلها في البرلمان السابق.
الرسائل تحدثت عن حظوظ نجاح لا تزيد على 7 مقاعد في البرلمان المقبل، أي ما يمنعهم حتى من تشكيل رافعة لاي مطلب جماعي في مجلس النواب.
قانون مشوّه ويعزز الانقسام..
بالإضافة لكل “النحس” الذي يلف الانتخابات البرلمانية عبر العوامل المذكورة انفا، والذي يمكن ان يظهر عمليا بنسب مشاركة ضعيفة ؛ فهناك بروز كبير لعيوب قانون الانتخاب الحالي، بعدما بدأت القوائم الانتخابية بمعظمها حتى بيوم الصمت الانتخابي تحشد ضد بقية الأعضاء.
بهذا المعنى فالعلاقات البينية في المشهد الانتخابي ككل سواء داخل القوائم أو خارجها ليست صحيّة وتسهّل عمليات “التدمير الذاتي” لأي خزانٍ صوتي كما يطلق على التجمعات المؤيدة لأحد المرشحين او لإحدى القوائم، وهو امر غالبا ما يمكن استثناء الاخوان المسلمين وقوائمهم منه، باعتبارهم الحزب الأكثر تنظيما.
ويبدو أن المرأة في القوائم باتت الأكثر استهدافا من عمليات التدمير الذاتي القائمة على توجيه الناخب للتصويت لاعضاء في القائمة دون اخرين في وقت يبرز فيه الخوف من سيدات مؤثرات قد تتجاوز حظوظهن زملاء القوائم التي تشكّلت بمعظمها للانسجام مع القانون الانتخابي وليس بخلفيات ثقافية او برامجية او حزبية أو حتى مناطقية.
وبدأ الصمت الانتخابي في الأردن الاثنين 9 نوفمبر/ تشرين ثاني، والذي يفرض على المرشحين لعضوية مجلس النواب التاسع عشر عدم توجيه رسائل لناخبيهم خلال الـ 24 ساعة السابقة للاقتراع، وهي ذاتها الفترة التي يبدو ان الهيئة المشرفة على الاقتراع تستغلها لحث الأردنيين وطمأنتهم على سلامة العملية الانتخابية سواء على الصعيد الصحي أو حتى على صعيد سلامة العملية الانتخابية، ضمن سياسة الإصرار على ان المضي فيما يعرف بالاستحقاق الدستوري، أي الانتخابات البرلمانية.
بكل الأحوال، نتائج العملية الانتخابية المزمع انعقادها الثلاثاء قد لا تحمل الكثير من المفاجآت، باعتبار عدد كبير من المرشحين اليوم ذوو حظوظ متوقعة، ولكن الأهم من ذلك بالنسبة للمتابعين هو ما سيرافق هذه العملية سواء فيما يتعلق بتعداد الإصابات بفايروس كورونا او حتى بالاستعدادات للحظر الشامل المنتظر من ليل الثلاثاء الأربعاء او حتى اذا ما كانت هناك مفاجآت على صعيد “اختفاء صناديق او سرقتها” كما حصل في البادية في الانتخابات الماضية.
لاحقا لكل ذلك سيكون من المثير بالضرورة مراقبة اعمال البرلمان ومساراتها ضمن مسارات الداخل أولا وسياسات الإقليم بالدرجة الثانية وتحديدا الملف الفلسطيني.فرح مرقة