بقلم المخرج محمد الجبور - يُثير مفهوم العدالة الاجتماعية عدة دلالات وقضايا تختلف باختلاف المُفكرين والكتاب وانتماءاتهم ومعتقداتهم السياسية، ولكن هنالك ثلاثة قضايا تنبع من مدا المفهوم، أولها قضية المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص، وثانيها قضية الضمان الاجتماعي، وثالثها قضية التوزيع العادل للموارد
يتعرض مفهوم العدالة الاجتماعية لمسألة تحقيق المساواة في المجتمع، وتقليل الى أقصى حد ممكن الظلم والاستغلال الاجتماعيين، وفى هذا الإطار ينبغي الإشارة الى نظرية جون رولز حول تطبيق العدالة الاجتماعية، حيث قدم رولز طرحاً لأنواع المساواة التي يجب أن تُحقق داخل الدولة وهما المساواة الاقتصادية والاجتماعية وقال أنه يجب أن يتم تنظيمها وتنسيقها على نحو يجعلها تقدم للأفراد الأقل حظا في المجتمع أكبر نفع ممكن من جهة، ويجعلها تتيح في الوقت نفسه إمكانية الالتحاق بالوظائف والمواقع المختلفة أمام جميع الأفراد في إطار من المساواة المنصفة في الفرص من جهة أخرى. ومن أجل إقامة العدالة الاجتماعية، افترض رولز إقامة “عقد افتراضي” يتكون من عنصرين، الأول هو افتراض وجود الوضع الاصلي والثاني حجاب الجهالة وقال رولز أن هناك نوعان من الأشياء لا يعلمها الأفراد المشاركون في هذا العقد، الأول أنهم لا يعلمون مواهبهم الفطرية، والثاني أنهم لا يعلمون المفهوم الصحيح للخير
يعد الضمان الاجتماعي من أبرز السمات التي تتميز بها معظم نظم الحكم الموجودة في عالم اليوم، ويُعتبر هو أحد الأركان الأساسية للعدالة الاجتماعية، ويشمل الضمان الاجتماعي الحق في الحصول على استحقاقات أو ضمانات مادية وغير ذلك، وفلسفة ذلك هو محاولة ربط نسيج الشعب وتقليل الفجوات بينهم دون تمييز، كما يتضمن عدة أمور من أمثلة، تقديم مساعدات مالية الى الأفراد الأكثر احتياجا في المجتمع، تقديم رعاية صحية جيدة لكل طبقات المجتمع، كفالة الأفراد الذين ولدو في طبقات فقيرة بتقديم لهم تعليم فعال وعمل لائق قدم روبرت نوزيك نظرية لتحقيق العدالة الاجتماعية، والضمان الاجتماعي على وجه الخصوص. أعطى نوزيك في نظريته الدولة دوراً محدوداً قريباً من أفكار الفلاسفة الليبراليين الكلاسيكيين، حيث قال أن الدور الأمثل للدولة يتمثل في عدم التدخل والتطفل بتوزيع الموارد لأن أي تدخل للدولة سيتمثل تعدياً على الملكية الخاصة ودور الدولة ينبغي أن يكون هو حماية الفرد من تعدى الآخرين و تعني العدالة الاجتماعية التوزيع العادل للموارد والأعباء من خلال نظم الأجور والدعم والتحويلات ودعم الخدمات العامة، وبالذات الخدمات الصحية والتعليمية. وإصلاح هيكل الأجور والدخول يتم من خلاله تحديد المستوى المعيشي للعاملين بأجر، ويعكس بصورة أو بأخرى توزيع القيمة المضافة المتحققة في العملية الإنتاجية بين أرباب العمل والعاملين لديهم. وإصلاح النظام الضريبي يتمثل فلسفته فى توزيع الأعباء الضريبية على كافة شرائح المجتمع دون تمييز. وثمة عنصر مهم للغاية في تحقيق توزيع عادل للموارد ألا وهو الدعم السلعي لبعض المنتجات والخدمات وهو بالأساس موجه للفقراء باعتبار ذلك حقهم من موارد الدولة