الرجال ليسوا بمأمن من سرطان الثدي
الرجال ليسوا بمأمن من سرطان الثدي
زاد الاردن الاخباري -
تعجب عثمان (اسم مستعار) (77) عاما عندما لاحظ تغير في حجم ثديه الأيسر مع تواجد كتلة تزداد تناميا مع مرور الأيام. في بادئ الأمر، لم يشعر عثمان، لكنه ارتاب من مجرد وجودها مما دعاه للذهاب للمستشفى لإجراء الفحوصات، ليتبيّن لاحقا ما لم يخطر له على بال قط فقد خلصت نتائج فحوصاته إلى إصابته بسرطان الثدي الذي يتطلب تدخلا جراحيا سريعا لاستئصال ثديه خشية انتقال المرض لأجزاء أخرى من جسده مما يشكل خطورة على حياته.. لتبدأ بعدها رحلته الطويلة والممتدة لسنوات في العلاج من سرطان الثدي.
يقترن سرطان الثدي غالبا بـ بالسيدات فقط لأنهن الأكثرعرضة للإصابة به باحتلاله المركز الأول من أنواع السرطانات التي تصيب الإناث حيث يشكل ما نسبته 35.8% من بين كل أنواع السرطانات الأخرى، وذلك حسب السجل الأردني العام للسرطان.
وبالرغم من ندرة الإصابة بسرطان الثدي للرجال، والاعتقاد الشائع لدى الغالبية العظمى أنه مرض يصيب النساء فقط دون غيرهن، إلا أن حدوثه متوقعا وإن كانت بنسب قليلة، فمن بين 100 امرأة يُصاب
رجل واحد بسرطان الثدي على مستوى الأردن.
** ردود صادمة جراء الإصابة
توضح رئيسة قسم الكشف في مركز الحسين للسرطان، الدكتورة يسار قتيبة، أن سرطان الثدي يحدث بسبب تغير بخلايا الأعضاء، وهذه التغيرات تُحدث تكاثر بشكل عشوائي مما تتسبب في نشوء تكتلات تنقسم إلى نوعين إما ورم حميد ويكون في عضو معين وتبقى فيه، ولا تنتشر لمناطق أخرى وتشكل ما نسبته 80 % من مشكلات الثدي، أو ورم خبيث الذي تتكاثر فيه الخلايا السرطانية بقوة، وإذا لم يتم اكتشافها مبكرا تنتقل لأعضاء مختلفة في الجسم عن طريق الدم أو الغدد اللمفاوية، بالتالي تصبح السيطرة عليه صعبة.
لم يتردد عثمان حال اكتشافه تغيرا بحجم ثديه بالذهاب مباشرة إلى
المستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة، وهو ما تؤكده الدكتورة قتيبة أن حجم الإقبال على إجراء الفحص المتعلق بالمرض بالنسبة للذكور أفضل من الإناث، فهم يقومون بإجراء الفحص اللازم للاطمئنان على صحتهم دون تأخير بخلاف السيدات اللاتي عندما يشعرنّ بتغير في ملمس الثدي أو إفرازات أو وجود كتلة تحت الإبط يترددون في إجراء الفحص، مما يفاقم الأمر حد انتشاره في كامل الجسم.
ووصفت قتيبة ردود أفعال الرجال عند علمهم بإصابتهم بسرطان الثدي ب"الصدمة" لاعتقادهم أن هذا المرض مقترن بالسيدات فقط.
وهذا ما حدث مع أيمن (اسم مستعار) 52 عاما، بعد علمه بإصابته في سرطان الثدي ولكن لحسن حظه تم اكتشاف إصابته في مرحلة مبكرة حينما شعر بظهور كتلة في إحدى ثدييه، ومع بدء مراحل علاجه والالتزام التام شفي من المرض، لكنه على صعيد شخصي مازال يعيش في
حالة قلق خشية عودة إصابته مجددا.
يقول أيمن: "بت أتفحص صدري خشية
ظهور كتل جديد يوميا، وهذا انعكس على حالتي النفسية بشكل سلبي، منذ علمي بالمرض بدأت ألحظ نظرات الاستغراب والشفقة ممن هم حولي، كنت أشعر باقتراب الموت لي يوما بعد يوم أثناء مرضي لكن بعد دعم زوجتي لي وحثي على الذهاب للمراجعة الالتزام بالعلاج تجاوزت إلى حد ما نظرة المجتمع، وبفضل الله أتممت العلاج وشفيت من المرض".
ويستعرض التحقيق رسما بيانيا يوضح نسب الإصابة بسرطان الثدي لدى الذكور في
الأردن خلال الأعوام (2010 - 2016)،بحسب الإحصائيات المتوفرة لدى
وزارة الصحة. وتشير البيانات أن نسبة الإصابة لدى الذكور تتفاوت من عام لآخر مقابل
ارتفاع نسبة الإصابة المستمر لدى الإناث.
** سرطان الثدي المسبب الثاني للوفاة أردنيا وعالميا
منظمة الصحة العالمية تؤكد أن السرطان بكافة أشكاله يُعد ثاني سبب رئيسي للوفاة في العالم وقد حصد في عام 2015 أرواح 8.8 مليون شخص، وتُعزى إليه
وفاة واحدة تقريباً من أصل 6 وفيات على صعيد العالم.
في
الأردن يُعد هذا المرض السبب الثاني للوفاة، وتحدث ثلث وفيات السرطان تقريباً بسبب عوامل الخطر السلوكية والغذائية الخمسة التالية:
ارتفاع منسب كتلة الجسم وعدم تناول الفواكه والخضر بشكل كاف، وقلّة النشاط البدني، وتعاطي التبغ والكحول.
** مراحل
علاج سرطان الثدي
بيّن
رئيس قسم الأشعة العلاجية في مستشفى البشير، الدكتور رسمي مبيضين، أن سرطان الثدي عند الذكور أسرع انتشارا من الإناث وذلك بسبب عدم وجود غدة كبيرة في ثدي الذكر كما هو لدى الأنثى، وهو ما يجعله ينتقل بسرعة أكبر إلى بقية أجزاء الجسم.
وأوضح مبيضين أن اكتشاف سرطان الثدي عن الذكر أسرع في حال وعيه وإدراكه لأي تغير أو
ظهور لكتلة غريبة عند الثدي، خاصة أن الكتلة تكون أبرز لديه من الأنثى. مشيرا إلى احتمالية
ظهور مؤشرات أخرى للمرض وعليه أن لا يهمل هذه التغيرات والذهاب إلى الطبيب لإجراء الفحص قبل تطور المرض في حال التأكد من إصابته به.
من جانبها توضح الدكتورة يسار قتيبة أنه في حال اكتشاف سرطان الثدي عند الرجال يكون التوجه لإجراء عملية جراحية لإزالة الكتلة، منوهةً أن هناك حالات أخرى تحتاج لإجراء
علاج بالأشعة (الأشعة العلاجية) لمنطقة الصدر وتحت الإبط ومنطقة الرقبة على مدار خمس جلسات أسبوعيا لمدة 6 أسابيع، ومن ثم يجرى فحص للمصاب للتأكد من أن الأمور تمت السيطرة عليها. مضيفة أن خيار الكيماوي مطروح في حال
انتشار السرطان للكبد أو الرئة أو العظام، وتأتي الجراحة كخطوة تالية.
** لا صحة جسدية دون صحة نفسية
بدورها تدعو منظمة الصحة العالمية إلى الاهتمام بالصحة النفسية رافعة شعار "لا صحة جسدية بدون صحة نفسية". وبما أن التعب النفسي هو أشد فتكا من المرض الجسدي فبحسب متخصصين فإن 90% من الأمراض العضوية أسبابها نفسية، نتيجة التعرض للتوتر والضغوط خاصة في
حالة المرض فعلاج أي مرض يعتمد على الجانب النفسي واستعداده في مواجهة ما يقلقه.
لذا، اقتران الدعم النفسي والعائلي لمصابي السرطان مع إجراءات العلاج لسرطان الثدي خاصة عند الذكور في غاية الضرورة لتخفيف الآثار النفسية لدى المريض لأن مجرد
تشخيص الحالة عند الذكور هي بمثابة لحظة صادمة لاعتبارات مختلفة كالجانب
الاجتماعي والنفسي والعائلي، وغير ذلك، بحسب المستشارة النفسية والتربوية الدكتورة سهام قعوار.
وتبيّن قعوار أنه لا بد من
خطوات حتى يكون لدى
مريض السرطان التوازن النفسي والاجتماعي وتقبل المرض لأن الواقعية والتغلب على المشاعر السلبية أُثبتت علميا دورها الكبير بالمساهمة بالشفاء، فغالبا عندما يلاحظ
الرجل أن لديه علامات أو تغيرات في منطقة الثدي، يستنكر ذلك ويؤجل مراجعة الطبيب ويرجع أسباب ذلك إلى عدم الوعي أو الجهل في هذا الموضوع، واستنكار
إصابة الرجل بسرطان الثدي، والخوف من المواجهة والإنكار، ومن نظرة المجتمع من المساس برجولته.
لذا، تنصح قعوار أنه لا بد من
مريض سرطان الثدي التوجه للتحدث مع
شخص يطمئن له ضمن إطار العائلة أو خارجها أو أشخاص ناجون من المرض، أو الاستعانة بجهات داعمة في مراكز معالجة الأورام. كذلك التوجه لممارسة الهوايات والأنشطة التي تبقيه منشغلا وتبعده عن التفكير السلبي لوضعه الصحي، وممارسة
الرياضة المناسبة لجسمه ووضعه الصحي، لأن
الرياضة تنشط الدورة الدموية وتحفز هرمون السعادة وتعدل المزاج، وتبقيه منشغلا.