زاد الاردن الاخباري -
سهير جرادات - نعم ، عندما تفقد الدولة السيطرة على ضبط الأمور، وتعجز عن تحقيق سيادة القانون، وتطبيقه على الجميع بعدالة وحزم، وعندما تكون هناك حالة من الاستقواء على مفهوم الدولة من قبل مواطن يعاني وجود "خلل متراكم " في مفهوم هيبة الدولة ، ويعمد الى تحدي الأجهزة الأمنية ويفرض ويكسر ب" الخاوة " أوامر الدفاع ، تكون الدولة بذلك قد خسرت هيبتها!!
عندما يتحدى المترشحون الفائزون في الانتخابات البرلمانية قبل قواعدهم الشعبية التي انتخبتهم الدولة وأجهزتها ، ويخرقون أوامر الدفاع بالحظر الشامل في ارجاء البلاد على مدار أربعة أيام ، ويقيمون التجمعات الاحتفالية التي لم يراعوا فيها التباعد الاجتماعي لمواجهة التفشي المجتمعي لوباء عالمي ، ويطلقون العيارات النارية ، مستهترين بالأمن القومي ، يكون النائب قبل المواطن قد أثبت أنه فوق القانون، وأنه يستخف بأوامر الدفاع ، وكأنه يثبت ضعف السلطات الثلاث " التنفيذية والتشريعية والقضائية " ، ويؤكد بافعاله أن الدولة خسرت هيبتها، وهذا الأمر لا يؤثر في الاستقرار الداخلي وعلاقة المواطن بالدولة، وانما يفتح المجال لتزايد المخاطر والتآمر الخارجي على الدولة.
من منطلق المفهوم العسكري نتفهم أن الأوامر العسكرية لا يتم التراجع عنها ، مثل الطلقة إن خرجت لا يمكن اعادتها ، ولهذا كان " التصميم" على إجراء الانتخابات رغم تفشي الوباء ، وجاءت النتيجة بأقل نسبة مشاركة في تاريخ الحياة البرلمانية الأردنية ، وجاءت المخرجات الانتخابية شبيهة بالتشكيلة الرسمية لمجلس الاعيان، إذ تضم شخصيات عسكرية وأمنية ، إلى جانب الانحياز للخيار العشائري على حساب الخيار الحزبي، مما يضعنا أمام تساؤلات حول دور مجلس الأمة :هل هو أمني ؟ أم تشريعي ؟! وما الدور العشائري في المرحلة المقبلة، هل هناك قرارات سيادية تتطلب التوقيع عليها من قبل أبناء العشائر ؟!
رغم خروج وجوه ألفناها لسنوات طويلة تحت القبة ، ودخول "لعيبة جدد " ، وما رافقها من ارتياح شعبي بالرغبة في التغيير والتجديد ، لكن هذا يضعنا أمام تخوف، أننا أمام مجلس ضعيف لا يمتلك الخبرة في العمل النيابي ، ومن السهل اقتياده ؟!! هل سيتمكن من إعادة الثقة مع المواطن بعد أن فقد هذه الثقة منذ زمن ؟ ! تساؤلات عديدة ، الأيام المقبلة وحدها ستكشف لنا إجابات لها ..
عندما يُخرق القانون ممن كان يطبقه ويحميه ـــ حيث بعض من خرقوا القانون كانوا سابقا في مواقع أمنية وعسكرية متقدمة ـــ فهذا دليل على أن هذا الشخص حصل على الضوء الأخضر للاحتفال ، أو أنه يعرف كيف تُخرق القوانين ؟ وكلنا استمعنا إلى اعتراف مدير جهاز الأمن العام في المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع رئيس الوزراء ورئيس هيئة الأركان بأن أمر الفلتان واستخدام العيارات النارية ووجود الأسلحة بيد الشعب أمر ليس بالجديد ، وهناك تقصير كبير من قبل الحكومات السابقة في عدم حل هذه الظاهرة على مستوى تعديل التشريعات وقانون الأسلحة والذخائر، بحيث تركت الذخائر في متناول الجميع ، ومن السهولة الوصول اليها .
إن تأخر رد الحكومة وأجهزتها الأمنية التي كانت أصدرت اخيرا بيانا تؤكد فيه اصرارها على الضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه الخروج عن القانون ، يضعنا أمام " ترجيح " فكرة بأن ما جرى عقب الانتخابات " تراخٍ مقصود " ، حيث تم "غض الطرف " لساعات عن الاحتفالات التي أقامها مناصرو النواب الفائزين ، الامر الذي اسهم في تثبيت صورة ؛ يريدها المغرضون والمتربصون بالبلد بأننا بلد "العنجهية العشائرية " ، وأن سلطة العشائر تفوق سلطة الدولة ، وبذلك تم إظهار العشائربصورة تم التحدث عنها مسبقا بأنها سلطة وفوق القانون ، وتمثل " الديناصورات " الرافضة للتغيير والتجديد ، وهذا بحد ذاته إذا ثبت يعد أمرًا في غاية الخطورة !! ويطرح سؤالا في غاية الأهمية : ماذا يراد من اضعاف العشائر ولصالح من ؟!
بعد أن ظهرت في العديد من الفيديوهات المتداولة صور لسيارات النجدة ، وهي تراقب ولا تحرك ساكنا ، وكأنها في حالة انتظار صدور الأوامر- التي صدرت متأخرة - ورغم قرار استقالة وزير الداخلية ، والذي جاء خطوة على طريق الإصلاح ، إلا أنه قرار ليس بكاف ، وما زال يحق للمواطن الأردني أن يرفع دعوى قضائية على كل من تساهل في عدم تطبيق القانون ، ولمعرفة فيما إذا كان الحظر الشامل على المواطن فرض لإتاحة الفرصة أمام الفائزين الجدد من تنفيذ "مخطط " الاحتفال بفوزهم ؟! ولمحاسبة الحكومات السابقة على هذا التسيب ؟ ولماذا تأخرنا في اتخاذ قرار الحزم ؟ ولمعرفة هل هناك مؤامرة خارجية ؟ أسئلة تضاف إلى القرار المفاجىء بالقبض على البلطجية وفارضي الإتاوات ، لماذا الآن؟!! ومن يقف خلفها ؟! ولمصلحة من ؟!!..
Jaradat63@yahoo.com