زاد الاردن الاخباري -
كشفت دراسة جديدة عن تنامي ظاهرة الأطفال مجهولي النسب في سوريا، مع تزايد نسبة الفقر والتفكك الأسري في هذا البلد الذي يعاني من الحرب منذ نحو عشر سنوات.
ووفق الدراسة التي أعدها الباحثون د. طلال مصطفى ود. حسام السعد وجيه حداد، ونشرها مركز حرمون للدراسات المعاصرة، فإن المتغيرات العسكرية والاجتماعية في سوريا أفضت إلى تنامي ظاهرة الأطفال مجهولي النسب الذين تزايدت أعدادهم في المناطق الخارجة على سيطرة النظام، سواء بسبب الزواج من مقاتلين أجانب لم تحدد هوياتهم بدقة، أو بسبب الزواج من مقاتلين محليين قُتلوا لاحقا، وتعذر إيجاد وثائقهم أو تسجيل واقعات زواجهم بسبب فقدان الوثائق أو موت الأبوين كليهما.
ومع تغير خرائط السيطرة، تكشفت الأعداد الكبرى لأبناء هذه الظاهرة، حيث استدعت الحاجة إلى توثيق وجودهم أو تحديد نسبهم وجنسياتهم، وإيجاد الجهات الوصائية الكفيلة برعايتهم، وخصوصا في حال غياب الأبوين.
كما أكد الدراسة أن الحرب ساهمت في تفكك بنية الأسرة السورية وعدلت وظائفها. ولم يتوقف تصدع الأسرة السورية وتفككها على الجوانب البنيوية، بل شمل القيم الاجتماعية التي تعمل على تعزيز التماسك الأسري، فبرزت الصراعات والعداوات والقطيعة بين الإخوة والأقارب نتيجة وجودهم في صفوف أطراف مختلفة في الصراع السوري.
وتشير الدراسة أيضا إلى ظهور سلسلة من المشكلات الاجتماعية في سوريا، أبرزها “انتشار العصابات الإجرامية، استفحال القتل، اختلاط القيم الداعمة للتماسك والتضامن بالقيم التفكيكية للنسيج الثقافي والاجتماعي، ما أدى بدوره إلى خلل كبير في بنية الأسرة السورية ووظائفها، أنتج عددا من المشكلات الاجتماعية (الطلاق، تعدد الزوجات، زواج القاصرات، الإتجار بالبشر)، العنف ضد المرأة والطفل، ازدياد عدد الأطفال الأيتام، والأطفال غير المصحوبين بأسرهم، انتشار عمل الأطفال، والتسرب المدرسي، والزواج المبكر بالتوازي مع ظاهرة العزوف عن الزواج، وارتفاع نسبة العزوبية عند الذكور والإناث”.
كما تؤكد تنامي نسبة الفقر في سوريا إلى 93 في المئة، مشيرة إلى أن أكثر من 70 في المئة من السوريين الآن هم تحت عتبة الفقر المدقع، و”مع انعدام الأمان الغذائي، وغياب المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، وجد أكثر من ربع مليون سوري نفسه بين التسول المباشر والتشرد على قارعة الطرقات، عدا عن أعداد المشردين في المخيمات غير الخاضعين لهذا التصنيف”.
وتفسّر الدراسة تزايد نسبة الفقر إلى “غياب المعيلين الذكور إلى جانب الفقر العام وغياب فرص العمل والتآكل الاقتصادي العام، وجنوح النظام إلى التماهي المطلق مع أمراء الحرب الساعين إلى مزيد من النهب العام ليضاف إلى جمهور المتسولين الذي يتسع شرائح جديدة من الأرامل واليتامى والأطفال مجهولي النسب الذين لم يجدوا معيلا لهم، إضافة إلى المعاقين جرحى الحرب وكبار السن العاجزين”.