زاد الاردن الاخباري -
باشرت لجنة العمل النيابية ووزارة العمل مناقشات حول مشروع قانون معدل لقانون العمل لسنة 2020 لدراسة التعديلات المقدمة من الحكومة على القانون. ومن بين النصوص التي شملتها هذه التعديلات، نص المادة 29 والمتعلقة بالإعتداء الجنسي الذي يقوم به صاحب العمل أو من يمثله على العامل/العاملة والعقوبات المفروضة عليه في هذه الحالة.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن النص الحالي للمادة 29 الفقرة (أ/6) من القانون هو “: يحق للعامل أن يترك العمل دون إشعار مع إحتفاظه بحقوقه القانونية عن إنتهاء الخدمة وما يترتب له من تعويضات عطل وضرر وذلك إذا إعتدى صاحب العمل أو من يمثله عليه في أثناء العمل أو بسببه وذلك بالضرب أو التحقير أو بأي شكل من أشكال الإعتداء الجنسي المعاقب عليه بموجب أحكام التشريعات النافذة المفعول”.
فيما نصت الفقرة (ب) من نفس المادة على أنه “: إذا تبين للوزير وقوع إعتداء من صاحب العمل أو من يمثله بالضرب أو بممارسة أي شكل من أشكال الإعتداء الجنسي على العاملين المستخدمين لديه، فله أن يقرر إغلاق المؤسسة للمدة التي يراها مناسبة، وذلك مع مراعاة أحكام أي تشريعات أخرى نافذة المفعول”.
وينص التعديل المقترح على هذه المادة كما يلي: تعدل المادة 29 من القانون الأصلي على النحو التالي:
أولاً: بإضافة البند 7 الى الفقرة (أ) منها بالنص التالي وإعادة ترقيم البند 7 منها ليصبح (8)، (7) – إذا تعرض لأي شكل من أشكال التحرش الجنسي من صاحب العمل أو من يمثله في أثناء العمل أو بسببه.
ثانياً: بإضافة عبارة (أو التحرش الجنسي) بعد عبارة (الاعتداء الجنسي) الواردة في الفقرة (ب) منها.
ثالثاً: بإضافة الفقرة (ج) اليها بالنص التالي: (ج) – لغايات هذه المادة يقصد (بالتحرش الجنسي): أي ممارسة أو سلوك جسدي أو شفهي ذي طبيعة جنسية أو التهديدات المرتطبة به ويمس كرامة العامل ويكون مهيناً له ويؤدي الى إلحاق الضرر الجسدي أو النفسي أو الجنسي به.”
ورحبت “تضامن” سابقاً بإدراج مصطلح “التحرش الجنسي” في النظام القانوني الأردني ولأول مرة في تاريخه، خاصة وأن الكثير من الأفعال والسلوكيات المندرجة تحت هذا المصطلح معاقب عليها في قانون العقوبات الأردني ولكن تحت مسميات أخرى كجريمة الفعل المناف للحياء وجريمة المداعبة المنافية للحياء وجريمة هتك العرض، إلا أنها غير معروفة للعامة كمصطلح التحرش الجنسي.
ولكن “تضامن” من جهة أخرى ترى بأن التعديلات المقترحة غير كافية وغير شاملة لكافة أشكال التحرش الجنسي، وتبدي على وجه الخصوص الملاحظات التالية:
أولاً: التعديل المقترح لا يعاقب إلا صاحب العمل أو من يمثله، وعلى إفتراض أن كافة العاملين لدى صاحب العمل يمثلونه من الناحية القانونية، إلا أنه يجب أن ينص على ذلك صراحة بحيث يصبح النص “صاحب العمل أو من يمثله أو أي من العاملين أو المتطوعين لديه”.
ثانياً: يجب أن يتضمن التعديل المقترح الى جانب ذلك أفعال وسلوكيات التحرش الجنسي التي يرتكبها المراجعين والعملاء. حيث أظهرت دراسة “ظاهرة التحرش في الأردن 2017” بأن أكثر الفئات التي ترتكب أفعال وسلوكيات التحرش في أماكن العمل هم “الزملاء الذكور وبنسبة 29%، تلاهم المراجعين الذكور وبنسبة 22%، ومن ثم الإداريين الذكور 12% والمدراء الذكور 11.6%.
ثالثاً: لا يشمل التعديل المقترح كافة أشكال التحرش الجنسي، خاصة التحرش الالكتروني والتحرش النفسي، كما أن الأضرار المترتبة على فعل التحرش هي أضرار جسدية أو نفسية، أما الضرر الجنسي فهو الفعل بحد ذاته وليس نتيجة له. فقد أظهرت الدراسة السابقة بأن أكثر أشكال التحرش الجنسي في أماكن العمل إنتشاراً هو التحرش اللفظي (51.6% من أفراد العينة المتحرش بهم في أماكن العمل)، تلاه التحرش الإيمائي (51.5%)، فالتحرش الجسدي (37.4%)، والتحرش الالكتروني (35.8%)، وأخيراً التحرش النفسي (35.3%). وكانت نسبة إنتشار التحرش الجنسي في أماكن العمل بكافة أشكالة بين أفراد العينة 42.3%.
رابعاً: يجب أن تترافق مع التعديلات المقترحة آليات تبليغ مناسبة وآمنة تعمل على الحد من ثقافة العيب والوصمة الاجتماعية التي تلاحق النساء، فالإحصائيات تشير الى أن عدد الشكاوى المقدمة لمديرية التفتيش في وزارة العمل حول التحرش الجنسي محدودة جداً بسبب ذلك.
خامساً: يحرم التعديل المقترح بصيغته الحالية النساء المتحرش بهن من مواصلة العمل في حال تقديم الشكاوى، حيث اعطاهن الحق بترك العمل، ولم يعمل على وقايتهن وحمايتهن مع الحفاظ على عملهن.
سادساً: لا بد من الإشارة وبشكل واضح على أن مكان العمل بالنسبة للعامل / العاملة هو كل مكان يتواجد فيه بسبب العمل، يشمل أيضاً مشاركة العامل / العاملة في أي نشاطات أو برامج أو لقاءات تقتضيها طبيعة العمل حتى ولو كانت خارج الأوقات الرسمية وفي العطل الأسبوعية.
سابعاً: لم يشمل التعديل المقترح الحالات التي يكون فيها العامل / العاملة مرتكب/ه للتحرش الجنسي ضد صاحب العمل / صاحبة العمل، خاصة وأن حالات عديدة تشير الى أن النساء صاحبات الأعمال يتعرضن للتحرش الجنسي من قبل العاملين لديهن، ومن حقهن إنهاء خدمات مرتكبي التحرش، وبالتالي يجب ألا يكون فعلهن فصلاً تعسفياً.
كما وتقترح “تضامن” تعريفاً للتحرش الجنسي وهو :“القيام بإيحاءات جنسية غير مرحب بها تؤدي إلى بيئة عمل عدائية لكل من العامل / العاملة و / أو صاحب العمل / صاحبة العمل أو عندما يعتبر الطرف الذي يتلقى هذه الإيحاءات الجنسية أنها منافية للأخلاق أو أن رفضها سينعكس سلباً أو قد يُعتبر أنه سينعكس سلباً على ظروف العمل الحالية أو المحتملة”.
ومن الأمثلة على التحرش في مكان العمل : الإيحاءات الجنسية في مكان العمل السلوك والإيحاءات الجسدية ، وطلب إسداء معروف جنسي أو فرض إسداء مثل هذا المعروف، وإبداء ملاحظات ذات طابع جنسي، وعرض ملصقات أو صور أو رسومات جنسية واضحة، والإشارة إلى شخص بطريقة مهينة أو مذلّة إستناداً إلى تعميمات على أساس النوع الاجتماعي، والقيام بأي إيحاء غير مرحب به سواء كان جسدياً أو كلامياً أو غير كلامي ذات طبيعة جنسية بطريقة مباشرة أو ضمنية. ومن شأن كل ما ذكر أن يخلق بيئة عمل مرهبة أو معادية أو مهينة أو مهدِّدة، وتدخل غير منطقي في الأداء العملي للشخص الذي يتعرّض للتحرّش، وتعاني ضحية التحرش الجنسي من أي شكل من أشكال الضرر المقرون بالوظيفة أو الترقية أو إعادة التوظيف أو إستمرارية الوظيفة أو تقدم الأعمال، ويكون لرفض الإيحاءات الجنسية وقع سلبي على ظروف العمل عندما يصبح عرض العمل أو شروط العمل أو الترقية أو إعادة التوظيف أو استمرارية الوظيفة رهناً بقبول الشخص لهذه الإيحاءات الجنسية غير المرغوبة أو بمدى إحتماله لها.