زاد الاردن الاخباري -
يبدو أن هناك في دولة الكيان الإسرائيلي من المسؤولين الذين يمتلكون حرية الحديث بطلاقة حتى بالنيابة عن دول أخرى، ولعل أهم الشخصيات هناك وأرفعها مستوى هو رئيس هيئة الأركان العسكرية «أفيف كوخافي» الذي أطلق لخياله العسكري ليتجاوز بروتوكولات التفكير بصوت عالي، ففي خطابه في مركز دراسات الأمن القومي الأسبوع الماضي، تحدث عن تحالف عسكري ضد إيران يضم فضلا عن الكيان الإسرائيلي دول عربية وزج الأردن بينهم، وإذ تخرج أعلى رتبة عسكرية في إسرائيل للتحدث بذلك، فهي استجرار للوهم الذي يسيطر عليهم منذ سنوات طويلة حول الخشية من ?طر قادم من الشرق.
الأردن ليس له أي مصلحة في أي مواجهة ولو بقدر مناوشات سياسية مع أي دولة في المحيط، وهذا بالتالي يوضح أن كل ما يقال خارج حدود العاصمة عمان ليس سوى أوهام تدعم موقف القيادة الإسرائيلية لتحسين شروط علاقاتها مع دول عربية جديدة على التطبيع والتعامل مع الكيان، ووضع إطار لصورة الخوف على هذه الدولة المحتلة بأنها مهددة من دولة لم تطلق عليها رصاصة واحدة منذ عشرين عاما، وتقديمها للحلفاء الحقيقيين لإسرائيل في الغرب الأميركي والأوروبي، ولكن مهما يفكرون فإن هذا ليس من شأننا بشيء.
الملك عبدالله الثاني وفي مقتطف من حديثة لوكالة الأنباء الأردنية قال جملة الفصل وهي: «نحن لا نتدخل بشؤون الآخرين ولا نسمح بالتدخل في شؤوننا»، قول جميل، ولكن ما تستمر عليه الماكنة الإسرائيلية إعلاميا على الأقل وسياسيا لدى بعض قادتهم يشذ عن قاعدة الحقائق التي نراها على الواقع، فالدولة الأردنية طالما كانت موضع حديث لشخصيات عبرانية تحط من قدرتها على البقاء أو حماية حدودها أو تغريدات لمصدر مخابراتي يهودي يطرب له فئة المؤمنين بمصداقية العدو ولو كذبوا.
"عاموس جلعاد"وهو أهم منظري السياسة في إسرائيل، انبرى لمهاجمة كوخافي على أفكاره وتوقيت خطابه تجاه إيران وما يدعيه من حلف، واتهمه بتقويض أي فرصة لترطيب العلاقة مع الإدارة الأميركية الجديدة وأن خطابه متساوق مع ما يراه رئيس حكومتهم نتنياهو وفريقه من ريب باتجاهات الرئيس بايدن فيما يخص العلاقة مع إيران والعالم العربي، وندد بكشفه عن خطط هجومية على إيران لمنعها من الوصول الى القدرة النووية، واعتبر ذلك استفزاز للإدارة الجديدة على غرار ما حصل مع إدارة أوباما عقب الاتفاق النووي مع إيران.
عاموس اجتمع في القدس قبل تسع سنوات مع شخصية رسمية أردنية، تقاعدت اليوم، وشرح آنذاك وجهة نظره عن الصراع في سوريا، مؤكدا حينها أن على إسرائيل الحفاظ على بقاء الرئيس الأسد على رأس النظام، وتركه ليواجه المنظمات الجهادية والثورية ذات الأصولية الدينية التي لو اسقطت النظام هناك لواجهت إسرائيل خطرا حقيقا فيما بعد، ولهذا رأينا كيف تم الصمت عن التدخل الإيراني على الساحة السورية ومشاركة حزب الله في الصراع ضد الإنفصاليين والثوار.
الأردن يجب أن يبقى على مسافة واحدة مع الجميع، وهذا ما أكده الملك دائما، وأي حل باستخدام العنف والسلاح لن يجر سوى ويلات جديدة على بلاد العرب، ولهذا فإن على الحكومة الأردنية دحض أي افتراءات تزج بنا في صراعات لا تعنينا، حتى لو كانت القوات الإيرانية على الأراضي السورية قريبة منا.