زاد الاردن الاخباري -
هدوء حذر يسود مدينة طرابلس اللبنانية بعد ليلة دامية هي الرابعة في مسلسل المواجهات الحامية بين الشرطة ومحتجين على تردي الوضع المعيشي، الذي تفاقم بعد الإغلاق الشامل الذي فرضته السلطات للحد من تفشي وباء كورونا.
وقد أعربت واشنطن عن دعمها لحق الشعب اللبناني في الاحتجاج السلمي، لكنها حثت "جميع الأطراف على الامتناع عن العنف أو الأعمال الاستفزازية"
وتركزت المواجهات التي نجمت عنها عشرات الإصابات، في ساحة النور وأمام مبنى سراي مدينة طرابلس الواقعة شمالي البلاد.
وذكر مراسل الحرة أن القوى الأمنية استخدمت الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، مشيرا إلى سماع أصوات أعيرة نارية، خلال المواجهات.
عشرات الإصابات
وتحدث الصليب الأحمر اللبناني عن إصابة أكثر من مئة شخص بعضهم نقلوا إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وقالت قوى الأمن اللبنانية إنها تعرضت لوابل من الزجاجات الحارقة ما أدى إلى جرح أحد عناصرها.
وأدت مواجهات طرابلس إلى احتراق عدد من المباني والمقار الحكومية، خصوصا مبنى بلدية المدينة.
واقتحمت مجموعة من المحتجين مجمع العزم التربوي التابع لرئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي والذي يضم مدرسة وجامعة مهنية.
وحاول محتجون أيضا اقتحام مبنى وزارة المالية وعددا من مخافر الشرطة لكن الجيش اللبناني حال دون ذلك، حسب مراسلنا.
"إصلاحات ذات مغزى"
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لقناة "الحرة" إن "هذه الاحتجاجات تؤكد على حاجة القادة السياسيين في لبنان إلى إجراء إصلاحات ذات مغزى تستجيب لرغبة اللبنانيين في الشفافية والمساءلة والفرص الاقتصادية".
وغالبا ما يتظاهر محتجون منذ انطلاق تظاهرات شعبية غير مسبوقة، في خريف العام 2019، ضد الطبقة السياسية، شاركت فيها حشود كبير، أمام منازل النواب والوزراء في طرابلس.
"ذلوا المدينة"
وقال عمر قرحاني، وهو أب لستة أطفال عاطل عن العمل، بسخط لوكالة فرانس برس على هامش مشاركته في المسيرة "نجول على منازل السياسيين كافة وطلبنا أن نحرق بيوتهم جميعا كما أحرقوا قلوبنا".
وأضاف متسائلا "لدى هذه المدينة مرفأ ومعرض ومصفاة للنفط وكل المقومات التي لا تملكها الدولة، ونحن المنطقة الأفقر (..) لماذا؟". واتهم قيادات طرابلس بأنهم "ذلوا المدينة".
وقالت "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية إن المحتجين انتقلوا من ساحة عبد الحميد كرامي إلى مقر بلدية طرابلس وبدأوا برشقه بالحجارة وبقنابل المولوتوف "مما أدى إلى اندلاع حريق كبير بداخله".
ويشهد لبنان منذ نحو أسبوعين إغلاقا عاما مشددا مع حظر تجول على مدار الساعة يعد من بين الأكثر صرامة في العالم، بسبب وباء كورونا الذي تسبب في وفاة أكثر من 2500 شخص، لكن الفقر الذي فاقمته أزمة اقتصادية متمادية يدفع كثيرين إلى عدم الالتزام، سعيا إلى الحفاظ على مصدر رزقهم.
واحتجاجات الخميس في طرابلس هي الرابعة على التوالي التي تشهدها المدينة.
وتجاوز عدد المصابين في المواجهات أكثر من 300 شخص، غالبيتهم، ليل الأربعاء.
وأعلنت قوى الأمن الداخلي أن 41 عنصرا وضابطا من صفوفها في عداد الجرحى، وقالت إن 12 منهم أُصيبوا جراء إلقاء قنابل يدوية، وبينهم إصابات بالغة.
وتوفي شاب، الخميس، متأثرا بإصابته خلال المواجهات ليلا، ما أثار غضبا واسعا في المدينة ونقمة ضد قيادييها، وبينهم رئيس حكومة ووزراء سابقون ممن يتصدرون قائمة أثرياء البلاد.
"اهملوا احتياجات أهل طرابلس"
ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى فتح تحقيق في وفاة الخميس. وقالت الباحثة بالمنظمة آية مجذوب "الحكومة أهملت احتياجات أهل طرابلس واستخدمت القوة الغاشمة عندما طالبوا بحياة أفضل".
وأعاد استخدام السلاح الحي في مواجهة المحتجين الجدل حول تصدير السلاح، إلى لبنان.
وحثت منظمة العفو الدولية، الخميس، باريس على تعليق تصدير أسلحة حفظ النظام إلى بيروت ما لم تتعهد باستخدامها بما يتماشى مع القانون الدولي، مؤكدة أن أجهزة الأمن اللبنانية استخدمت أسلحة فرنسية الصنع لقمع متظاهرين سلميين.
وبحسب تقديرات للأمم المتحدة عام 2015، يعاني 26 في المئة من سكان طرابلس وحدها من فقر مدقع، ويعيش 57 في المئة عند خط الفقر أو دونه. إلا أن هذه النسب ارتفعت على الأرجح مع فقدان كثيرين وظائفهم أو جزءا من مدخولهم على وقع الانهيار الاقتصادي، الأسوأ في تاريخ لبنان.