قال لي فادي وهو يتوحوح من البرد: يَخوك موت أحمر. تستوقفني جملة (الموت الأحمر). فهذا يعني بالضرورة أن هناك موتاً أبيض؛ وموتاً برتقالياً؛ وموتاً بنفسجيّاً؛ وموتاً أسود؛ وموتاً تركوازياً.
ومن كثرة تكرار الموت الأحمر؛ ونحن أكثر أمّة تجيد الحديث عن الموت؛ صار لديّ قناعة أن الموت درجات؛ أعلاها هو الموت الأحمر؛ ولكن كي تصل إليه يجب أن تمرّ بمراحل موت أخرى وأظن أن وباء الكورونا مثلاً جعلنا نعيش مرحلة (الموت الفوشي) ونترقب الأحمر ونحن نرتجف ولا نلوي على شيء سوى الانبطاح.
عندما فاتحتُ فادي بالأمر؛ أيّدني وقال لي: فعلاً إشمعنى موت أحمر بس؟ وكلّفني تكليفاً رسميّاً بالكتابة بالموضوع وتفهيم الناس وين غلطهم وعذره في الأمر بإني رجل صلب وأستطيع مواجهة الناس بالحجج الدامغة..!
لم يدرِ فادي إنني مثل بقية البشر أحتاج لم يفهّمني غلطي..أحتاج لم يرفع عني موت الضرائب الأحمر. أحتاج لمن لا يدخلني موت الطوابير الأصفر. أحتاج لمن لا يدزني دزّاً إلى حياة لا يرضاها إلاّ الموت البيتنجاني. أحتاج لرؤية وطني بكل وضوح بلا سيرة للموت وأنواعه وأسبابه.
نعم؛ إنه الموت الأحمر. ولا شيء سواه. بلا ألوان أخرى. هذا الموت الذي تمّت صناعته على شكل حبّة فلافل في ساندويشة جائع أو على شكل فاتورة لا تعرف من أين أتت إليك أو على شكل حيتانٍ لا يعيشون ببحر ولكنهم يبحرون في تفاصيلنا ليضعوا الموت فيها أو على شكل خارطة وطن عربي ما زالت عيناه مُغطاة بشاش صنّاع خارطة طريقه الكاذبين.
يا فادي: تعال وفهّمني غلطي أرجوك.
كامل النصيرات