زاد الاردن الاخباري -
هذا الموضوع بخصوص أحداث الزرقاء أيضا تفضل أخي المحرر بارك الله فيك على هذا الرابط :
http://www.alhalaby.com/play.php?catsmktba=2637
من موقع شيخنا الحلبي
عُنوانُ هذا المقالِ: لفظُ حديثٍ مَرويٍّ عن النبيِّ الكريمِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- رواهُ الإمامُ مُسلمٌ في «صحيحِهِ» (99) عن سَلَمَةَ بنِ الأكوعِ -رضيَ اللهُ عنهُ-.
وله ألفاظٌ أُخَرُ -عن صحابةٍ آخَرِين- مِنها: «مَن حَمَلَ علينا السِّلاحَ؛ فليسَ مِنَّا»، وفي لَفْظٍ ثالثٍ: «مَن شَهَرَ علينا السِّلاحَ..».
وقد قالَ الحافظُ ابنُ حَجَر العسقلانيُّ في «فَتح الباري» (13/24) -في شَرْحِهِ-:
«ومعنَى الحديثِ: حَمْلُ السِّلاحِ على المُسلمِينَ لِقِتالِهِم به بغيرِ حقٍّ؛ لِـمَا في ذلك مِن تخويفِهِم، وإدخالِ الرُّعْبِ عليهِم.
وفي الحديثِ دِلالةٌ على تحريمِ قِتالِ المُسلمِين، والتشديدِ فيه».
ثُمَّ قالَ -رحِمَهُ اللهُ-:
«قولُهُ: «فليسَ مِنَّا»؛ أي: ليسَ على طريقتِنا، أو: ليسَ مُتَّبِعاً لِطريقتِنا؛ لأنَّ مِن حقِّ المُسلِمِ على المُسلمِ أنْ يَنْصُرَهُ، ويُقاتِلَ دُونَهُ؛ لا أنْ يُرْعِبَهُ بحَمْلِ السِّلاحِ عليه؛ لإرادةِ قِتالِهِ، أو قَتْلِهِ...
وهذا في حقِّ مَن لا يَستحِلُّ ذلك؛ فأمَّا مَن يَستحِلُّهُ؛ فإنَّهُ يَكْفُرُ باستِحلالِ المُحرَّمِ -بشرطِهِ-؛ لا مُجَرَّدَ حَمْلِ السِّلاح.
والأَوْلَى -عندَ كثيرٍ مِن السَّلَفِ-: إطلاقُ لَفظِ الخَبَرِ مِن غيرِ تَعَرُّضٍ لِـتأويلِهِ؛ لِيكونَ أبلغَ في الزَّجْرِ...».
وقد عَدَّ الفقيهُ ابنُ حَجَرٍ الهَيْتَمِيُّ -رحمهُ اللهُ- في كِتابِهِ «الزَّواجِر عن اقترافِ الكَبائر» (الكبيرة: 318): (ترويع المُسلِم، والإشارةَ إليه بسلاحٍ -أو نَحْوِهِ-) مِن الكَبائرِ؛ فكيفَ بإيذائِهِ، وجَرْحِهِ، وإعطابِهِ؟!
أقولُ:
وهذا النَّصُّ النبويُّ -وما أشارَ إليه- يَدْفَعُنِي لأنْ أُبَيِّنَ -مُؤصِّلاً-:
النصُّ كالسَّيْفِ؛ فهذا بحامِلِه؛ وذاك بفاهِمِه؛ فمَن لا يُحْسِنُ استعمالَ (السَّيفِ) -واقِعاً، أو سَبَباً-: فقد يَقْتُلُ مَن لا يَستحقُّ -مِن نفسِهِ وغيرِهِ- فيُفسِد-، ومَن لا يَفهمُ (النَّصَّ) -صِحَّةً، أو استِدلالاً-: فقد يَستدلُّ به على غيرِ وَجهِهِ، وفي غيرِ مَقامِهِ -فيُفسِد- أيضاً-.
وما نحنُ فيه مِثالٌ حيٌّ حيويٌّ على هذا التأصيلِ:
أ- فقد يَفهمُ هذا الحديثَ بعضُ النّاسِ -لِجَهْلِهِ- على أنَّ حَمْلَهُ للسَّيْفِ على مَن هُم -حقيقةً- مِن المُسلمِين: لا يَدخُلُ في النَّهْيِ!
فهُم -عندَهُ- مِن الكُفَّارِ المُستحقِّينَ للقِتالِ والقَتْلِ!!
وهذا غَلَطٌ قَبيح...
ب- وبالمُقابِلِ: فقد يَستدلُّ بالنصِّ -نفسِهِ- بعضٌ آخَرُ -لِجَهْلِهِ-؛ فيُكَفِّرُ حاملَ السَّيفِ -هذا- مُتَأَوِّلاً كلمةَ «ليسَ مِنَّا»، أنَّها بمعنَى: كافر!!
وهذا غَلَطٌ قَبيحٌ -أيضاً-..
نَعَم؛ لا شكَّ أنَّ حَمْلَ السِّلاحِ على المُسلِمِ ضَلالٌ عَريضٌ، وعَمَلٌ شَنيعٌ، ولكنَّنَا -رحمةً وشَفَقةً- على معنَى ما قالَ الخليفةُ الراشدُ عُمَرُ بنُ الخَطَّاب- رضيَ اللهُ عنهُ-: «لا يُجزِئُ مَن عَصَى اللهَ فيكَ بأحسنَ مِن أنْ تُطِيعَ اللهَ فيه».
نَعَم؛ إنَّ آفةَ الجَهَلَةَ التكفيريِّين (المُتَعصِّبِين المُضلّلِين.. الذين لا تَقومُ أعمالُهم وتفسيراتُهُم إلّا على الجَهْلِ والبَغضاء) هي: عدمُ إدراكِهِم لحقيقةِ فَهْمِ النُّصوصِ الشرعيَّةِ -أصالةً-، ثُمَّ سُوءُ تَطبيقِهِم لها -نتيجةً-.
ومَن كان على هذه الشَّاكِلَةِ فلا يُرجَى منهُ خيرٌ، ولا يُنتظَرُ منهُ هُدىً؛ لا في دِينٍ، ولا في دُنيا؛ بل لَعَلَّ العكسَ هو الكائنُ -واقعاً-؛ على مِثْلِ ما قالَ اللهُ -تعالى- في القُرآنِ الكريمِ: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً.الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}..
وأعجبَتْنِي -جدًّا- كلمةٌ قالَها بعضُ الدُّعاةِ بحقِّ هؤلاءِ المُنحرِفِين: (مُشكِلَتُنا مع هؤلاءِ في عُقولِهِم، لا في قُلوبِهم) -في فَهْمِهِم؛ لا في مَقصودِهم؛ فقد يَفعَلُونَ شَرًّا مِن حيثُ يَتَوهَّمُونَ الخيرَ!!-! وليس هذا بمُنَجِّيهم عندَ الله -تعالى-؛ فالعملُ الصحيحُ لا يكونُ مَقبولاً عنده -سُبحانه- إلّا بالإخلاصِ في النيَّة، والصَّواب في العَمَل -مُجتمِعَيْن-...
وعليه؛ فإنَّ ما جَرَى في مدينةِ الزَّرقاءِ (يومَ الجُمُعَةِ: 15/4/2011م) كَشَفَ عن حقيقةِ هؤلاءِ (التكفيريِّين) الضالِّين -منهجيًّا، وأخلاقيًّا-:
- أمَّا (منهجيًّا)؛ فكونُهُم بَعيدِينَ -جدًّا- عن منهجِ السَّلَفِ الصّالحِ -رضيَ اللهُ عنهُم- في حِرصِهِم على الأمنِ، والأمانِ، والإيمان -ممّا فيه قِوامُ الفَرْدِ والمُجتَمَع-.
فانتسابُهُم-أو نِسبتُهُم!-للسَّلَفِ-أو (السلفيَّة)-:نسبةٌ باطلةٌ، لا وَزْنَ لها في مِيزان الحقّ.
- وأمَّا (أخلاقيًّا)؛ فالمُؤمِنُ رَؤوفٌ، شَفيقٌ، رَفيقٌ، رحيمٌ، لا فظٌّ، ولا غليظٌ..
وهذه صِفاتٌ لا يُرَى في هؤلاءِ (التكفيريِّين) إلّا عكسُها، وأضدادُها؛ ممّا لا يحتاجُ بيانُهُ إلى كبيرِ جُهْدٍ! أو كثيرِ دليلٍ!
ولو فَتَحْنا البابَ للمُقارنةِ (!) بَيْنَ فَعائلِ هؤلاءِ، وأخلاق السَّلَف الكُبَراء: لَـمَا تَذَكَّرْنا -ولا ذَكَرْنا- إلّا قولَ الشَّاعِرِ:
ألَم تَرَ أنّ السَّيْفَ يَنْقُصُ قَدْرُهُ ***** إذا قيلَ إنّ السَّيْفَ أمْضَى مِن العَصَا؟!
... إنَّ ما جَرَى في مدينة الزَّرْقاء كَشَفَ عن حقيقةِ ما ادَّعاهُ هؤلاءِ لأنفُسِهِم -أو ما ادَّعَتْهُ بعضُ وسائلِ الإعلامِ لهم!-، مِن تِلكُم النِّسبةِ المُزَوَّرَةِ فيهِم، المُغَرِّرَةِ لغيرِهِم: (السلفيَّة)- التي هي مِنهُم بَراءٌ-؛ وهو الأمرُ الذي تيقَّظَ له -بحمدِ الله وتوفيقِهِ- عامَّةُ النّاسِ وخاصَّتُهُم، وعلى وجهٍ أخَصَّ: أصحابُ القَرارِ -وعلى كافَّةِ المُستوياتِ- في هذا البَلَدِ الكريمِ المِعطاءِ -والحمدُ لله-؛ مُستفيدِين ذلك مِن كلمةِ وَلِيِّ أمْرِنا المَلِكِ عبدِ الله الثانِي -حفظهُ اللهُ- في كِتابِهِ «فرصتنا الأخيرة» (ص309)-، والتي كَشَفَ فيها حقيقةَ هؤلاءِ التَّكفيريِّين؛ مُمَيِّزاً لهُم -حفظهُ اللهُ ورَعاهُ- عن (الأكثريَّةِ السَّاحِقَةِ مِن «السَّلَفِيِّين» التي لا تُجِيزُ الأعمالَ الإرهابيَّة، ولا قَتْلَ المَدنيِّين الأبرياء) -كلمة عَدْل وإنصاف-؛ حتّى لا تختلطَ الأوراقُ، ولا تضطربَ المفاهيمُ...
فجزاهُ اللهُ -عزَّ وجلَّ- كُلَّ خَيْر، ودَفع عنهُ كُلَّ شَرٍّ وضُرّ....
... واللهُ المُستعانُ على أهلِ الظُّلْمِ، والجَهلِ والطُّغيان