(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا).
الخلط بين مفهوم النفس والروح عند الكثير منا وظنا ان النفس هي الروح ,يقتضي التوضيح بين الفارق بينهما ,من خلال دلالات مفهوم الروح التي وردت في كتاب الله تعالى ...........
وردت كلمة الروح في كتاب الله تعالى في عدة صيغ ,لكن جميعها ترجع لمصدر الكلمة وهي الروح ,كما وردت دلالة على معانيها ,وهي الطهارة والصلة والهداية والتزكية ,فالقران الكريم روح يتصل بها المؤمن مع خالقه ويمتثل به لأمره, والنبوة طهارة ومقدمة لحمل الرسالة ,وجبريل علية السلام روح لعلاقته بالرسالة .............
بداية الروح نفخة في نفس ادم في طهارة بداية خلقه ,فالهمها الخير لاتباعه والشر لاجتنابه,فعمل الخير يجزى عليه ,كما يجزى على اجتناب الشر لان كلا من هديه تعالى ,لذلك فكل مولود يولد على الفطرة من طهارة النفس بروح الهداية (قبل بداية التكليف),ومعنى الروح في هذا السياق يتضح مع بداية خلق رسول الله تعالى عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام,(فخلقة كخلق ادم ونفخة الروح كنفخة ادم فلا يفرق بين الله تعالى ورسله اذ ان طاعتهم من طاعة امر الله واعمالهم تنفيذا لأمره تعالى ) ,اذ كان نبيا منذ بداية خلقه زكيت نفسه بروح من الله تعالى بالحق ,لمهمة الرسول لتبليغ الرسالة ,فكانت الروح,اذ قال وهو في المهد ( قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) ) فكل رسول هو نبي لاكتمال الروح فيه ,فالانبياء كانوا برعاية عين الله وعصمته ,حيث علم الله فيهم الصدق والاخلاص وهم في عالم الانفس فكانوا نورا متلئلئ بالطهارة بين عالم الانفس فبل ان تزوج بالابدان. في عالم الارحام ..............
(يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87))الروح هي الامل بالله عقلا وضميرالانفس, وهي الانفس المطمئنة ,ترجع الامور لامر الله في الدنيا ,يقينا منها الرجوع لربها ,فالروح هي لباس النفس المؤمنة ,لهذا فالروح للمؤمن ,بخلاف الانفس الامارة بالسوء خلافا لامر هدايتها ,وفي ذلك دلالة ان الروح غير النفس,فغياب الروح موت حرمان لصلة واعتصام النفس مع هداية خالقها, تسبح في ظلمات خسارة الدنيا قبل الاخرة, كما هو الحال الواقع المشاهد ................
بلوغ درجة الروح , هي بلوغ لدرجة الصفاء والتزكية والطهارة وعصمة الصلة ,هي بلوغ مرحلة الشفافية بين العبد وربه ,يدرك من خلالها مراحل ودرجات الايمان ,يدرك بهن حلاوة الصبر ,الامل ,التواضع, التوكل ,الدعاء,العفو,الايثار ,فلكل منها حلاوة ولذة ,فالروح هي كتاب الله الجامع لكتبه ,فيه شفاء للمؤمنين ,من امراض الحقد والحسد ,امراض التكبر ,فيه شفاء من كل امراض العصور, ذلك ان كل الامور بيد الله تعالى,وان حقية الدنيا الفناء, والاجل المسمى لكل من فيها ,وان الخير من الله والشر من الانفس ,والتطهر منه التوبه وطلب المغفرة بالامل من روح الله ,فحقيقة التوبة والاستغفار الصادق هو اقرب ما يكون من روح الله تعالى لانها من رحمة الخاصة من اسمه الرحيم ..............
الروح هي من الرحمة الخاصة ,التي خص بها المؤمن ,بها تدرك حقيقة الامور في هذه الدنيا , بخلاف ادراك من لم يدرك حقيقة الايمان ,في حين ان الرحمة العامة هي لجميع خلقة ,فالله سبحانة وتعالى رحمن لكل خلقة في الدنيا ,معرض نفسه باسمه الرحمن يوم الحساب مذكر خلقه بنعمه عليهم في الدنيا , وبنعمة ادراك الهداية في العقول وما تخفيه الانفس في ميزان الفطرة في ضميرها ,رحيم لعباده المخلصين ,لهذا ماذكرت المغفرة الى كان بعدها تذكيرا باسمة الرحيم ...............
اللهم ارزقنا من امر روحك ,رحماتك الخاصة ,لنرتقي بها عن مفهوم ما يقتضيه ايثار ماديات الحياة الدنيا ولبس قيمها الوضعية علينا ,من تفاخر ,ولعب ,ولهو,وزينة حب الشهوات ,وارزقنا من ما اخفيت من امر روحك لذة الايمان بك بقدوة رسولك الكريم وطاعته لنيل حبك امين يا ارحم الرحمين ............
د . زيد سعد ابو جسار