زاد الاردن الاخباري -
بانتظار الضوء اﻷخضر أخذت ارقبها وهي على قارعة الطريق جالسة، تستجدي عطف هذا وذاك؛ تارةً بمد يدها وتارةً بنظرة عينيها، تخفي وراء ملابسها المهترئة قد امرأة مياسة، وتحت بشرتها السمراء ثورةٌ غجرية، ووراء لسانها الذي يلهج بالدعاءِ لمانحيها بقايا محافظهم غنج يافعة ملتهبة.
تداعبت بين خطواتها الرشيقة وقامتها المنتصبة وشفتيها اللاهثتين اﻵم عزيز قوم ذل . رايت في عينيها الناظرتين إلى الأرض حيناً وإلى السماء احياناً استغاثات شعوب مظلومة . وبين يدٍ تردها وأخرى تهديها من عطايا السماء صور ﻹطفال باتوا اليوم بلا أمهات تلاحقهم الطائرات، لمحتُ بين مسحة جبين ورمشة عين عويل امرأة ثكلى وأخرى مغتصبة، وثالثة أضحت اليوم أسيرة.
حين وقفتِ أمامي ترمقينني بنظرةٍ حادةٍ منكسرة تذكرتُ مشاهد باﻷمس لرجال كانوا سادةً في ديارهم أمسو اليوم رجالاً تبكي وترثي وتندب كما النساء. سائلتِ استميحك عذراً فقد جاء الضوء الأخضر واصواتُ اﻷبواق تصاعدت، حمدا لله فقد اثرتِ شجوني وقلبتِ أوجاعي وداعاً قبل أن تفيض احزاني انهاراً .
فما زلتُ ياملهمتي احن إلى سماع صوت العصافير وارنو إلى استنشاق عطر الرياحين واركض بلا توقف وراء جنتي التي رسمتها في أحلام طفولتي...
• د. هالا الوريكات