الديمقراطية هي الوسيلة الحضارية المتقدمة، خلاصة الفعل البشري ونتائجه في الوصول إلى السلطة، وتداولها، وفق نتائج صناديق الاقتراع، وأبرز أفعالها أنها حوّلت رئيس أقوى دولة في العالم، من رئيس يملك القدرة والنفوذ ومفتاح شنطة التفجير لأكبر عدد من الرؤوس النووية والقنابل الذرية، ويستطيع وضع دول مثل روسيا والصين وإيران وغيرهم في قائمة العقوبات والرصد والضيق.
الديمقراطية حولته من هذه المواصفات السوبر إلى مواطن عادي سيكون تحت الطلب بعد قرار مجلس النواب الأميركي يوم 13/1/2021 بإدانته ونقل الطلب إلى مجلس الشيوخ المتوقع إخفاقه لعدم القدرة على نيل تصويت أغلبية أعضاء الشيوخ ضده.
ترامب القوي الحاكم، بفعل الديمقراطية وصناديق الاقتراع تحول إلى مواطن عادي، رغم حصوله على 74 مليون صوت انتخابي، مقابل خصمه الذي حصل على أكثر من 80 مليون صوتاً من أصوات الأميركيين.
الديمقراطية هي التي فجرت قدرات أميركا وتفوقت بسببها، بينما الاتحاد السوفيتي القوة العظمى الذي وفر لشعوبه حقوقاً متساوية غير مسبوقة في العدالة والعيش الكريم والصحة والتعليم المجاني والضمانات الاجتماعية، تمت هزيمته في الحرب الباردة وسباق التسلح والمبادرة الاقتصادية، لأنه لم يكن يملك الديمقراطية واحتكام قياداته إلى صناديق الاقتراع.
خطيئة ترامب القاتلة، التي جعلت منه مداناً مطلوباً، رغم كل القدرات الاقتصادية التي جلبها للأميركيين، أنه لجأ يوم 6/1/2021 إلى أسلوب غير ديمقراطي في رفض نتائج الحسم الديمقراطي وإفرازات صناديق الاقتراع ليوم الانتخابات 3/11/2020، على رئاسة الدولة.
في البلدان غير الديمقراطية، تلجأ الشعوب وحركاتها السياسية إلى الوسائل غير الديمقراطية لتغيير الأنظمة الاحتلالية، أو العنصرية، أو الديكتاتورية، وذلك عبر الكفاح العنيف، أو الانتفاضة الشعبية، أما النظم الديمقراطية، فالأدوات متاحة لدى شعوبها في تغيير انظمتها وقياداتها عبر صناديق الاقتراع، ولا يجوز ولا تستطيع الحركات السياسية ذات الرغبة الثورية في تحقيق نجاحات، كما حصل لدى العديد من الحركات اليسارية أو اليمينية في أوروبا التي أخفقت في تغيير الأنظمة الديمقراطية السائدة في ألمانيا وإيطاليا وفرنسا واليونان وغيرهم.
ترامب نجح وتفوق على أقرانه الجمهوريين من مرشحي حزبه الجمهوري الخمسة عشر ونال ترشيح الحزب عبر صناديق الاقتراع، وفاز على منافسته الديمقراطية كلينتون عبر الانتخابات عام 2016، وتمت هزيمته أمام منافسه الديمقراطي بايدن عبر صناديق الاقتراع.
في البلدان غير الديمقراطية يتم العمل على شيطنة وإضعاف و»تتفيه» الأحزاب والنواب، بأدوات ووسائل إعلامية وبرامج منظمة، حتى لا تسود قيم الديمقراطية ونتائجها وإفرازاتها، وهذا ما تعانيه شعوب البلدان المظلومة، وتواجهه وهي تحاول أن تتلمس طريقها نحو الديمقراطية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.