زاد الاردن الاخباري -
طَفَت على المشهد المحلي قبل أيام دعوات إنفعالية تدعو لاتخاذ قرار بعودة الطلبة الى المدارس، وهي دعوة تناست او اغفلت ان قرار عودة الطلبة الى المدارس هو قرار وطني ولييس وزاريا، ومن يمتلك اتخاذ هذا القرار ليس وزير التربية والتعليم والذي لا يملك عمليا وحده تنفيذ هذا القرار، لان قرار العودة من عدمها مناط بسلسلة من الاجراءات والتقييمات ومسؤوليتها تخضع للجنة الوطنية للاوبئة ووزارة الصحة ووزارة التربية وغيرها من الجهات والمؤسسات الرسمية بالدولة ذات الصلة. ولذلك فان الفكرة المغلوطة لدى البعض بانه يتم محاكمة تجربة التعليم عن بعد بصورة مقصودة لذاتها بقصد العودة الى المدارس وان التعليم عن بعد خطوة فاشلة، وبالتالي ما يجري فعليا هي محاكمة خاطئة، لان التعليم عن بعد مناط بقرار وطني وليس حكومي او وزاري!
فالأردن لم يكن الدولة الوحيدة التي قررت التوجه "اضطراريا" للتعليم عن بعد على مستوى التعليم العام والعالي، فكثير من الدول التي تحترم حق ابنائها في التعليم اعتبرت ان "استمرارية" التعليم للطلبة في ظل جائحة كورونا هو الأساس ايا كانت الوسيلة التعليمية، وان صحة الإنسان وسلامة الطلبة أولوية يجب حمايتها بكل جهد ممكن ووسيلة متاحة.
جائحة كورونا وحجم تأثيراتها القت بظلالها على كافة مناحي الحياة اقتصاديا واجتماعيا وزراعيا وبيئيا وحتى دور العبادة طالها التاثير، فضلا عن العادات والتقاليد والطقوس العامة في الأفراح والأتراح و التي كانت تمارس في مناسباتنا الاجتماعية، وبالتأكيد ان القطاع التربوي ليس استثناءا عن بقية القطاعات سيما وان تفشي الفايروس يكون في مناطق التجمعات، وليس هناك بيئة اخصب لكورونا من المدارس والتجمعات الطلابية لان تكون بؤرا له.
والتوجه للتعليم عن بعد ليس ترفا ولا استعراضا، ولا رغبة في مناكفة طرف او جهة او تنظيم، بل قرار استراتيجي أملَته طبيعة الظروف الصحية التي عاشها الأردن ولا يزال في ظل تفشي كورونا، والدليل ان الموضوع لا يخرج عن المسوغات الصحية والسلامة العامة، فاننا نذكر ان الحكومة السابقة قررت العودة للمدارس بداية هذا العام وأُتُخِذ هذا القرار بظروف وشروط وسياقات محددة ومقيدة تراعي حق الطالب في التعليم في بيئة مناسبة، جنبا الى جنب في حماية صحة طلبتنا من الاصابة بالفايروس، ووضِعت البروتوكولات الصحية التي تضمن سلامة وصحة الطلبة، خاصة وان وزارة التربية والتعليم هي الجهة "المسؤولة" أمام الرأي العام عن صحة وسلامة ابنائنا في مدارسهم.
فاجئت جائحة كورونا كل الدول وحكوماتها، وفرضت ايقاعا تعليميا على حكومات العالم،واعترت الحكومات ان الأمن الصحي للطلبة أولوية، سيما وان جهوزية النظام التعليمي والبيئة المدرسية تتفاوت من دولة الى اخرى الى جانب التفاوت بالالتزام بتطبيق المعايير الطبية والتباعد في الغرف الصفية زاد من تداعيات ازمة كورونا والضغط باتجاه ان يكون هناك بديلا ربما ليس "الأمثل" ولكنه "الأنسب" لضمان استمرارية حق الطلبة في التعليم، فوجدت كثير من حكومات العالم ضالتها ب "التعليم عن بعد" كخيار لا مفر عنه!!
مرة اخرى، و بالرغم من تزايد عدد الاصابات والوفيات والتفشي المجتمعي للوباء فان بعض المجتمعات ما زالت رهينة نظرية "المؤامرة" بخصوص كورونا، ومن هنا فان الرهان على وعي المواطن لن يترك مجالا كبيرا لصانع القرار التربوي، خاصة ان الوقت كان يمضي واصابات يومية تسجل بين ابنائنا الطلبة والمعلمين والاداريين بحسب النشرة الإعلامية اليومية الصادرة عن وزارة التربية والتعليم؛ ما اضطر الى إغلاقات بالجملة لعدد من المدارس في مختلف مناطق المملكة، ناهيك عن حالات عزل كبيرة تمت على مناطق مختلفة في المملكة منها في ماركا وعي وغور الصافي والنعيمة والبقعة وغيرها بسبب تفشي كورونا وما رافق ذلك من إغلاق تام للمدارس لمدد زمنية متفاوتة!!