الذي يتابع ما يجري في الإقليم، يدرك ان التغيرات في واشنطن، تترك اثرا كبيرا، وليس ادل على ذلك، من المسارات السياسية التي دبت فيها الاتصالات.
الرئيس المصري زار الأردن، وقبل ذلك، زار الملك ابوظبي، والمنامة، وتم عقد قمة ثلاثية إماراتية بحرينية اردنية في الامارات، وأيضا زار الرئيس الفلسطيني الأردن ومصر وقطر، وهناك لقاءات وتنسيق ثلاثي اردني مصري عراقي، وترحيب اردني بنتائج قمة العلا التي عقدت في المملكة العربية السعودية، واتصال هاتفي بين الملك وولي العهد السعودي، وزيارة وزير الخارجية الأردني الرياض ولقاؤه مع وزير الخارجية السعودي.
ثم جاء اعلان الفلسطينيين عن اجراء الانتخابات، وقيام مديري المخابرات الأردنية والمصرية بزيارة الرئيس الفلسطيني، وما يرتبط بملف غزة والمصالحة، ومشاركة الأردن في اجتماع وزاري رباعي دولي في مصر لإحياء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، والتنسيق الأردني العربي والاوروبي، وتحول الأردن الى مركز الإقليم، حين تعطي الإدارة الأميركية الجديدة مؤشرات مختلفة تجاه الأردن، حيث الاتصال بين الملك والرئيس الأميركي، وهو اتصال وحيد بين الرئيس وقائد شرق اوسطي، مع وجود أصدقاء على صلة بالأردن في الإدارة الجديدة.
التوقيت ذاته يشهد انتخابات إسرائيلية، وقراءات مختلفة لما يجري في إسرائيل، ثم عودة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، الى الاتصالات، بعد انقطاعها.
هناك شيء ما يجري في المنطقة، فكل هذه التحركات واغلبها على صلة بالأردن، يوطئ لمرحلة جديدة، وهذه قد تكون البداية، وعلى الاغلب ان ابرز ملفين هنا يرتبطان بالقضية الفلسطينية، وملف ايران في المحصلة، دون ان نتجاوز هنا التقييمات التي تتحدث عن تغيرات محتملة أيضا على صعيد العلاقة مع تركيا من جهة، وعلى صعيد التوقعات بشأن أداء الإدارة الأميركية الجديدة.
هذا يعيدنا الى ذات الملف، أي ان خريطة العام 2021، ستكون مختلفة عن السنوات الماضية، والواضح ان العالم العربي عموما، يدرك ان التغيرات في واشنطن فرصة مهمة، اما لتجاوز آثار مرحلة الرئيس المنتهية ولايته، واما للوصول الى مشروع موحد على الصعيد العربي، في التعامل مع هذه الإدارة.
إعادة تموضع الأردن في الإقليم، فرصة ذهبية لا تتكرر، فكما اشير مرارا، فإن الأردن سوف يكون بوابة الإقليم الى واشنطن، خصوصا، انه مؤهل بسبب ارث علاقته مع الولايات المتحدة على لعب دور أساس، هذه المرة، باسمه ونيابة عن الإقليم، خصوصا، ان هناك اغلاقات أميركية محتملة بشأن المنطقة، ويراد التعامل معها عبر طرف مؤهل ان يكون وسيطا، ومقبولا من الكل، إضافة الى ما يرتبط بتوحيد الموقف العربي، من حيث الصياغات السياسية، في التعامل مع التغيرات التي استجدت على الولايات المتحدة.
المعلومات المتوفرة حول هذه المسارات التي نراها في الاتصالات، كثيرة، بعضها قد لا يكون دقيقا، بشكل صحيح، لكن الذي يمكن التقاطه، ان هناك مشروعا ما، يجري الاعداد له، هذه المرحلة، يرتبط بعدة اصعدة، واللافت للانتباه أيضا ان كثرة القوى المؤثرة، وتغير العلاقات، وتقلبها، يربك بعض هذه المسارات.
تحتاج الإدارة الأميركية الى عدة أشهر، حتى تلتفت الى المنطقة، لكن هناك شخصيات في الإدارة الجديدة ستكون على صلة مبكرة بملفات المنطقة، ولربما سيراقب العالم العربي جيدا، مغزى اول لقاء للرئيس الأميركي، مع اول مسؤول عربي كبير المستوى، خلال الشهور المقبلة، ليقرأ حقا خريطة مركزية الإقليم.
وسط هذه المعادلات المستجدة، وهذا الحراك خلال الأسابيع الماضية، لا بد ان يشار الى نقطة مهمة، وهي ان الأردن ليس الطرف الوحيد في الإقليم، فهناك قوى متعددة لها حسابات مغايرة، والواضح ان المنطقة تتحسب للفترة المقبلة، خصوصا، على صعيد ملف القضية الفلسطينية من جهة، وملف ايران الذي قد يقود الإيرانيين الى صفقة على حساب المنطقة، او الى مواجهة على حساب المنطقة أيضا.
نحن هنا، امام مسارات استباقية، لمحاولة التأثير على الصياغات النهائية، مع الادراك بأن لا شيء سيبقى على حاله في 2021.