زاد الاردن الاخباري -
كتب فارس الحباشنة - مصفاة البترول الأردنية قضية رأي عام مستحقة تدخل في جوانب وصميم مصير الشعب ومستقبله، فهي من أضخم مزودي الطاقة في الاْردن وأكبر صرح تكرير نفط وغاز وتصنيع طاقة في البلاد.
المعطيات اليوم تشير إلى أن هناك من يستهدف تصفية الشركة التي تأسست في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال، وقد كشف القرار المباغت لوزيرة الطاقة في حكومة الدكتور بشر الخصاونة عن ذلك التوجه الخطير.
وبالتزامن مع ذلك، بدأت أبواق اعلامية واقتصادية هجوما ممنهجا على مصفاة البترول وإرث الشركة الأردنية، من خلال التشكيك في جودة منتجاتها تارة ومناقشة السلامة البيئية تارة أخرى، ثمّ القفز إلى الحديث عن الجدوى الاقتصادية من استمرار تشغيلها، وتجاهل الحديث عن الديون المستحقة على الحكومة لصالح الشركة.
باليقين ليس من حق الحكومة تصفية المصفاة كما لو كانت تريد اغلاق كازية أو محلّ بناشر وغسيل سيارات أو دكان اكسسوارات وزينة سيارات، فمُلّاك المصفاة الحقيقيون هم الشعب الأردني، ويجب أن تكون الكلمة الفصل لهم فقط!
مصفاة البترول ليست مجرد شركة، بل هي رمز اقتصادي ووطني من رموز بناء الدولة في عهد الراحل الحسين "المملكة الثالثة"، وشيدت بقرار اقتصادي سيادي وطني لحماية الأمن الاقتصادي وموارد الطاقة الاستراتيجية، ومن ضمن منظومة الأمن الوطني ولتحقيق التنمية المستدامة.
نعم، تحديث المصفاة مطلوب، ولكن التصفية جريمة وخطيئة وطنية كبرى لا تغتفر، وثمة ما يستدعي مساءلة من يفكروا ويطلقوا تصريحات حول المصفاة دون تدبر وتفكير بعواقب القرار وما قد يخلفه من مصير مجهول لعشرات آلاف الأردنيين من "عمال المصفاة"، إلى جانب العبث في الأمن الاقتصادي وأمن الطاقة.
مصفاة البترول تتعرض لهجمة تشويش وتشويه، ومنذ سنوات تتعرض المصفاة لما تعرضت له شركات وطنية كبرى جرى تصفيتها وبيعها وخصخصتها لهجمة لتلاقي حتما ذات المصير.
المصفاة حصن من أحصنة أمن الطاقة، وقد لعبت أدوار هامة في مفاصل مصيرية واجهت الاْردن، وبالتأكيد لا يجب أن نسمح لسوء الادارة والفساد الممنهج، الوصول الحتمي لمصير التصفية والخصخصة، والبيع القسري.
ببساطة، يجب حماية المصفاة من الوزيرة زواتي وغيرها، وإذا كانت المصفاة بحاجة إلى تطوير وإصلاح، لترفد بكفاءات ادارية وفنية وهندسية أردنية، وحتى لا نخسر أهم شركة وطنية ذات إرث عريق من تاريخ الدولة وكينونتها.
من يذكرون وصفي التل ويجهدون في النبش في إرث التل، أودّ أن أذكركم أن من معاني وصفي الخالدة في التاريخ الأردني، تدشين المصفاة والميناء والجامعة الاردنية والخدمات الطبية، و شبكة التعليم الحكومي والصحة العامة والنقل العام، والتعاونيات الزراعية.
هذا هو وصفي التل! من أقر ايصال التيار الكهربائي و الماء والهاتف والمدرسة والمركز الصحي لكل قرية في الاْردن من أقصى الشمال إلى الجنوب، وابتعاث الأردنيين من أبناء الحراثين الدراسة في الخارج، وفي أرقى جامعات الغرب.
مشاريع ومؤسسات وطنية سندت لأهل ثقة وخبرة ودراية، وأنتج جيلا من البيروقراط الأردني.
من يعتقد أن القرار الوطني والسيادة والاستقلال في القرار يمكن أن يمنح ولا ينتزع فهو واهم ولا يفهم بالتاريخ.
في قضية المصفاة، الموضوع أكبر من ديزل وبنزين، فالقضية لها أبعاد وطنية خطيرة لا يمكن إنكارها أو التنكر لها.
وللحديث بقية..