زاد الاردن الاخباري -
كتب: ايهاب سلامة - أضحت مشاهد بورنو التطبيع الإباحي بين دول عربية وكيان الاحتلال، علنية بشكل فاضح وغير مسبوق في تاريخ الإنحطاط البشري، وتعدت مفهوم التطبيع الذي عجزت المؤسسات الإستخبارية الإسرائيلية من خلاله تحقيق أي اختراق للمجتمعين الأردني والمصري، عقب عقود من توقيعهما معاهدات مع الكيان المارق.
لم يكد يجف حبر تواقيع اتفاقيات تطبيعية مع كيان الاحتلال، حتى تجلت علاقات هيام سياسي واقتصادي وثقافي وفني وسياحي بين دول وشعوب عربية مع "تل ابيب"، وبلغ الانفتاح بينهما حدود النشوة. في وقت كنا نتعطش فيه منذ عقود لانفتاح العلاقات العربية البينية بدل الصراعات والحروب التي استنزفت مقدراتها ودماء شعوبها.
البندقية العربية أصبحت موجهة نحو الصدر العربي، وقذائف المدافع العربية تدك مدناً وعواصم عربية، فيما يستقبل جنود الاحتلال بالورود والبخور في بلدان الانحطاط العربي.
التهافت اللافت نحو كيان الإحتلال، كشف سوءات عوراتهم، وفضح العلاقة المحرمة التي كانت تمارس تحت جنح الظلام منذ أزمنة، على حساب فلسطين التي ظل يتغنى بها "الأشقاء" كذباً وخداعا.
نحن شهود اليوم على جريمة أفدح من جريمة احتلال فلسطين، ترتكبها دول عربية إسلامية، منحت بموجبها الكيان الإسرائيلي صكوك شرعية احتلال قبلتها الأولى، ومقدساتها، وأقامت علاقات شذوذ تطبيعي علني مع مغتصبها، وهو أمر لا يمكن لشعوب بقي فيها ذرة من المروءة والحياء قبوله على نفسها ودينها وبلادها، تحت أي مسوغ ومبرر.
العلاقات التطبيعية المفتوحة على كل الصعد، خيانة تاريخية كاملة الأركان، مع سبق الإصرار والترصد، تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وتقوية محتلها، وترسيخ أركانه الإقتصادية والأمنية، وتجميل قبحه، وإبراء يديه الملطختين بدماء الفلسطينيين والشعوب العربية، ومساعدته بتنفيذ مشروعه التوسعي، وهي جرائم توازي إن لم تكن تفوق جريمة احتلال فلسطين ذاتها.
قوافل الحجيج العربية تشد رحالها إلى "تل ابيب"، وقد نقرأ غداً فتاوى لشيوخ التدليس، وتلاميذ ابليس، بتغيير قبلة أبناء "الديانة الابراهيمية" الجديدة نحو أولى القبلتين، وربما يفتون بتحويل الحج من مكة المكرمة إلى " اورشليم القدس"!
جنود الفتح العربي الجديد، يرتدون دشاديشهم البيضاء، ويصطافون في حواري تل ابيب، ويلتقطون صور السيلفي قرب ضريح جولدا مائير، وموشيه دايان، وارييل شارون، ويذرفون دموعهم على "حائط المبكى"، ويطاردون السبايا الروسيات في شوارع يافا وحيفا، ويشعلون الشمعدان على ترانيم تلمودية، ويقرعون كؤوسهم على جراح صلاح الدين، ويحررون مستوطنات هارحوما، وكفار عتصيون، ومعاليه ادوميم، بأفواج الجيوش السياحية.
دعونا - لا قدر الله - نضع القران خلف ظهورنا.
دعونا نحذف منه قول الله : (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ).
دعونا نضع العروبة والقومية الكاذبتين جانباً.. ونسلخ عنا جلدنا، وعظمنا، وننزع من دمنا جيناتنا العربية الكاذبة.
دعونا نلغي فلسطين المحتلة من الذاكرة، ونسلّم مفاتيح القدس لبيبي نتنياهو، ونبصم على ورقة بيضاء أن المسجد الاقصى مقام على أنقاض خزعبلات الهيكل.
دعونا نحوّل كنيسة المهد إلى كنيس يهودي، ومقام مريم العذراء إلى مكتب لاستقبال يهود الفلاشا..
دعونا ندخل التطبيع من أرذل أبوابها، ونصدق الشياطين شيوخ السلاطين، الذين (يَقولونَ على اللّه الْكَذِب وَهم يَعْلمون)، والذين حمّلوا (درع) النبي محمد ﷺ مسؤولية التطبيع مع الكيان الذي يحتل معراجه إلى السماء السابعة!
من يعرف التاريخ العبري جيداً، يدرك ان هذه الطفرات العربية المشوهة التي ارتضت لنفسها الإرتماء تحت حذاء عدوها، لن تنال رضاه مهما حنت له أعناقها صاغرة.
ومن يعرف التاريخ العربي أيضاً، يعلم أن حقب الظلام ستنجلي لا محالة، وان شمس الحق ساطعة مهما تقلب الزمان أو تأخر. وستكنس الشعوب فضلات أمة كتب الله لها وعليها: (وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا).