على امتداد التاريخ والجغرافيا لا تتعلق الشعوب بقادتها جزافا، على امتداد التاريخ لا يؤثر القائد بشعبه دون تضحيات ودون إنجازات على الارض، ودون احساس بقربه منهم.
من جلالة الملك عبدالله الاول الى جلالة الملك عبدالله الثاني والأردنيون يعيشون حالة من الثقة والمحبة بين الشعب والقائد.
هذه الثقة والحب لم يأتِ من فراغ، ولم تكن وليدة لحظتها، فمن يقرأ اسلوب وطريقة الحكم الهاشمي بدءا من هاشم القرشي مرورا برسول البشرية محمد صلى الله عليه وسلم، مرورا بالشريف حسين وليس انتهاء بالملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله، يجد ان اسلوب الحكم يقوم على الشراكة والود والحب والثقة، وهي طريقة حكم نجحت في تجاوز الازمات والمحن، وأسست لحالة جديدة من العمل بروح الفريق، مما أنتج انجازا على الارض.
هذا الانجاز تجده في كافة العواصم التي مر بها ال هاشم من مكة الى بغداد الى دمشق الى عمان، ولذلك فان شرعية الحكم التي اسس لها الجد هاشم كزعيم لاعرق القبائل العربية وهي قريش وتسلمها الأبناء كابرا عن كابر وابنا عن اب لم تكن سوى طريق مهد للإسلام والعروبة، الاسلام والعروبة اللذين كانا كالروح والجسد.
ونحن نحتفل اليوم بعيد ميلاد جلالة القائد والملك عبدالله الثاني بالتزامن مع مرور مئة عام على تأسيس المملكة الاردنية الهاشمية، نلمس الانجازات التي تحققت لدولة ليس فيها موارد نفطية، ولا موارد اخرى، سوى الانسان الاردني الذي كان ولا يزال هو النفط وهو الذهب الذي حقق المعجزات وحافظ على وطن يتربص به الجميع.
تسعة وخمسون عاما وجلالة الملك لا يكل ولا يمل، نهارا وليلا من العمل الدؤوب المثمر الذي اوصلنا الى بر الأمان، وحقق للأردنيين حاضرا ومستقبلا ما لا يمكن ان يتحقق في ظل اوضاع دولية غاية في التعقيد، في ظل عدو متربص بِنَا، واعداء ينتظروننا ان نقع، في ظل اوضاع اقتصادية صعبة ومنهكه ومتعبة.
نحمد الله ان حبانا الله بقائد يُؤْمِن بثقافة الانجاز، ولا يلتفت الى الوراء، يمضي دوما الى العلياء، تحركه العروبة والإسلام، عين على عمان والأخرى على القدس، وحين يخلد الى النوم يحلم بغد الاردنيين المشرق الزاهر بما هو افضل دائما.
يلبس الفوتيك اللباس العسكري الذي ألفه شابا وتعلق به، وحين يتفقد البوريه، يمسح بيده على الشيب الذي تكاثر في اخر السنوات.
يتساءل الاردنيون وهم يعرفون الجواب ؛ما الذي شيبك سيدي؟ يعرفون الجواب مثلما يعرفون السؤال، وبينهما تمر صورة الجد عبدالله الاول وقبله شريف مكة، الشيب هو الشيب، والعروبة والإسلام هي العروبة والإسلام.
تنظر الى مرآتك سيدي وانت تصلح وضعية البوريه على الرأس الذي اشتعل شيبا، ثم تأخذ بيد ولي عهدك حسين بن عبدالله وتمضي الى مناورة عسكرية مع رفاق السلاح والتعب، تتغدى معهم على الارض قلاية بندورة، تمازح وكيل القوة، وتضحك مع قائد السرية، تضحك بكل عفوية وصدق، ثم تغادرهم ولا يغادرونك، تحفظ اسماءهم واحدا واحدا، تعود الى البيت ولا أقول القصر، بيت الملك مثل بيوتنا، في التواضع والاثاث، لا تكلف، لا بهرجة، لا زيف، بيت اردني فيه غرفة لجلوس العائلة، طاولة سفرة، غرفة ضيوف، غرف للابناء، لكنه يختلف عن بيوت الاردنيين في كونه البيت الكبير بجلالة الملك، البيت الذي فيه القلب الكبير الذي يتسع لحبنا جميعا.
جلالة الملك، عمرا مديدا، والشيب يطل من مفرقيك، ليشهد انك انجزت للاردنيين وطنا يطاولون به السماء فخرا، وان الشيب الذي تكاثر في شعر رأسك كما يتكاثر الحب في قلبك لنا جميعا.
نفاخر بك الدنيا، ونرهو بك كل صباح ومساء، نحب الشيب في رأسك الذي لا يهدأ وهو يفكر في مستقبلنا ومستقبل ابنائنا، نقول للعالم وبكل زهو وفخر؛ هذا الشيب لنا، يخصنا، يشبهنا، نحب الشيب في رأسك يا مولاي.
كل عام والشيب هو الشيب، والقائد هو القائد، والشعب هو الشعب، حبا، وكرامة، وثقة، ووفاء، والشيب فوقها مولاي.