زاد الاردن الاخباري -
يتفعّل محور ما اسماه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بـ”الشام الجديد” بوضوح بعد أن توجه الأخير بزيارة خاطفة السبت إلى الأردن عقب يومين فقط من زيارة مثيرة عقدها الكاظمي نفسه لتركيا وحظي فيها باستقبال مهيب من الرئيس رجب طيب اردوغان.
وأجرى الكاظمي السبت محادثات مع الملك عبد الله الثاني، في عمّان التي وصلها الأخير في زيارة مفاجئة وخاطفة.
وقال مكتب الكاظمي، إن رئيس الوزراء أجرى “زيارة عمل سريعة للمملكة الأردنية، حيث التقى الملك عبد الله الثاني في عمان”.
وأضاف، في بيان تلقت الأناضول نسخة منه، أن “الجانبين تباحثا في مجمل العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، لا سيما في مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة، ووسائل التعافي من آثار جائحة كورونا على اقتصاد البلدين الشقيقين”، دون تفاصيل أخرى.
فيما قال بيان للديوان الملكي الأردني، إن “اللقاء تناول العلاقات الأخوية المتينة بين البلدين والشعبين الشقيقين، وسبل توسيع التعاون في مختلف المجالات، فضلا عن الجهود المشتركة لمواجهة وباء كورونا وتداعياته الإنسانية والاقتصادية”. مضيفا: “تم التأكيد على مواصلة التنسيق والتشاور حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك، وبما يحقق مصالح البلدين”.
وهذه ثاني زيارة للكاظمي إلى الأردن منذ توليه منصبه في مايو/أيار الماضي، وكانت الأولى في أغسطس/ آب الفائت، خلال مشاركته في القمة الثلاثية إلى جانب الملك عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وشكلت البلدان الثلاثة مجلسا تنسيقيا مشتركا، على ضوء نتائج القمة الثلاثية التي انعقدت في العاصمة الأردنية عمان، في 28 أغسطس الماضي. وأبرمت البلدان الثلاثة اتفاقات اقتصادية مشتركة وأخرى ثنائية، تتمحور في الغالب حول الطاقة والتجارة والاستثمار.
وتأتي الزيارة بعد أقل من أسبوع على اعلان الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، عقد قمة جديدة لزعماء العراق ومصر والأردن في بغداد، خلال الربع الأول من العام المقبل. وهي الدول التي يفترض ان تشكل عماد المشروع الذي طرحه الكاظمي اثناء زيارته لواشنطن في أغسطس/آب الماضي، باعتبار المشروع يقوم على حرية الاستثمار ونقل التكنولوجيا بين الدول الثلاث وعلى الطريقة الأوروبية.
وهو مشروع يعيد إحياء فكرة طرحها البنك الدولي تحت ذات العنوان والاسم عام 2014، تقوم على تكامل يشمل كل دول المنطقة بما في ذلك تركيا، التي بدت بداية وكأنها مستبعدة من تحركات الدول الثلاث.
واتخذت عمّان عدّة مواقف اعتبرت نقدية تجاه تركيا خلال الأشهر الماضية، إذ عقد وزير الخارجية الأردني قبل أقل من أسبوعين مؤتمرا صحفياً مع نظيريه القبرصي واليوناني، وأشار الى أن الاجتماع كان تحضيراً للقمة التي من المتوقع أن تستضيفها اليونان مطلع العام المقبل.
وفي المؤتمر المذكور تطرق الصفدي لأزمات متنوعة تقف في بعضها الدولتان ضد تركيا وهي أزمة شرق المتوسط وليبيا، كما تحدث عن العراق وسوريا والقضية الفلسطينية، الأمر الذي أكّد على جنوح عمان نحو خصوم أنقرة، خصوصا وان عمان تشترك مع الدولتين ومصر فيما يعرف بمنتدى غاز شرق المتوسط، والذي يستثني تركيا أيضا ومعها لبنان وسوريا.
وقبل ذلك، استقبل ملك البلاد أيضا الرئيس الأرميني ارمين ساركيسيان، لتُظهر عمّان بذلك انحيازاً نسبياً في نزاع جنوب القوقاز، اتهمتها به سابقا أذربيجان ونفته، وهو النزاع الذي تعتبر تركيا على الطرف المقابل منه.
بهذا المعنى، وفي سيناريو أول محتمل فإن تنسيق الموقفين العراقي والأردني إن كان ضمن التفاهمات الجديدة مع تركيا قد يفتح بوابة صغيرة للحوار والتنسيق بين عمان وانقرة، أو على الأقل يبقي عمان في صورة التفاهمات المختلفة التي عقدها العراق مع انقرة.
ويبدو ان الأردن مهتم بشراكة اقتصادية عبر العراق، والذي ستكون تركيا حاضرة فيه بعد مساندة اردوغان جهود إعادة الاعمار فيه وتعبيره عن دعمه للتنسيق مع بغداد.
وفي سياق قد يكون متصلا أعلن صباح الاحد، أكبر مصنعي اللحوم في عمّان (سنيورة للصناعات الغذائية)، عن توقيع اتفاقٍ للاستحواذ على 77 بالمئة في شركة تراكيا إت التركية المالكة للعلامة التجارية بولونيز. وأظهر إفصاح على موقع بورصة عَمان أن القيمة الإجمالية للصفقة 24.5 مليون دولار. وقالت الشركة إن الصفقة “تتماشى مع سياسة الشركة في دخول أسواق جديدة وخاصة السوق التركي.”
وتطمح عمان لتوسيع قاعدة الاستثمارات في الصناعة الغذائية لديها بدعم واسع من أبو ظبي التي تخاصم انقرة، وقد أورد تحليل سابق في سياق دور الامارات في دعم أرضية استثمارية اردنية لانجاح التحالف الثلاثي المصري- العراقي- الأردني؛ ما قد يرجح السيناريو الثاني وهو الرغبة المشتركة في الاستحواذ على مؤسسات تركية غذائية قد دخلت الأسواق العربية منذ أعوام.
ويمكن ان يكون تدهور اقتصاد تركيا في هذه المرحلة، تزامنا مع المزيد من الضغوطات الدولية الامريكية والأوروبية عليها، فرصة خليجية سواء للخصوم او الحلفاء للاستيلاء على اكبر عدد من المؤسسات في الدولة الكبيرة والغنية بالموارد والصناعة.
بكل الأحوال، من الواضح ان بداية العام المقبل قد تتوج التغييرات على اكثر من صعيد وقد تحمل الأيام المقبلة المزيد من التفاصيل ليس فقط عن التعاون في مشروع الشام الجديد ولكن أيضا عن حصص المشاركين الحيويين فيه ولو من خلف الكواليس.